تعرف على موقف السيسي من مرشحي رئاسة أمريكا "ترامب" وكلينتون"
ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن مصر دخلت ميدان الانتخابات الرئاسية الأمريكية من أوسع الأبواب ولكن في أصعب الظروف، لافتة إلى أنها قد حمّلت جزءا كبيرا من مسؤوليتها للقوى الغربية سرعان ما وجدت نفسها بين خيارين لا يمكنها فعلا التأثير بهما بين الجمهوريين والديمقراطيين وإن كان التأثر المتوقع أكيدا بسبب موقع مصر وصلاتها العسكرية والدبلوماسية مع واشنطن.
مصر كانت في قلب المواجهة بين ترامب وكلينتون منذ بداية الحملات المتبادلة بينهما في مايو الماضي، آنذاك سقطت الطائرة المصرية التي كانت في رحلة من باريس إلى القاهرة، وسرت شائعات حول الأسباب، وسرعان ما غرّد ترامب عبر حسابه بموقع تويتر محملا المسؤولية لـ"الإرهاب" قبل انتظار المزيد من التفاصيل، ووصف الإرهاب بأنه "مرض داخل الإسلام" محملا ضعف الولايات المتحدة مسؤولية ظهوره.
واستدعت تصريحات ترامب ردا عنيفا من كلينتون التي اعتبرت تعليقاته مبررا كافيا لعدم جواز دخوله البيت الأبيض وعدم أهليته لتولي الرئاسة، وقد قالت ذلك في تصريحات مباشرة لـCNN آنذاك ذكرت فيها أنها استنتجت بأن ترامب "ليس مؤهلا لمنصب رئيس أمريكا" خاصة وأنه لم ينتظر نتائج التحقيقات واندفع لاتهام جهات معينة بعد وقت قصير على الحادثة.
ترامب كان قد حمّل كلينتون مسؤولية الأحداث في العالم العربي، بما في ذلك أحداث مصر، وقال في كلمة له في نهاية يوليو الماضي، إن الإرث الوحيد الذي تركته خلفها بعد توليها حقيبة وزارة الخارجية هو "الموت" مضيفا أنها مسؤولة عن "بروز داعش" وزرع الفوضى في "العراق وليبيا وسوريا ومصر".
وفي يونيو الماضي، اتهم ترامب، منافسته الديمقراطية بإطاحة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتمهيد الطريق للإخوان المسلمين قائلا: "عندما تولت كلينتون وزارة الخارجية عام 2009 كان العالم مكانا مختلفا، ليبيا كانت دولة متعاونة بينما كان العراق يشهد تراجعا بمعدلات العنف كما كانت سوريا تحت السيطرة وإيران مختنقة بالعقوبات ومصر يحكمها نظم صديق يحترم معاهدة السلام مع إسرائيل، ولم يكن تنظيم داعش موجودا حتى".
وزعم المرشح الرئاسي الأمريكي أنه بحلول عام 2014 كانت كلينتون قد "خربت الشرق الأوسط برمته"، و"ساعدت على الإطاحة بنظام صديق (في مصر) واستبدلته بنظام متشدد تابع للإخوان المسلمين، وقد تمكن الجيش المصري من استرداد السيطرة لكن كلينتون فتحت علبة الشرور الخاصة بالإسلام المتطرف" وفق تعبيره.
ولعل النقطة البارزة في الموقف المصري من الانتخابات الرئاسية الأمريكية كانت في 20 سبتمبر 2016، عندما استقبل الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، كلاً من ترامب وكلينتون، ليخرج ترامب بعدها معلنا تقديره للرئيس المصري وشعبه بسبب "دفاعهما عن بلادهما ومصلحة العالم"، مؤكدا أن العلاقات مع القاهرة ستتعزز بحال وصوله للسلطة، وأن بوسع مصر أن "تعتمد عليه".
أما خلال اللقاء مع كلينتون، فقد صرح السفير علاء يوسف، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أن السيسي استعرض معها "التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مصر، مشيراً إلى إتمام استحقاقات خارطة الطريق بنجاح، وإرساء المبادئ الواردة بالدستور بشأن الفصل بين السلطات، وتشكيل مجلس النواب الجديد، فضلاً عن تبني رؤية 2030 لتحقيق التنمية المستدامة."
