الجزء الرابع توحه في حارة أبو زيد
أحمديات: الجزء الرابع توحه في حارة أبو زيد
مازالت الكلمة حائرة بين مفهوم لم يُقصد ومقصود لم يُفهم فاجعل كلمتك بسيطة حتى يُفهم مقصدها.
توجهت توحه إلى عملها لمقابلة الأستاذ كمال صاحب المطعم والكافيه لمعرفة طبيعة عملها الجديد وقد تزينت وأضافت جمالًا إلى جمالها واختارت في ثيابها الجديدة ما يبرز أنوثتها.
وما إن رآها الأستاذ كمال حتى فتح عينيه مدهوشًا من جمالها ولم يتمالك نفسه من الإعجاب بتوحه فهي الفتاة البسيطة بنت الحارة التي توقع منذ لقائه الأول بها أن تكون واجهة المكان في استقبال الضيوف وكبار الزوار وأن ترافقه في لقاءاته فهي واجهة العمل.
رحب بها وشرح لها سريعًا دورها وأخبرها أنه سيُعلمها أسلوب وبروتوكول التعامل مع كبار الشخصيات فبدأت تتلقى منه التعليمات يومًا بعد يوم وازداد التقارب بينهما وزادت خبرتها وأصبح صيتها يُتداول بين الزوار الذين كانوا يرتادون المكان فقط لمشاهدتها والحديث معها.
كانت ترى في ذلك نجاحًا في عملها أما كمال فكان يرى أمرًا آخر إذ بدأ يغار عليها من تعاملها مع الزبائن فهى تبتسم وتتحدث بود مع الجميع وهو لا يحتمل ذلك فصاح في وجهها يومًا محذرًا إياها من تبادل الابتسامات والحديث مع الرجال ولم تفهم توحه سبب غضبه فهو من طلب منها أن تفعل ذلك.
عادت في تلك الليلة حزينة وما إن دخلت الحارة حتى وجدت الحزن يخيم على الجميع والدموع في العيون فقد توفي والدها في هذه اللحظات فأرتمت في أحضان والدتها التي لم تحتمل الصدمة وسقطت مغشيًا عليها في حضن ابنتها وكانت آخر كلماتها خذي بالك من نفسك يا توحه أبوك كان يحبك كثيرًا وأنا أحبك أيضًا وبين ذراعي توحه أغمضت عينيها إلى الأبد.
لم تحتمل توحه الصدمة فقد فقدت والديها في لحظة واحدة وسقطت مغشيًا عليها وسط جيرانها الذين سارعوا لإفاقتها ووقفوا بجانبها بكل حب ووفاء.
كانت أم محمود صاحبة البقالة أول من قرر ألا يترك توحه وحدها وقالت إنها ستبقى بجوارها دائمًا خاصة أنه لا أقارب لها سوى أهل الحارة وأوصت جارتها بأن تشرف على المحل وظلت بجوارها تحاول تخفيف حزنها قائلة إن الحياة أمامها وهذه كانت رغبة والديها.
وأخبرتها أن المهندس محمود جارهم الطيب كان يأتي أكثر من مرة للاطمئنان عليها ويحضر لهم كل ما يحتاجونه من طعام وأدوية فانتبهت توحه وقالت هو محمود بقى مهندس ما شاء الله وتذكرت أنه كان يعمل مع الأسطى بندق ليتعلم ويصرف على نفسه حتى تخرج وافتتح معه مركزًا كبيرًا لصيانة السيارات على الشارع الرئيسي.
وفي اليوم التالي حضر عم سيد صاحب الفرن ومعه بعض المخبوزات وقدم تعازيه لتوحه مؤكدًا أن الحارة كلها أهلها ولن يتركوها فشعرت توحه بالاطمئنان بين أم محمود وعم سيد وأهل الحارة وسؤال محمود الدائم عنها.
مرت الأيام وطرقت أم محمود باب توحه لتخبرها أن محمود حضر يحمل بعض المستلزمات التي طلبتها ودخل للاطمئنان عليها وقد احمر وجه توحه خجلًا حين رأت عينيه المليئتين بالحنان.
ومع مرور الوقت جلست أم محمود مع توحه وأخبرتها أن محمود معجب بها منذ زمن وكان ينتظر أن يتخرج ويستقر ليتقدم لخطبتها وقالت لها الظروف اتغيرت يا بنتي فخجلت توحه وعاد إلى ذهنها ذلك اللقاء الأول على باب البيت حين شعرت أن محمود لا يحبها فقط بل يخاف عليها ويريد أن يرعاها.
ابتسمت توحه في صمت فبادرتها أم محمود بالاحتضان وقالت يا بنتي انتي بقيتي أمانة في إيدي ومش ممكن أسيبك إلا للي يحبك ويحافظ عليكي ونقول مبروك يا توحه فاحمر وجهها الجميل ودخلت المطبخ مسرعة.
وكعادة أهل الحارة حمل عم سيد الخبر السعيد إلى محمود في مركز الصيانة وقال له مبروك يا بني ربنا يتمم بخير فطار محمود من الفرح واحتضن عم سيد وذهب إلى عم بندق يخبره بالخبر السعيد وبارك الجميع لهما وسعدت الحارة كلها بزفاف توحه ومحمود لتكون النهاية السعيدة لتوحه في حارة أبو زيد.
قرمشة
خلقت لتسعى وإن سعيك لمشكورًا وسيأتي رزقك بعد سعيك وحتى إن لم يأت فهو رزق وزمنه مكتوب.
الحياة عطاء ولا تسأل عن السبب فإذا علمت لمن تعطي فلن تعطي أعطِ فصاحب العطاء سيعطيك
تحياتي ومن عندياتي.