السنن النبوية في صلاة الجمعة.. طهارة الجسد وصفاء الروح
تُعد صلاة الجمعة من أعظم شعائر الإسلام وأهم مظاهر وحدة المسلمين، فهي ملتقى الأرواح الطاهرة، وموسم الإيمان الأسبوعي الذي تتجدد فيه الصلة بالله تعالى. وقد أولى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة مكانة رفيعة، وبيّن آدابه وسننه ليغتنم المسلم أجره وفضله العظيم.
ويبدأ الاستعداد لهذا اليوم المبارك من لحظة التأهب له، حيث يُسن للمسلم أن يغتسل ويتطيب ويلبس من أحسن ثيابه، امتثالًا لقول النبي ﷺ: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم»، ثم يخرج إلى المسجد بسكينة ووقار دون عجلة أو لهو.
وكلما بكّر المسلم إلى المسجد كان أعظم أجرًا، كما قال النبي ﷺ: «من بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها»، وهي فضيلة عظيمة لا تُنال إلا بالمبادرة والتبكير.
فإذا دخل المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد، ثم يجلس حيث ينتهي به المجلس دون تخطٍ لرقاب الناس، امتثالًا لتوجيه النبي ﷺ حين قال لرجلٍ تخطى الرقاب يوم الجمعة: «اجلس فقد آذيت وآنيت».
ويُستحب أن يشتغل المسلم بعد دخوله المسجد بـالصلاة وقراءة القرآن والذكر حتى صعود الإمام المنبر، فيفرغ سمعه وقلبه للخطبة، مستمعًا في خشوع دون حديث أو انشغال، حتى قال ﷺ: «من أنصت حتى يفرغ الإمام، ثم صلى معه، غفر له ما بين الجمعة والأخرى وفضل ثلاثة أيام».
وبعد الانتهاء من الصلاة، يُستحب أداء السنّة البعدية وهي ركعتان أو أربع ركعات، ثم يخرج المسلم إلى عمله أو بيته ساعيًا في رزقه كما قال تعالى:
«فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ» [الجمعة: 10].
إن يوم الجمعة ليس مجرد فريضة أسبوعية، بل هو محطة روحية يتزود منها المؤمن بالنور والتقوى، وفرصة لتجديد العهد مع الله بالطاعة والذكر والصلاة على النبي ﷺ