ويبدو أن لقاء كلينتون مع السيسي كان أكثر رسمية، خاصة وأنه جاء في ظل التوتر بين القاهرة وإدارة البيت الأبيض الديمقراطية. وذكر أحد مساعدي كلينتون لـCNN أن المرشحة الديمقراطية "ركزت على أهمية احترام حكم القانون وحقوق الإنسان ضمن مستقبل التطور في مصر" كما ناقشت "طرقا لتعزيز التعاون ضد الإرهاب، وخاصة محاربة داعش".
وتطرقت كلينتون خلال اللقاء إلى ضرورة الإفراج عن المواطنة الأمريكية آية حجازي الموقوفة في مصر منذ عام 2014. وقال أحد مساعديها إن اللقاء لا يعني إمكانية حصول تبدل في السياسة حيال مصر ولكنه يعكس "فهما لتعقيدات العلاقات الأمريكية مع مصر التي تعتبر دولة أساسية في توازنات القوى بالشرق الأوسط."
وبعد اللقاء مع المرشحين، أجرى السيسي مقابلة مع CNN جرى التطرق فيها مباشرة لرأيه بالانتخابات الأمريكية، فرد الرئيس المصري حول مدى إمكانية أن يكون ترامب قائدا قويا بالقول: "بدون شك"، كما قلل من أهمية التصريحات التي يطلقها ترامب حيال المسلمين بالقول إن الكثير من المواقف تصدر خلال الحملات الانتخابية ولكنها تتغير لاحقا.
وعند سؤاله عن كلينتون وما إذا كانت ستصبح رئيسة جيدة قال: "الأحزاب هنا - في أمريكا - لا تسمح للمرشحين بالوصول إلى هذه المرحلة إلا إذا كانوا مؤهلين لقيادة بلد بحجم الولايات المتحدة الأمريكية". كما علق على تصريحات سابقة لكلينتون تصف فيها الوضع في مصر بأنه "ديكتاتورية عسكرية" قائلا إن بلاده ليس فيها فرصة للديكاتورية بسبب وجود دستور وقانون وإرادة شعبية.
الصحفي عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة "الشروق" كان قد كتب نهاية سبتمبر الماضي مقالا حمل عنوان "الأفضل لمصر.. كلينتون أم ترامب؟" قال فيه إن سؤال أيهما أفضل لمصر، كلينتون أم ترامب، "يتردد كثيرا منذ بدء الحملة الانتخابية، ويزيد طرحه والجدل بشأنه كلما اقترب موعد الانتخابات".
وتابع حسين بالقول إنه من "الأخطاء الفادحة التي ترتكبها بعض الحكومات العربية هو رهانها العلني على أحد المرشحين، بل وتطوعها لتمويل حملته" مضيفا: "هناك اعتقاد شائع لدى كثيرين في مصر، بأن فوز ترامب أفضل لنا، لأنه وعد بإدراج جماعة الإخوان على لائحة الإرهاب، في حين أن كلينتون الديمقراطية ضد ثورة٣٠ يونيه.. قد يكون هذا الانطباع صحيحا جزئيا، لكن الناس تنسى أيضا أن ترامب هو عدو غالبية البشرية، هو متطرف وإقصائي وعنصري، ويردد دائما أنه سيطرد العرب والمسلمين من أمريكا حال فوزه، وتصريحاته المتطرفة لم تتوقف منذ بدء حملته الانتخابية."
وتابع: "مرة أخرى أيهما أفضل لمصر ترامب أم كلينتون؟. لو فاز ترامب فقد نكسب مؤقتا بعض الشعارات الجميلة، لكننا سنخسر كعرب ومسلمين الكثير على المدى البعيد، إذا طبق شعاراته على الأرض. أما إذا فازت كلينتون، فقد تكون متحفظة إلى حد ما في سياساتها معنا، لكن ليست بطريقة أوباما، في حين أن العلاقة قد تستقر على المدى البعيد.. خلاصة القول: علينا أن نكون عمليين ونبحث عن مصالحنا، ونجلس مع كل المرشحين ونحاول الحصول على أكبر نسبة من المكاسب لبلدنا ومنطقتنا، وألا نندفع أو نطلق تصريحات عنترية عاطفية غير محسوبة، نندم عليها لاحقا وندفع ثمنها كثيرا".