دراسة: 18 قرارا اقتصاديا كان من الممكن أن ينقذ مصر من أزمتها قبل "تعويم الجنيه"
رغم إعلان البنك المركزي، تعويم الجنيه بشكل كامل، وإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي، إلا أن الخبير الاقتصادي رائد سلامة، كان له رأيًا آخر للإصلاح الاقتصادي، قدمها للمؤتمر الإقتصادي الذي عُقد يوم ٢٨ مايو الماضي بالشراكة ما بين التيار الديمقراطي والمنتدي الوطني تحت عنوان "الإصلاح الإقتصادي بين تحديات الواقع وإمكانات الحل".
وتنشر "الفجر" الدراسة التي قدمها الخبير الاقتصادي رائد سلامة، وهي كالتالي:
تتمثل مشكلات المالية العامة، وفقًا للدراسة، في:
- الديون (47.8 مليار دولار و2 تريليون و 130 مليار جنيه مصري بنهاية ديسمبر 2015 حسب البنك المركزي) والمتوقع حسب الموازنة المقدمة لعام 2016-2017 أن تصل إلى نحو 3.1 تريليون جنيه بنسبة 96% من الناتج المحلي.
- العجز في الموازنة العامة (223 مليار جنيه خلال يوليو - فبراير 15/16 مقارنة بـ186 مليار جنيه خلال يوليو - فبراير 14/15 أي بزيادة قدرها 20%) والمتوقع حسب الموازنة المقدمة لعام 2016-2017 أن يصل إلى نحو 319 مليار جنيه.
- الاستيراد (نحو 60 مليار دولار سنويًا وعجز ميزان المدفوعات بنحو 40 مليار دولار).
- تردي موارد الدولة من السياحة بسبب الفشل في مواجهة الإرهاب، والبترول بسبب انخفاض أسعاره عالميًا، وقناة السويس بسبب انخفاض حجم التجارة العالمية.
- أزمة الدولار وارتباطها بالديون والعجز والاستيراد وتردي السياحة (إحتياطي النقد الأجنبي بلغ 17 مليار جنيه، فإذا ما قمنا باستبعاد قيمة ما لا يمكن تسييله وتحويله إلى نقد من مكونات الاحتياطي كالذهب بـ2.5 مليار دولار وحقوق السحب الخاصة بمليار دولار وما يتعين سداده من قروض خلال سنة بـ6.5 مليار دولار فإن هذا يعني أن قيمة الاحتياطي الحقيقية هي 9 مليارات دولار وهي تكفي بالكاد لسداد إستيراد شهرين فقط بما ينذر بمزيد من تدهور سعر العملة المحلية نتيجة ارتفاع الطلب علي الدولار).
- تدني الإنفاق الاجتماعي مع ازدياد مستمر في معدلات الفقر وانزلاق متسارع لشرائح مجتمعية نحو الأسفل واستفحال أزمات الصحة والإسكان والتعليم وانتشار العشوائيات واستفحال البطالة وضعف الإدخار القومي.
- سوء إدارة الجهاز الحكومي وفساد كثير من قطاعاته.
وطرحت الدراسة عدة حلول، تتمثل في
1- إصلاح المالية العامة وتغيير نمط الاقتصاد المصري.
2- ثورة تشريعية في سياق حل الأزمة الاقتصادية وحتمية الانفراج الديمقراطي بالمجال العام وفتح آفاق الحريات.
أولا: إصلاح المالية العامة وتغيير نمط الاقتصاد المصري:
تغيير فلسفة إعداد الموازنة العامة للدولة لتعظيم الموارد الحقيقية وعدم الاقتصار على التعامل معها من خلال خطط التقشف وخفض الإنفاق العام مع اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بإصلاح المالية العامة على المستويين قصير ومتوسط وطويل الأجل.
