الاكتئاب الموسمي: عندما يؤثر تغير الفصول على الحالة النفسية
تتغير فصول السنة بانتظام، ومعها تتغير حالتنا المزاجية بطرق قد لا ننتبه لها، فبينما يستقبل البعض الشتاء بشعور من الراحة والدفء، يعاني آخرون من اكتئاب موسمي، وهو نوع من الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول، خاصة مع قلة ضوء الشمس وانخفاض درجات الحرارة.
هذه الحالة ليست مجرد “كآبة الشتاء”، بل اضطراب نفسي حقيقي يؤثر على النوم، الشهية، والطاقة العامة.
ما هو الاكتئاب الموسمي؟
الاكتئاب الموسمي أو ما يُعرف بـ الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) هو حالة من الاكتئاب الدوري تظهر عادة خلال أشهر الشتاء، وتتحسن تلقائيًا مع عودة الربيع وازدياد ساعات النهار.
تحدث هذه الحالة نتيجة تغير مستوى الضوء الطبيعي، مما يؤثر على الساعة البيولوجية للجسم وعلى توازن الهرمونات المسؤولة عن المزاج مثل السيروتونين والميلاتونين.

ثانيًا: أعراض الاكتئاب الموسمي
قد تختلف حدة الأعراض من شخص لآخر، لكنها تتشابه إلى حد كبير مع أعراض الاكتئاب العام، وتشمل:
- الشعور الدائم بالحزن أو فقدان المتعة في الأنشطة اليومية.
- انخفاض الطاقة والخمول الجسدي.
- زيادة في ساعات النوم أو صعوبة الاستيقاظ صباحًا.
- تغير الشهية، خاصة الرغبة في تناول الكربوهيدرات والحلويات.
- صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات.
- الانعزال الاجتماعي أو فقدان الرغبة في التواصل.
- الشعور باليأس أو القلق المستمر.
ثالثًا: الأسباب والعوامل المساعدة
- نقص ضوء الشمس الطبيعي في الشتاء يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية.
- انخفاض مستوى السيروتونين في الدماغ، وهو الهرمون المسؤول عن السعادة.
- زيادة إفراز الميلاتونين المسؤول عن النوم، ما يسبب الخمول.
- العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للاكتئاب يزيد من احتمال الإصابة.
- العوامل البيئية: العيش في أماكن تقل فيها ساعات النهار يزيد من شدة الأعراض.
رابعًا: كيف يؤثر الاكتئاب الموسمي على الحياة اليومية؟
الاكتئاب الموسمي لا يقتصر على المزاج فقط، بل يؤثر في جميع نواحي الحياة:
- في العمل أو الدراسة: فقدان الدافع وضعف الإنتاجية.
- في العلاقات: الميل للعزلة والانسحاب الاجتماعي.
- في الصحة الجسدية: ضعف المناعة وزيادة الشعور بالإرهاق.
خامسًا: طرق التعامل مع الاكتئاب الموسمي
رغم صعوبة هذه الحالة، إلا أن التعامل معها ممكن من خلال خطوات عملية تساعد في تحسين المزاج واستعادة التوازن النفسي:
العلاج بالضوء (Light Therapy)
هو من أكثر العلاجات فعالية، حيث يتم تعريض المريض لضوء صناعي يحاكي ضوء الشمس الطبيعي لعدة دقائق يوميًا.
التعرض لأشعة الشمس يوميًا
حتى لو لبضع دقائق في الصباح، فذلك يساعد على تحسين المزاج وتنشيط الساعة البيولوجية.
النشاط البدني المنتظم
الرياضة ترفع مستويات السيروتونين وتقلل من القلق والتوتر.
تنظيم النوم والغذاء
الحفاظ على مواعيد نوم ثابتة وتناول وجبات متوازنة تحتوي على الفيتامينات والمعادن.
الاهتمام بالصحة النفسية
التحدث مع مختص نفسي عند استمرار الأعراض لفترة طويلة.
ممارسة التأمل والأنشطة المريحة
كالقراءة، أو المشي في الطبيعة، أو الاستماع للموسيقى الهادئة.
سادسًا: الوقاية من الاكتئاب الموسمي
الوقاية تبدأ من الوعي يمكن تقليل احتمالية الإصابة من خلال:
- الخروج من المنزل خلال النهار.
- ممارسة نشاط اجتماعي منتظم.
- استخدام الألوان الدافئة في المنزل لزيادة الإحساس بالراحة.
- تجنب العزلة ومشاركة المشاعر مع المقربين.
الاكتئاب الموسمي ليس ضعفًا نفسيًا، بل استجابة بيولوجية ونفسية لتغير الضوء والفصول. ومع الوعي المبكر والعلاج السليم، يمكن التغلب عليه والعودة إلى التوازن.
فالصحة النفسية تتطلب العناية المستمرة، تمامًا كما نعتني بصحتنا الجسدية، لأن العقل الهادئ هو مفتاح الراحة والسعادة.






