الانشقاقات في صفوف الحوثيين تكشف عن أزمة ثقة عميقة: صلاح الصلاحي نموذجًا

تقارير وحوارات

صلاح الصلاحي
صلاح الصلاحي

تشير التطورات الأخيرة باليمن إلى تصاعد موجة الانشقاقات داخل صفوف المليشيات الحوثية، وهو مؤشر قوي على تآكل النفوذ والسيطرة الداخلية للجماعة. 

الانشقاق الأخير للعميد صلاح الصلاحي، القيادي السابق في اللواء العاشر، يمثل رمزًا للتمرد على سياسات الحوثيين التي تعتمد على الإكراه والتجنيد القسري واستغلال المواطنين كذخائر بشرية في حروبهم العبثية.

تزايد الانشقاقات يعكس ارتفاع معدلات الاستياء بين العناصر الحوثية بسبب الممارسات القمعية والعنصرية داخل الجماعة، حيث يواجه المنتسبون ضغوطًا مستمرة وفقدانًا للثقة بالنظام القيادي، وهو ما يؤدي إلى شعور متنامٍ بعدم الأمان داخل صفوف المليشيات، كما تكشف تصريحات المنشقين عن أن الحوثيين لا يثقون حتى بأوفياء عناصرهم، ما يعكس خللًا هيكليًا في القيادة وغياب الاستقرار التنظيمي.

إضافة إلى ذلك، تعكس هذه الانشقاقات تدهور معنويات المقاتلين الحوثيين بسبب الخسائر العسكرية المستمرة في الجبهات، وغياب رؤية واضحة لمستقبل اليمن تحت سيطرة الجماعة، فالتحريض على الصراعات الداخلية، وزراعة الحقد والثأر بين أبناء المجتمع، جعل من الانشقاق خيارًا متاحًا للعسكريين الراغبين في حماية حياتهم والابتعاد عن الانخراط في أعمال إرهابية ضد المدنيين.

من منظور استراتيجي، هذه الانشقاقات تفتح المجال أمام تعزيز القوات الوطنية اليمنية، وتزيد من فرص نجاح الحكومة الشرعية في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتثبيت الأمن في المناطق المحررة. كما تعتبر رسالة تحذيرية للجماعة بأن استمرار سياساتها القمعية قد يؤدي إلى انهيار أكثر شمولًا في صفوفها، ويضعف قدرتها على الاستمرار في الصراع.

باختصار، تزايد الانشقاقات يعكس أزمة ثقة داخلية عميقة ويشير إلى فشل سياسات الحوثيين في الاحتفاظ بولائهم، كما يسلط الضوء على ضرورة دعم الشرعية والتحرك نحو حلول سياسية لتعزيز الاستقرار في اليمن.

الانشقاق والرسالة الوطنية

خلال مؤتمر صحفي عقد في محافظة مأرب، قال الصلاحي إنه اختار "العودة إلى جادة الصواب والانفصال عن المليشيات الحوثية"، مؤكدًا أن المليشيات "ترمي بأبناء اليمن إلى المحارق، وترتكب أبشع الجرائم بحق المدنيين، وتفخخ الأجيال بالأفكار المسمومة".

ودعا الصلاحي جميع عناصر الحوثيين إلى ترك القتال والالتحاق بالقوات الجمهورية، واصفًا ما تقوم به المليشيات من أعمال عنف وإرهاب بحق المواطنين بأنها "ممارسات تمييزية وعنصرية تعتبر اليمنيين مجرد ذخائر موت في حروبها".

الممارسات العنصرية والتمييز داخل المليشيات

أكد الصلاحي أن المليشيات لا تثق بعناصرها مهما أظهروا من ولاء أو طاعة، وأنها تستخدم أساليب الترهيب والإرهاب الداخلي لتسيير قواتها، مشيرًا إلى أن الحوثيين يسعون لتفتيت المجتمع اليمني وزرع الثأرات والنزاعات بين أبناء الشعب الواحد.

وأضاف الصلاحي: "التحالف الحوثي مع إيران وأجنداته الإقليمية لا تخدم إلا مصالحه الشخصية على حساب حياة اليمنيين ومستقبل أجيالهم".

دعوة الجيش اليمني للانضمام إلى الشرعية

استقبلت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية الانشقاق، مؤكدة أن أبواب الشرعية مفتوحة لكل من يرغب في ترك المليشيات والابتعاد عن الأعمال الإرهابية والانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين.

وقال العميد الركن عبده مجلي، متحدث الجيش اليمني: ندعو كل عناصر الحوثي الذين ما زالوا يقاتلون في صفوف المليشيات، إلى التخلي عن السلاح والعودة إلى الوطن، والانضمام لقوات الشرعية لحماية اليمن والشعب اليمني من الانتهاكات والإرهاب".

خلفية عن الصلاحي وانشقاقاته السابقة

يُذكر أن صلاح الصلاحي كان يقود وحدات عسكرية لمليشيات الحوثي على جبهات لحج وتعز قبل إعلان انشقاقه، ويأتي هذا الانشقاق بعد سلسلة من الهزائم الميدانية للمليشيات، وانتشار حالة من الإحباط بين صفوف عناصرها، بسبب سوء القيادة وتزايد الخسائر البشرية والمادية.

تداعيات الانشقاق على الحوثيين

تراجع الروح المعنوية داخل المليشيات: الانشقاقات المستمرة تؤثر على الانضباط والثقة بين القادة والجنود.

ضرب معنويات التحالف الإقليمي للحوثيين: الانشقاق يظهر هشاشة الحوثيين واعتمادهم على الأجندات الخارجية أكثر من الدعم الداخلي.

فرص لتعزيز الجيش الوطني: استغلال انضمام قيادات بارزة لتعزيز القدرات العسكرية وتنظيم وحدات جديدة في الجبهات المختلفة.

ضغط سياسي ودبلوماسي: الانشقاقات المستمرة تضغط على الحوثيين داخليًا، وتكشف عن حجم الفساد والانتهاكات داخل صفوفهم.

موقف المجتمع الدولي

يرى مراقبون أن الانشقاقات الأخيرة تعكس فشل الحوثيين في الحفاظ على الولاء الداخلي، وأن مثل هذه التطورات قد تعزز من دعوات المجتمع الدولي لتكثيف الضغط على الجماعة، وفرض حلول سياسية لإنهاء الأزمة اليمنية بما يضمن عودة الدولة للسيطرة على كافة الأراضي.

انشقاق صلاح الصلاحي يمثل صفعة جديدة للحوثيين ويؤكد هشاشة قيادتهم وفقدان الثقة بين عناصرهم، ويشير إلى أن الشعب اليمني لا يزال يرفض سياسات المليشيات العنصرية والإرهابية التي تهدف لتدمير الوطن وزرع الفرقة بين أبنائه.

من خلال هذه التطورات، يظهر أن العودة إلى الشرعية والانضمام للجيش الوطني تمثل الخيار الأكثر أمانًا لعناصر الحوثيين، وفرصة لحماية اليمن من المزيد من الخراب والدمار الذي تسببه المليشيات.