- المستوى قصير الأجل (ويطبق بموازنة ٢٠١٦-٢٠١٧ التي مازالت تحت اعتماد مجلس النواب) بما سيخفض عجز الموازنة بما يصل إلى ما لا يقل عن ١١٠ مليار جنيه وعجز الميزان التجاري بنحو ٨ مليار دولار كما يلي:
1- تحصيل فروق أسعار الأراضي التي بيعت في عهد مبارك بما سيدعم موازنة الدولة بما لا يقل عن ٥٠ مليار جنيه.
2- الضم الفوري الكامل للصناديق الخاصة لموازنة الدولة بما لا يقل عن ٢٠ مليار جنيه.
3- إلغاء دعم الطاقة من على الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة وإلغاء دعم المصدرين بما سيوفر نحو ١٥ مليار جنيه.
4- إلغاء بند الاحتياطيات العامة ومصروفات المستشارين من موازنة الدولة بما سيوفر نحو ١٥مليار جنيه.
5- التطبيق الفوري للضرائب التصاعدية التي نص الدستور عليها بما سيوفر نحو ١٠ مليارات جنيه.
6- الإيقاف الفوري لبرنامج الخصخصة والتوقف عن طلب مزيد من القروض من العالم الخارجي وبالذات من صندوق النقد، واقتصار ما يتم الحصول عليه منها لاستخدامه في مشروعات تنموية.
7- وقف استيراد بعض السلع الاستهلاكية التي يمكن الاستغناء عنها والاعتماد علي البديل المحلي لمدة عام واحد أو إصلاحها بدلاً من إحلالها بأخرى جديدة فقط مثل الثلاجات والتلفزيونات وسيارات الركوب والملابس الجاهزة والمنسوجات القطنية بما سيوفر نحو ٣.٥ مليار دولار مع ضغط الإنفاق إلى النصف لمدة عام واحد فقط على ما يتم استيراده من الحاسبات الآلية والمحركات والمولدات والأجهزة الكهربائية والهواتف وأجهزة التصوير السينمائي بما سيوفر نحو ٥ مليارات دولار حتي يتعافي احتياطي النقد الأجنبي.
- المستوى متوسط - طويل الأجل:
1- التخطيط لتغيير نمط الاقتصاد المصري وتحويله من ريعي-استهلاكي إلى إنتاجي-تنموي مع وقف الاعتماد الكامل على الخارج إلا فيما تقتضيه الضرورة لضمان تنمية متمحورة على الذات تكفل استقلالاً وطنياً حقيقياً خلال فترة تتراوح ما بين ٥ إلى ٨ سنوات من خلال بناء عملية تصنيع كبرى وتطوير الزراعة بما يحقق اكتفاء ذاتياً من الغذاء والسلع والبضائع دون إهمال الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي والإسكان بخلاف ما تقتضيه التنمية من مشروعات للطاقة النووية والشمسية وتطوير العشوائيات والإسكان كما سيرد ذكره في أوراق المؤتمر المتعددة.
2- رصد ٣٠٠ مليار جنيه لتطوير الصناعة يتم توفيرها من التمويل من البنوك المحلية على فترة تتراوح ما بين ٣ إلى ٥ سنوات بما ما من شأنه أن يوفر ما لا يقل عن ٨ مليارات تمثل نصف ما يتم استيراده من سلع غير بترولية وغير زراعية.
3- رصد ٧٠ مليار جنيه سنوياً للإنفاق على التعليم والبحث العلمي والصحة (بالإضافة إلى المرصود حالياً بالموازنة) من خلال ما يتم توفيره من جراء تغيير فلسفة إعداد الموازنة حسبما سبق ذكره.
