عودة صامتة بين الركام.. الفلسطينيون يعودون إلى شمال غزة بعد وقف النار

عاجل- غزة تستقبل أبناءها من جديد.. عودة آلاف النازحين إلى أحضان المدينة المنهكة(شاهد بالصور)

عربي ودولي

فرحة اهل غزة بالرجوع
فرحة اهل غزة بالرجوع إلى منازلهم

 

بدأ آلاف الفلسطينيين، صباح الجمعة، العودة إلى مناطقهم في شمال قطاع غزة بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، في مشهد امتزجت فيه دموع الفرح بالعودة إلى الديار، بدموع الحزن على ما خلّفته الحرب من دمار واسع طال كل تفاصيل الحياة.
وبين الركام والبيوت المهدّمة، يسير العائدون محمّلين بذكرياتهم، يتفقدون منازلهم التي لم يبق منها سوى الحجارة الرمادية.
ورغم أن الاتفاق الأخير الذي أُعلن عنه مساء الأربعاء، بحضور مصري وأممي، أعاد الأمل بإحياء الحياة في شمال القطاع، فإن حجم الدمار الذي يقدّر بنحو 90% من البنية التحتية يجعل عودة الحياة الطبيعية مهمة شاقة تتطلب سنوات من إعادة الإعمار والدعم الإنساني المكثّف.

العودة إلى منازلهم 
العودة إلى منازلهم 

شهادات من قلب الركام

يقول سميح (42 عامًا)، أحد سكان مخيم جباليا، وهو يتفقد أطلال منزله الذي كان يسكنه مع أسرته المكوّنة من سبعة أفراد: "رجعت اليوم بعد شهور طويلة من النزوح، كنت أحلم بهذه اللحظة، لكني لم أتخيل أني سأعود لأجد بيتي كومة تراب، الفرحة بالرجوع كبيرة، لكن الوجع أكبر، هنا كانت ذكريات أطفالي، وهنا كان عمري".
ويضيف سميح أن الطريق من جنوب القطاع إلى المخيم كانت محفوفة بالمخاطر، إذ مر على مئات البيوت المهدّمة والسيارات المحروقة، مشيرا إلى أن الحياة في الشمال تبدو "كأنها توقفت تماما".
أما سائد عبد الغني (36 عامًا) من حي الصفطاوي، فقد وصف المشهد بأنه "مخيف وصامت"، وقال: "لم أتعرف على حينا، كل شيء تغيّر، الشوارع التي كانت تعج بالحياة صارت خالية إلا من الغبار والأنقاض، عدنا لأننا تعبنا من النزوح، لا لأن الظروف هنا أفضل".
ومن حي الشيخ رضوان، تحدّث فادي حسب الله (51 عامًا) وهو يقف أمام منزله المدمر جزئيًا: "العودة فيها فرحة لا توصف، لكن القلب ينزف، نحن نعرف أن ما ينتظرنا صعب، لكن لا شيء أغلى من أرضنا، حتى لو بقينا بين الركام، سنعيد الحياة بأيدينا".
ويؤكد فادي أن جيرانه بدؤوا بتنظيف الشوارع وإزالة الأنقاض بأدوات بدائية، في محاولة رمزية لإعادة الحياة إلى الحي الذي كان يوما من أكثر مناطق غزة حيوية.

الرجوع إلى منازلهم 
الرجوع إلى منازلهم 

استعدادات للإغاثة الدولية

رحبت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالاتفاق بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، مؤكدة في بيان لها أن الاتفاق "يثير ارتياحا كبيرا"، وأنها على استعداد لإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع لتلبية احتياجات السكان.
وقال فيليب لازاريني، المدير العام للوكالة، في منشور على منصة "إكس" إن الأونروا تمتلك إمدادات كافية من الطعام والدواء والمواد الأساسية لتغطية احتياجات جميع سكان غزة على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، في حال توفر الظروف الأمنية المناسبة لإيصالها.
ويتضمن الاتفاق الذي أُعلن مساء الأربعاء بدء تبادل الأسرى يوم الاثنين المقبل، إلى جانب انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من بعض أجزاء القطاع، والسماح بإدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا، وفق ما نصت عليه المرحلة الأولى من الخطة التي أُعلن عنها في مدينة شرم الشيخ المصرية.

فرحة عارمة بين اطفال غزة
فرحة عارمة بين اطفال غزة

نداء إنساني عاجل

وجّه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان نداءً عاجلا إلى المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في غزة، دعاها فيه إلى نقل جزء رئيسي من عملياتها إلى محافظتي غزة وشمال القطاع، مع بدء عودة مئات آلاف النازحين إلى مناطقهم.
وقال المرصد إن الاحتياجات الإنسانية في شمال غزة "هائلة وغير مسبوقة"، مطالبا بإعادة توجيه الجهود نحو هذه المناطق المنكوبة التي تشهد نقصا حادا في الغذاء والمياه والدواء، ومؤكدا ضرورة تحقيق توازن في توزيع المساعدات بين الشمال والجنوب.


وأشار المرصد إلى أن محافظتي غزة وشمالها تمثلان اليوم مركز المأساة الإنسانية الأعمق في القطاع، بعد أن دمرت البنية التحتية بنسبة تقارب 90%، وتحوّلت أحياء بأكملها إلى ركام، في ظل غياب شبه تام لأي وجود إنساني فعّال أو خدمات أساسية.
كما نبّه المرصد إلى أن الحصار المطبق على مناطق الشمال أدى إلى شلل تام في منظومة الحياة، حيث توقفت المستشفيات والمراكز الصحية، ونفدت الأدوية، وانقطعت شبكات المياه والكهرباء، ما أجبر السكان على استخدام وسائل بدائية للحصول على المياه، وتسبّب في انتشار الأمراض والأوبئة.