بوابة الفجر

عاجل بتقدير الجهود والتوافق الوطني.. حماس ترد على خطة ترامب داخل عزة

بوابة الفجر

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء الجمعة، أنها سلّمت ردها الرسمي إلى الوسطاء بشأن المقترح الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، مؤكدة أنها تعاملت مع المبادرة بعد نقاشات معمقة ومشاورات واسعة داخل أطرها التنظيمية، ومع مختلف القوى والفصائل الفلسطينية. البيان الذي جاء في لحظة سياسية وأمنية بالغة الحساسية، عكس حرص الحركة على إبراز موقف متوازن يجمع بين الثوابت الوطنية والانفتاح على المبادرات الإقليمية والدولية.

مشاورات وطنية قبل الرد

وأوضح البيان أن قيادة حماس أجرت سلسلة من المشاورات الداخلية العميقة، شملت مؤسساتها القيادية وأطرها التنظيمية، إلى جانب حوارات مع القوى والفصائل الفلسطينية الأخرى. كما لفت إلى أن الحركة استمعت إلى مواقف الوسطاء والأصدقاء من الدول العربية والإسلامية، في محاولة لبناء موقف جماعي ينسجم مع المصلحة الوطنية الفلسطينية، ويضع حدًا للمعاناة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة جراء الحرب المستمرة منذ أشهر.

وأكدت الحركة في بيانها أنها لا تتعامل مع المقترحات الدولية بشكل فردي أو معزول، بل تسعى لأن تكون مواقفها متكاملة مع التوجه الفلسطيني العام، وهو ما جعلها تعطي أهمية كبيرة للتشاور مع مختلف المكونات الوطنية.

تقدير للجهود الدولية

وأعربت حماس عن تقديرها للجهود التي بُذلت عربيًا وإسلاميًا ودوليًا، بما في ذلك جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تهدف إلى وقف الحرب على غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، والتوصل إلى اتفاق تبادل للأسرى. وأكد البيان أن الحركة ترفض بشكل قاطع أي محاولة لاحتلال قطاع غزة من جديد أو تهجير سكانه قسرًا، مشددًا على أن أي ترتيبات مستقبلية يجب أن تصون حقوق الفلسطينيين وتمنع تكرار المآسي الإنسانية.

الأسرى وتبادل الجثامين

واحدة من النقاط البارزة في بيان الحركة تمثلت في إعلانها موافقتها على صيغة التبادل الخاصة بالأسرى التي وردت في مقترح ترامب. فقد أكدت حماس استعدادها للإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، سواء كانوا أحياء أم جثامين، وفق آلية تضمن توفير الظروف الميدانية اللازمة لإتمام العملية بشكل آمن ومنظم.

وأضافت الحركة أنها على استعداد للدخول في مفاوضات عبر الوسطاء من أجل مناقشة التفاصيل المتعلقة بعملية التبادل، في إشارة إلى أنها لن تنفذ أي خطوة أحادية الجانب، بل ستسعى إلى ضمان وجود ضمانات وإجراءات عملية تسهل العملية وتؤمن مصالح الطرفين.

إدارة غزة والتوافق الوطني

وفي ما يتعلق بمستقبل إدارة قطاع غزة، أكدت حماس من جديد موافقتها على تسليم إدارة القطاع إلى هيئة فلسطينية من المستقلين أو ما يُعرف بـ "حكومة تكنوقراط"، وذلك بناء على توافق وطني فلسطيني شامل، وبمساندة عربية وإسلامية. هذه الخطوة، حسب البيان، تأتي انسجامًا مع رغبة الحركة في تعزيز الوحدة الوطنية وتجاوز الانقسام السياسي، وتأكيدًا على أن مستقبل غزة لا يمكن أن يبقى رهين الانقسام الداخلي أو التدخلات الخارجية.

مستقبل القطاع والقضية الفلسطينية

أما القضايا الأخرى المرتبطة بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني، فقد شددت الحركة على أنها تتطلب موقفًا وطنيًا جامعًا، لا يمكن أن تنفرد به أي جهة بمفردها. وأوضحت أن هذه القضايا ستُناقش في إطار وطني فلسطيني موسع تشارك فيه جميع القوى والفصائل، على أن يستند النقاش إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة التي تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

يمثل بيان حماس ردًا رسميًا متوازنًا على المبادرة الأمريكية، فهو من جهة يعكس مرونة سياسية في التعاطي مع المبادرات الدولية، ومن جهة أخرى يتمسك بالثوابت الوطنية ورفض أي إملاءات تتعارض مع حقوق الشعب الفلسطيني. كما أن إبداء الاستعداد لتسليم إدارة غزة لهيئة مستقلة يعكس رغبة الحركة في إنهاء الانقسام الداخلي، فيما يعد ملف الأسرى من أبرز القضايا التي يمكن أن تشكل اختراقًا إنسانيًا في حال نجاح الوسطاء في إبرام صفقة شاملة.

بهذا البيان، وضعت حماس موقفها الرسمي بوضوح أمام المجتمع الدولي، مؤكدة أنها لا تمانع في السير ضمن إطار سياسي إقليمي ودولي، شرط أن يحترم حقوق الفلسطينيين ويضع حدًا لمعاناتهم. ويبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في ترجمة هذه المواقف إلى خطوات عملية، في ظل ترقب فلسطيني وإقليمي ودولي لمعرفة ما إذا كانت خطة ترامب ستفتح بابًا جديًا نحو تسوية أوسع، أم أنها ستظل حبيسة التجاذبات السياسية.