4- رصد ٤٠ مليار جنيه سنوياً للإنفاق على تطوير الزراعة من خلال ما يتم توفيره من جراء تغيير فلسفة إعداد الموازنة حسبما سبق ذكره، وسيؤدي هذا التوسع في برامج تطوير الزراعة وتنمية الثروة الحيوانية ورفع مستوى الاكتفاء الذاتي من الحبوب كالقمح والذرة والأرز ومضاعفة الإنتاج للحوم ومنتجات الألبان ومضاعفة الإنتاج السمكي غير الملوث بما يحقق اكتفاء ذاتياً من الغذاء خلال فترة تتراوح ما بين ٥ إلى ٨ سنوات بما يوفر نحو ٥ مليارات دولار تمثل قيمة المواد الغذائية المستورة، إضافة إلى نحو ٥ مليارات دولار أخرى تمثل قيمة الحبوب المستوردة.
5- رصد ٤ مليارات دولار من تمويلات البنك الدولي للإنفاق على إنشاء معمل تكرير للبترول بسعة قدرها ١٠٠ ألف برميل يوميا بما يكفل تحقيق اكتفاء ذاتي بمقدار ٥٠٪ من المواد البترولية المستوردة وهو ما يوفر نحو ٨ مليارات دولار سنويًا.
6- إنشاء "المجلس القومي للتخطيط وتكنولوجيا العلوم والتصنيع والزراعة"، ويضم فروع الغزل والنسيج، وعلوم الصحراء والتعدين، وتحلية مياه البحر، وتطوير الزراعة والثروة السمكية والداجنة والحيوانية، والطاقة النووية والشمسية لإنتاج الكهرباء اللازمة للتصنيع، على أن يتبع مجلس النواب لتوفير الاستقلالية له عن الجهاز التنفيذي.
7- إلغاء الشركات القابضة ووزارة قطاع الأعمال العام التي ابتدعها نظام مبارك بهدف بيع وحدات القطاع العام ليعيدها النظام الحالي إلى الحياة كي تلعب ذات الدور، وإنشاء وزارة للقطاع العام تتولى استلام المصانع و الشركات التي حكم القضاء بإعادتها للدولة وإعادة هيكلتها وتدبير التمويل اللازم بالتنسيق مع المصارف الوطنية لإقالتها من عثرتها وإعادة تشغيلها بكامل طاقتها كما تتولى البدء الفوري من خلال التنسيق مع المجلس القومي للتخطيط في تطوير منظومة تصنيع كبرى وتحديث للزراعة لأجل لخفض معدلات البطالة ولتوفير احتياجات السوق المحلي.
ثانياً: ثورة تشريعية في سياق حل الأزمة الاقتصادية وحتمية الانفراج الديمقراطي بالمجال العام وفتح آفاق الحريات
تحقيق انفراجة حقيقية في المجال العام وفتح آفاق الحريات من خلال إزالة التشريعات المُكبلة وسن التشريعات التي تنظم عملية ديمقراطية تشاركية (لا مجرد ديمقراطية تمثيلية بمجلس النواب فقط) وتهيئة المجتمع لتقبل الرأي والرأي الآخر وإنهاء حالة الإحتقان التي تنذر بعواقب وخيمة حيث لا تنمية ترجي من مجتمع يعاني علي هذا النحو ولا استثمار سيأتي في مناخ يحظر التعددية ويصادر العمل السياسي، والثورة التشريعية لا بد أن تشمل ما يلي:
1- سن تشريع للاستثمار يشجع الاستثمار الأجنبي والعربي بشكل لا يضر بحقوق العمال ولا المصريين عموماً في ثروات بلادهم في إطار خطة واضحة المعالم للدولة يلعب فيها القطاع العام دوراً أساسياً في "التنمية" ويقوم القطاع الخاص والتعاوني بدورهما في "النمو".
2- سن تشريعين لتعريف وتجريم كل من الفساد و التمييز ثم لإنشاء مفوضيتين مستقلتين واحدة منهما لمكافحة الفساد والأخرى لمكافحة التمييز.
3- تعديل تشريع المحاجر والثروة المعدنية.
4- تعديل تشريعات سوق المال لتحويله من سوق للمضاربة إلى سوق للاستثمار المباشر.