حكم مشاهدة المسلسلات في نهار رمضان.. الإفتاء توضح

حكم مشاهدة المسلسلات في نهار رمضان.. يأتي شهر رمضان كفرصة عظيمة للمسلمين لتهذيب النفس وتعزيز القرب من الله، وهو أكثر من مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل يشمل ترويض الجوارح وحفظ السلوك من كل ما يُنقص الأجر أو يُضعف الروحانية.
ومع ذلك، يواجه البعض تحديات تتعلق بكيفية استثمار هذا الشهر الفضيل، خاصة مع انتشار العادات التي قد تؤثر على ثواب الصيام، مثل الانشغال بالمحتوى الترفيهي أو ارتكاب أفعال تتنافى مع مقاصد الصيام الحقيقية.

حكم مشاهدة المسلسلات في نهار رمضان
وفي هذا الصدد، أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، أن متابعة المسلسلات خلال ساعات الصيام لا يُبطله، لكنها قد تؤثر على الأجر، خاصة إذا تضمنت مشاهد لا تتماشى مع القيم الإسلامية.
ولفت إلى أن الصيام ليس مجرد كفٍّ عن المفطرات، بل هو وسيلة لتنمية التقوى، مستشهدًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
وأشار إلى أن الإفراط في مشاهدة المسلسلات والبرامج الترفيهية قد يُهدر وقت الصائم، ويصرفه عن عبادات أساسية مثل الصلاة وتلاوة القرآن والذكر، وهي الأعمال التي تبقى مع الإنسان يوم القيامة، على عكس عدد الحلقات التي تابعها، حسب تعبيره.
وأضاف أن الغاية من رمضان هي تزكية النفس وتعزيز الروحانية، وليس الانشغال بالمحتوى الذي قد يُبعد الصائم عن جوهر الشهر الكريم.
وأكد أنه لا يعارض الفنون بشكل عام، لكنه يرى أهمية الموازنة بين الترفيه والعبادة، لضمان تحقيق الفائدة الروحية المرجوة من الشهر الفضيل.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن الإنسان مسؤول عن وقته واختياراته، ومن أراد اغتنام رمضان بشكل صحيح، فعليه الحرص على تجنب كل ما يُشتت ذهنه عن جوهر الصيام، مؤكدًا أن الحرية في قضاء الوقت تأتي مع مسؤولية اختيار ما ينفع الروح ويُقربها من الله.
ما هي الأفعال التي تذهب أجر الصيام؟
ومن جانبه، أوضح الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية، أن بعض السلوكيات قد تحرم الصائم من قبول صيامه، مستندًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [رواه البخاري].
وبيّن أن قول الزور يشمل الكذب، وشهادة الزور والغيبة والنميمة، بينما يشمل العمل بالزور أفعالًا مثل الظلم والخداع والغش وأكل أموال الناس بغير حق.
وأكد أن ممارسة هذه الأفعال خلال الصيام قد تُذهب أجره، حتى لو بقي صحيحًا من الناحية الفقهية.
وأضاف أن الصيام ليس مجرد التوقف عن المفطرات، بل هو تدريب للنفس على الصدق والأمانة وضبط السلوك، محذرًا من التهاون في الأخلاق والمعاملات، لأن ذلك قد يُفرغ الصيام من جوهره، ويجعل الإنسان يفقد الثواب المرجو منه.