هل يحق للشركات مراقبة موظفيها بالذكاء الاصطناعي؟.. بين الشرع والقانون

التجسس الذكي أم الرقابة المشروعة؟.. جدل حول استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل

أخبار مصر

التجسس الذكي أم الرقابة
التجسس الذكي أم الرقابة المشروعة؟.. جدل حول استخدام الذكاء ا

فرض الذكاء الاصطناعي نفسه بقوة على بيئة العمل الحديثة، بعدما تحوّل من تقنية تجريبية إلى أداة يومية لإدارة المهام وتحليل الأداء وحماية المعلومات.
لكن مع هذا التطور السريع، بدأ جدل واسع حول حدود الرقابة المشروعة في أماكن العمل، وما إذا كانت التقنيات الحديثة وسيلة لضبط الكفاءة أم بابًا خلفيًا للتجسس على الموظفين وانتهاك خصوصيتهم.

بين مؤيد يرى أنها ضرورية لضمان الانضباط والإنتاج، ومعارض يعتبرها تعديًا على الحياة الشخصية، يقف القانون والشرع لتحديد ما هو مباح وما هو محظور.

الذكاء الاصطناعي.. من الرقابة إلى المراقبة

لم تعد أنظمة الذكاء الاصطناعي تُستخدم فقط لتتبع المهام أو تنظيم الجداول، بل تطورت لتشمل أدوات تحليل السلوك الرقمي للموظف، مثل مراقبة استخدام الإنترنت أو رصد معدل الإنتاج على الحاسب الآلي.
وبحسب تقرير صادر عن شركة “جارتنر” (Gartner) في 2024، فإن أكثر من 50% من الشركات العالمية تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الأداء، في حين تحذر منظمات حقوقية من “التحول التدريجي نحو ثقافة المراقبة الدائمة”.

الموقف الشرعي من الرقابة الذكية

أكد عدد من العلماء أن الأصل في استخدام الذكاء الاصطناعي الإباحة، ما دام كان الهدف منه تحسين العمل وتنظيم المهام، وليس التعدي على خصوصية الآخرين.
وأوضحوا أن مراقبة الموظفين داخل نطاق العمل جائزة إذا تمت بشفافية وضمن ضوابط واضحة، بينما يُحرم شرعًا استخدام الذكاء الاصطناعي في التجسس على الحياة الشخصية أو جمع بيانات دون إذن، استنادًا إلى قول الله تعالى: “ولا تجسسوا”، لما في ذلك من انتهاك لحرمة الأفراد.

القانون المصري يحدد الخطوط الحمراء

القانون رقم 151 لسنة 2020 بشأن حماية البيانات الشخصية وضع ضوابط صارمة لحماية الموظفين من أي استخدام تعسفي للتقنيات الحديثة.
وينص القانون على:

عدم جمع أو معالجة بيانات شخصية دون موافقة صريحة ومسبقة.

منع استخدام البيانات في أغراض غير مصرح بها.

تعيين مسؤول لحماية البيانات في المؤسسات الكبرى لمتابعة الالتزام بالقواعد القانونية.

كما يفرض القانون عقوبات تصل إلى الحبس والغرامة على من يتعمد استخدام أو تسريب بيانات موظف دون إذنه.

خبراء: الشفافية هي الحل

يقول الدكتور محمد عبد السلام، خبير تكنولوجيا المعلومات والقانون الرقمي، إن “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مثالية للرقابة إذا استُخدم بمسؤولية”، موضحًا أن الشفافية مع الموظفين وإبلاغهم بطبيعة الرقابة شرط أساسي للمشروعية.
وأضاف أن على الشركات المصرية “تبني سياسات واضحة لحماية البيانات، وتحديد الحدود بين العمل والخصوصية الشخصية”.

التوازن بين الكفاءة والكرامة

الذكاء الاصطناعي قد يكون حليفًا في تحسين الإنتاج وكشف الأخطاء، لكنه يتحول إلى خطر حقيقي حين يُستخدم بلا ضوابط.
التحدي اليوم أمام المؤسسات ليس في امتلاك التقنية، بل في إدارة استخدامها بطريقة تضمن الكفاءة دون المساس بكرامة الإنسان، وهو ما تسعى إليه التشريعات الحديثة والفتاوى الشرعية معًا.