التجسس الذكي أم الرقابة المشروعة؟.. جدل حول استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل

هل يحق للشركات مراقبة موظفيها بالذكاء الاصطناعي؟.. بين ضوابط الشرع والقانون

أخبار مصر

هل يحق للشركات مراقبة
هل يحق للشركات مراقبة موظفيها بالذكاء الاصطناعي؟.. بين ضوابط

شهدت السنوات الأخيرة قفزة هائلة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من بيئة العمل الحديثة، بعد أن غزت المؤسسات والشركات في مختلف القطاعات.
ورغم أن هذه التقنيات ساهمت في تحسين الأداء ومتابعة المهام وحماية البيانات، إلا أنها فتحت بابًا واسعًا للتساؤلات حول حدود الرقابة ومشروعية مراقبة الموظفين، خاصة عندما تمتد إلى تفاصيل الحياة الشخصية.

في هذا التقرير نرصد أبعاد القضية من المنظورين الشرعي والقانوني، ونوضح ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي بما يضمن التوازن بين الكفاءة المهنية وحماية الخصوصية الفردية.

الذكاء الاصطناعي.. سلاح ذو حدين

استخدام الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله، إذ تعتمد عليه إدارات الشركات في:

متابعة سير العمل وإنجاز المهام اليومية.

مراقبة أوقات الحضور والانصراف بدقة.

تحليل بيانات الأداء وتحسين جودة الخدمات.

حماية الأنظمة والمعلومات الحساسة من الاختراق.

لكن في المقابل، تثير أدوات المراقبة الذكية مخاوف حقيقية لدى بعض الموظفين من تجاوز الحدود، خاصة مع إمكانية تتبع نشاط المستخدمين داخل الأجهزة وربطها بسلوكهم الشخصي خارج بيئة العمل.

الموقف الشرعي من الرقابة بالذكاء الاصطناعي

أوضح عدد من العلماء أن الأصل في استخدام الذكاء الاصطناعي الإباحة، ما لم يُستخدم في أغراض محرمة.
ويُباح للشركات استخدامه في تنظيم العمل وتحسين الأداء وضمان الانضباط، ما دام لا يمس خصوصية الموظف أو ينتهك حرياته الشخصية.
أما استخدامه في التجسس أو مراقبة الحياة الخاصة خارج نطاق العمل فيُعد محرّمًا شرعًا ومجرّمًا قانونًا، استنادًا لقوله تعالى: "ولا تجسسوا"، لما يمثله من تعدٍ على حقوق الأفراد وكرامتهم.

الضوابط الشرعية والقانونية للاستخدام

لضمان الاستخدام المشروع لتقنيات المراقبة الذكية في بيئة العمل، يجب الالتزام بعدة ضوابط أهمها:

  • إبلاغ الموظفين مسبقًا بوجود أنظمة رقابة إلكترونية لضمان الشفافية.
  • تحديد نطاق المراقبة داخل بيئة العمل فقط دون التعدي على الحياة الشخصية.
  • اقتصار جمع البيانات على الضروري لتقييم الأداء الوظيفي أو حماية المعلومات.
  • حظر استخدام التسجيلات أو البيانات في غير الغرض المحدد.

الحماية القانونية للبيانات في مصر

القانون المصري رقم 151 لسنة 2020 بشأن حماية البيانات الشخصية أكد على ضرورة احترام خصوصية العاملين والمواطنين.
وينص القانون على:

  • عدم جمع أي بيانات شخصية دون موافقة صريحة ومسبقة من صاحبها.
  • الالتزام بتأمين البيانات ضد أي تسريب أو استخدام غير مشروع.
  • تعيين مسؤول لحماية البيانات داخل الشركات لضمان تطبيق القواعد.
  • ويُعاقب القانون كل من يستخدم البيانات أو يسربها دون إذن بالحبس أو الغرامة، حسب نوع المخالفة.

رأي الخبراء

يقول الدكتور محمد عبد الحميد، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، إن استخدام تقنيات المراقبة الذكية في بيئة العمل “مشروع” ما دام يهدف إلى تحسين الكفاءة وضمان الانضباط، بشرط ألا يتجاوز حدوده أو ينتهك حرمة الحياة الخاصة.
وأضاف أن الشركات عليها مسؤولية أخلاقية وقانونية لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنتاج وليس وسيلة للتجسس على الأفراد.

الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة في عصر الرقمنة، لكنه يحتاج إلى ضوابط شرعية وقانونية واضحة لضمان ألا يتحول من أداة تطوير إلى وسيلة انتهاك للحقوق.
المعادلة المطلوبة اليوم هي: كفاءة العمل دون المساس بكرامة الإنسان.