التكنولوجيا وتأثيرها على الصحة النفسية: بين الفائدة والإدمان

التكنولوجيا وتأثيرها على الصحة النفسية: بين الفائدة والإدمان

الفجر الطبي

بوابة الفجر

لم تعد التكنولوجيا مجرد وسيلة لتسهيل الحياة اليومية، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من نمط حياة الإنسان الحديث. 

ومع الانتشار الواسع للهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت تحديات جديدة تتعلق بـ الصحة النفسية وطرق التعامل مع التكنولوجيا بشكل متوازن.

 الوجه الإيجابي للتكنولوجيا

لا يمكن إنكار أن التكنولوجيا قدمت للعالم الكثير من المزايا التي حسّنت جودة الحياة، مثل:

  • سهولة الوصول إلى المعلومات والتعليم عبر الإنترنت.
  • التواصل السريع مع الأصدقاء والعائلة في مختلف أنحاء العالم.
  • التطور في الطب والعلاج النفسي عبر التطبيقات والاستشارات الإلكترونية.
  • تحسين الإنتاجية في العمل والتعليم من خلال الأدوات الرقمية الحديثة.

لكن في المقابل، أصبح الإفراط في استخدامها يحمل آثارًا نفسية وسلوكية خطيرة، لا سيما لدى المراهقين والشباب.

 التأثيرات السلبية للتكنولوجيا على الصحة النفسية

العزلة الاجتماعية:
كثرة الاعتماد على التواصل الافتراضي أدت إلى تراجع التواصل الواقعي، مما جعل البعض يشعرون بالوحدة رغم وجودهم وسط الناس.

القلق والاكتئاب:
المقارنة المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومتابعة "الحياة المثالية" للآخرين، تولّد مشاعر نقص وعدم رضا عن الذات، مما يؤدي إلى القلق والاكتئاب.

قلة التركيز وضعف الذاكرة:
التنقل المستمر بين التطبيقات والمحتوى السريع أدى إلى ضعف الانتباه والتركيز، خاصة لدى الطلاب.

إدمان الإنترنت:
بعض المستخدمين يقضون ساعات طويلة على الإنترنت دون وعي، مما يؤثر على النوم والحالة المزاجية والعلاقات الاجتماعية.

 التكنولوجيا والنوم

الدراسات الحديثة تشير إلى أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يؤثر على إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، مما يؤدي إلى الأرق واضطراب الساعة البيولوجية.
كما أن تصفح الهاتف قبل النوم يزيد من التوتر ويؤخر الدخول في مرحلة النوم العميق.

 التكنولوجيا والصحة النفسية للأطفال والمراهقين

الأطفال هم الفئة الأكثر تأثرًا بالاستخدام المفرط للأجهزة الذكية، إذ يؤدي ذلك إلى:

  • تراجع الأداء الدراسي.
  • ضعف التواصل الاجتماعي الواقعي.
  • زيادة السلوك العدواني أو الانعزالي.
  • اضطرابات في النوم والنمو العقلي.

لهذا، يجب على الأهل مراقبة وقت الشاشة، وتشجيع أبنائهم على الأنشطة الواقعية مثل القراءة، الرياضة، أو التفاعل الأسري.

 خطوات لتحقيق توازن صحي مع التكنولوجيا

  1. تحديد وقت محدد لاستخدام الهاتف يوميًا.
  2. تجنب تصفح السوشيال ميديا قبل النوم بساعة على الأقل.
  3. تخصيص يوم أسبوعي خالٍ من الشاشات.
  4. استبدال وقت الهاتف بأنشطة بدنية أو ترفيهية واقعية.
  5. الحرص على التواصل الحقيقي مع الأصدقاء والعائلة.

 التكنولوجيا كوسيلة للعلاج النفسي

رغم مخاطرها، فإن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة فعالة لتحسين الصحة النفسية من خلال:

  • التطبيقات التي تتابع الحالة المزاجية والنوم.
  • جلسات العلاج النفسي عن بُعد.
  • المحتوى التوعوي عن الصحة العقلية على المنصات الرقمية.
  • مجتمعات الدعم النفسي الافتراضية.

التكنولوجيا في حد ذاتها ليست خطرًا، بل أسلوب استخدامها هو ما يحدد تأثيرها.

 يمكن أن تكون وسيلة للارتقاء الذهني والنفسي إذا أحسن الإنسان إدارتها، أو سببًا للقلق والعزلة إذا أساء التعامل معها.

التوازن هو الحل، واستخدام التكنولوجيا بوعي يجعلنا نستفيد من مزاياها دون أن نفقد أنفسنا داخل عالمها الافتراضي.