◄الفيروس أصبح موجودًا في كل المدن الصينية بنسب متفاوتة
◄الفيروس غامض إلى الآن ولا يوجد معرفة كذلك بمصادر الإصابة
◄مما يزيد الأمور رعباً أن بعض الحالات المصابة لا يظهر عليها أعراض المرض
◄تطوير المصل يحتاج على الأقل 6 شهور في ظل عمل متواصل
◄الصعوبات تكمن في عدم معرفة طبيعة هذا الفيروس
◄استبعد أن يكون مجيء الفيروس عن طريق تناول الطعام
رعب يجتاح الأجواء، ومدن بأكملها في الصين تخلو من البشر، إذ بات الجميع يلوذ بأركان بيته، ولم تعد إلا حالة الأشباح مثلًا ومعلمًا يجسّد حجم المأساة التي يعيشها العالم حاليًا مع فيروس كورونا القاتل، الذي لا يزال محيرًا للجميع، وغامض غموضًا يجلب الفزع الشديد مع انتشاره الهائل، وقطاره الذي لا يهدأ، السائر حد سرعة الصاروخ.
وأجرت "الفجر"، حوارًا مع الدكتور "فايد عطية"، وهو باحث مصري متخصص في الفيروسات الطبية والمناعة، يقيم في مقاطعة غوانغدونغ الصينية، ويعمل أستاذَا مساعدَا في كلية الطب جامعة شانتو بقسم الفيروسات الكبدية وأبحاث الخلايا الجذعية والمناعة، حول طبيعة الفيروس الغامض وآخر التطورات الخاصة بسبل محاربته.
صف لي الوضع بشكل عام والمشهد الحالي لديكم؟
الوضع حاليًا صعب للغاية وهناك غلق كبير لأوجه المعيشة في الصين باستثناء القليل جدًا مما يسمح بالنزول بصعوبة بالغة للحصول على الاحتياجات المعيشية.
ما هو حجم انتشار الفيروس على مستوى مدينتك وكافة أرجاء الصين؟
بالنسبة لانتشار الفيروس العام أصبح موجودًا في كل المدن الصينية بنسب متفاوتة، وبالتأكيد تعدت الحالات إلى خارج الصين مما يزيد من صعوبة الوضع، أعداد الإصابات تزداد ساعة بعد ساعة وكذلك أعداد الوفيات والقنوات الصينية دائما تتابع هذه الحالات وتذيعها على المواطنين.
بخصوص منطقة إقامتي أنا موجود في مدينة شانتو بمقاطعة غوانغدونغ، وهي واقعة جنوب شرق الصين بالقرب من تايلاند، وصلت الإصابات في مدينتنا شانتو إلى 16 حالة ودائما ما نسمع صوت صافرات الإسعاف، وتعتبر هذه الأرقام مخيفة جداً ومرعبة بالنظر لمساحة المدينة الصغيرة.
بالنظر إلى تخصص حضرتك.. كيف ترى طبيعة المرض وماذا عن جهود الباحثين في هذا الجانب؟
بالنسبة للمرض هو غامض إلى الآن ولا يوجد معرفة حتى الآن بمصادر الإصابة وطرق انتقال العدوى وهو ما يعقّد من الأمور وتزيد معها خطورة الأوضاع.
العلماء لا يزالون يبحثون الأمر ويكتشفون أسرارًا جديدة حول الفيروس، قالوا إن مصدر الفيروس حيواني لكنهم لم يحددون نوعية الحيوانات والكارثة تزداد كذلك مع انتقاله بين البشر وهو مؤشر خطير للغاية.
الصين اتخذت بعض الإجراءات فيما يخص اختبارات الفيروس لكنه لا يعدو عن كونه تشخيصا فقط، ولا يوجد إلى الآن علاج أو مصل للفيروس.
كيف تفسر الحالات التي تحصل على العلاج وتستعيد عافيتها؟
هناك بعض الحالات تحصل على المحاليل اللازمة التي تهدئ من الأمور لديها، لأن المشكلة الأساسية تكمن في الصراع الكائن بين الفيروس والمناعة، وهناك من لديه مناعة قوية يستطيع المقاومة.
البعض يقول إن هناك حالات مصابة بالفيروس ولكن لا يظهر عليها أعراض المرض.. هل هذا صحيح وماذا يعني ذلك؟
نعم بالفعل هناك حالات تكون مصابة بالفيروس ولكن لا يظهر عليها أعراض المرض وهذا يزيد من خطورة الأوضاع وينشر حالة من الفزع والخوف الرهيب، ويجب على الجميع أن لا يستهين بهذا الفيروس القاتل.
هناك حالة من المزاح ربما تلاحظها بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما لدينا في مصر.. هل ترى ذلك مناسبًا وماذا تقول لهؤلاء؟
الأمر لا يحتمل حالة التهريج المنتشرة، والموضوع خطير للغاية لا يستوجب المزاح على الإطلاق، من منطلق تخصصي في الفيروسات أؤكد أنه لأول مرة في تاريخ البشرية نواجه مرض مجهول، لا يُعرف له معالم حتى الآن.
هل يمكننا أن نتوقع في ظل صعوبة التعرف على طبيعة الفيروس إيجاد أو تطوير مصل في فرصة قريبة وما هي الفترة التي يمكن ترشيحها؟
فكرة تصنيع الأمصال أولًا ترتبط بعدة خطوات مهمة تأتي في طليعتها دراسة الفيروس على درجة عالية جدًا، والتعرف على جميع المعلومات الخاصة به من المادة الوراثية وطرق العدوى وطريقة الانتشار، بالإضافة إلى تضاعفه وتكاثره في الجسم وتطور المرض الذي يؤدي في النهاية إلى الوفاة عبر تدمير الرئة، ثم يتم عزل جزء من هذا الفيروس ثم المصل الذي يتم تجربته بعد ذلك لاكتشاف مدى تأثيراته.
