توتر الأوضاع في مولدوفا قبيل الانتخابات.. موسكو والغرب على خط المواجهة

تشهد مولدوفا واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخها الحديث، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في 28 سبتمبر الجاري.
وقامت السلطات المولدوفية بمداهمات واعتقالات مرتبطة بـ "مخططات مدعومة من روسيا"، ترد موسكو باتهامات مضادة للغرب، في وقت يحذر فيه مراقبون من مخاطر انفجار الوضع محليًا أو تحوله إلى أزمة إقليمية أوسع.
مداهمات واتهامات متبادلة
أعلنت السلطات المولدوفية اعتقال نحو 74 شخصًا في إطار تحقيقات مرتبطة بمخطط قالت إنه مدعوم من روسيا لإثارة الفوضى قبل الانتخابات.
في المقابل، اتهمت أجهزة استخبارات روسية حلف الناتو والاتحاد الأوروبي بالتحضير لنشر قوات أو تنفيذ عمليات عسكرية قرب أوديسا، بما يهدد استقرار إقليم ترانسدنيستر.
هذه الاتهامات المتبادلة عمّقت المخاوف من أن تصبح مولدوفا ساحة مواجهة جديدة بين موسكو والغرب، على غرار ما حدث في أوكرانيا.
خلفية جيوسياسية حساسة
تُعد مولدوفا دولة صغيرة لكنها تقع في موقع بالغ الأهمية، بين أوكرانيا ورومانيا، وعلى تماس مباشر مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. هذه الجغرافيا تجعلها هدفًا رئيسيًا في صراع النفوذ بين موسكو والغرب، خصوصًا مع بقاء ملف ترانسدنيستر – الإقليم الانفصالي الموالي لروسيا – ورقة ضغط دائمة في يد الكرملين.
سيناريوهات محتملة
يرى خبراء أن هناك ثلاثة مسارات رئيسية يمكن أن يتطور إليها الوضع خلال الأسابيع المقبلة:
1. توتر سياسي مع احتواء محلي
الاحتمال الأرجح يتمثل في بقاء التوتر السياسي تحت السيطرة مع بعض الاحتجاجات أو أعمال عنف محدودة، دون انزلاق إلى صراع مسلح.
2. تصعيد داخلي ومخاطر إقليمية
في حال فوز قوى موالية لموسكو أو حدوث فوضى انتخابية، قد تستغل روسيا الموقف لدعم عناصر في ترانسدنيستر، ما قد يستدعي ردًا غربيًا ويزيد خطر سوء الحسابات العسكرية.
3. السيناريو الأسوأ – مواجهة إقليمية
وهو الأقل احتمالًا، لكنه يحمل مخاطر وجودية، ويتمثل في اندلاع قتال واسع داخل مولدوفا أو تحوله إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وقوات الناتو.
تداعيات إنسانية وأمنية
أي تصعيد عسكري قد يقود إلى موجات نزوح جديدة تضغط على رومانيا والاتحاد الأوروبي، فضلًا عن تداعيات اقتصادية وسياسية تهدد مسار مولدوفا نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما يُتوقع أن تتضاعف حملات المعلومات المضللة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مما يضعف ثقة المواطنين بالمؤسسات الرسمية.
دعوات للحذر والدبلوماسية
المحللون يؤكدون أن الحكومات الغربية مطالبة بتعزيز الدعم السياسي والدبلوماسي لكيشيناو، مع تجنب خطوات عسكرية قد تُستغل من قبل موسكو لتبرير التصعيد. كما يُنصح جيران مولدوفا، خصوصًا رومانيا وأوكرانيا، بإدارة وجود قواتهم وتدريباتهم العسكرية بحذر لتفادي زيادة التوتر.
في النهاية الوضع في مولدوفا يظل حرجًا ومعرضًا للاشتعال في أي لحظة، لكن المؤشرات الحالية ترجح استمرار التوتر السياسي أكثر من اندلاع مواجهة عسكرية واسعة.
ومع ذلك، فإن الأيام التالية للانتخابات ستظل اختبارًا حقيقيًا لاستقرار البلاد، وقد تحدد مسارها بين الانضمام التدريجي للاتحاد الأوروبي أو العودة إلى دائرة النفوذ الروسي.