بخصوص التوقيت أو الفترة فهذه العملية لا يمكن أن تتم في وقت قريب وهي على أقل تقدير 6 شهور شغل متواصل باجتماع جهات متعددة.
ألفت النظر أيضًا إلى أن هناك فرق بين تصنيع الأمصال والعلاج، فإيجاد العلاج لهذا المرض يحتاج فترة أطول حيث يحتاج دراسة عميقة للغاية، كذلك من خلال عدة خطوات لا يمكن تخطيها بأي حال من الأحوال، مثل التأثيرات بمختلف أنواعها ودراسة دقيقة جدا تتعلق بالفيروس ذاته، وهو بالتأكيد أصعب بكثير من إيجاد مصل للمرض.
ما هي الصعوبات الحالية التي تواجه الباحثين في إيجاد مصل لهذا الفيروس القاتل؟
الصعوبات لا تكمن في عدم توافر الإمكانيات بل هناك إمكانيات جبارة، وهناك جهات عالمية تستطيع إيجاد المصل، لكن الصعوبات تكمن في عدم معرفة طبيعة هذا الفيروس حتى الآن وكذلك المدة التي لا تزال غير معلومة لطبيعة الفيروس المبهم.
صفحات التواصل الاجتماعي تعج بصور من أنواع الطعام الغريب كالحيوانات والحشرات التي يأكلها الصينيون.. هل هذه الصورة حقيقية وما مدى انتشارها هناك؟
بالنسبة لتناول الطعام من العادات في الصين هو تناول كل شيء بالفعل لكن ما يتعلق بالقطط والكلاب وما شابه ذلك ليس منتشرًا في الصين بالصورة المرعبة الذي يصورها البعض، ولكنه يتواجد في مواسم معينة في بعض الاحتفالات وفي بعض المدن وهي قليلة جدًا، لكن في العموم لهم عادات غريبة في الطعام، كما يحضرونه بطرق مختلفة.
الكثير يحمّل الحيوانات التي يتناولها البعض السبب في تفشي الفيروس.. ما مدى صحة هذا المعتقد؟
أستبعد أن يكون مجيء الفيروس عن طريق تناول الطعام، وإنما على الأرجح هو أن الفيروس حدث له تحور في أحد الحيوانات وهو على قيد الحياة ثم انتقل من الحيوان للإنسان، عن طريق أحد المزارع وما شابه ذلك، مع التأكيد أنه فيروس حيواني بالدرجة الأولى، لكن ما يبعث على الغرابة هو انتقاله من الحيوان للإنسان ثم تكاثره بين البشر.
هل يمكن أن تتخذ الحكومة الصينية إجراءات تمنع تناول هذه الأطعمة الغريبة؟
من الصعب تغيير ذلك لأنها ترتبط بعادات وتقاليد وتعبر عن ثقافة شعبية بالدرجة الأولى ولا أعتقد حتى أن تُقدم الحكومة على اتخاذ مثل هذه الإجراءات، خاصة أن الصين بلدًا شيوعيًا يسمح لك فيها بكل ما تريد باستثناء التعدي على ما يخص الدولة أو حرية الآخرين.
كيف بدأت رحلتك للصين وما سبب ذهابك؟
بدأت رحلتي للصين قبل العام الماضي وتحديدا بداية عام 2018 وهي مرحلة تعرف بـ"منحة ما بعد الدكتوراه"، أعمل باحث بعد حصولي على الماجستير والدكتوراه، على موقع أستاذ مساعد في كلية الطب جامعة شانتو بقسم الفيروسات الكبدية وأبحاث الخلايا الجذعية والمناعة، وتكون لمدة عامين أو أقل بحسب طبيعة العمل.
ماذا عن تخصص دراستك؟
تتعلق دراستي بالفيروسات الطبية والمناعية، حصلت على الماجستير عام 2009، ثم الدكتوراه عام 2014، وحاليًا أعمل دكتور باحث في مدينة الأبحاث العلمية في برج العرب، معظم أبحاثي تتعلق بفيروسات الكبد والأبحاث الخاصة بسرطان الكبد وكل ما يتعلق بهذا التخصص.
لدي إلى الآن حوالي 9 أبحاث في مجلات عالمية، كما أشرفت على 5 رسائل ماجستير ودكتوراه.
ما هي مجالات أبحاثك الحالية وماذا تأمل من طموحات في المستقبل؟
أعمل على العديد من الأبحاث لاستخلاص أدوية جديدة خاصة بتلك الفيروسات الكبدية، على مستوى أبحاث الخلايا الجذعية والخلايا السرطانية وحيوانات التجارب، كما نعمل على أبحاث سرطان الكبد، بدراسة الجهاز المناعي وكيف يمكن تحفيزه بحيث يهاجم الخلايا السرطانية، وهو من الموضوعات الجديدة في العالم كله، ويعتبر هذا أفضل توجه مطروح لعلاج السرطان حالياً، بدلا من العلاج بالكيماوي والإشعاعي والجراحي.
بالنسبة لطموحات المستقبل، آمل في إيجاد وتطوير أدوية حديثة لفيروسات الكبد وخاصة فيرس B نظرًا لخطورته وضراوته الشديدة، كما آمل في الرجوع لمصر والعمل في ذات الاتجاه وتطوير هذه الطرق كي نفيد الناس وخاصة المرضى.