توفيق أبو نعيم.. من هو المرشح لخلافة السنوار في غزة؟

تقارير وحوارات

توفيق أبو نعيم- وادي
توفيق أبو نعيم- وادي النيل

 


في خضم التطورات المتسارعة داخل قطاع غزة، ومع تصاعد الحديث عن احتمالات التغيير في هرم قيادة حركة "حماس"، يبرز اسم توفيق أبو نعيم بوصفه أحد أبرز المرشحين المحتملين لخلافة يحيى السنوار، سواء في قيادة الحركة داخل القطاع أو في إدارة الملفات الأمنية والسياسية خلال المرحلة المقبلة.

 


الرجل الذي أمضى أكثر من عقدين في سجون الاحتلال، ثم عاد ليُمسك بملفات الأمن الداخلي في غزة، يُنظر إليه اليوم باعتباره شخصية تجمع بين الانضباط التنظيمي، والقدرة الأمنية، والمرونة السياسية — وهي معادلة نادرة في السياق الحمساوي المعقّد.

 


أولًا: الخلفية والنشأة

وُلد توفيق أبو نعيم في مخيم البريج وسط قطاع غزة لعائلة لاجئةٍ من مدينة بئر السبع التي نزحت إثر نكبة عام 1948.
تخرّج في الجامعة الإسلامية بغزة حاملًا شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، ثم واصل دراسته حتى نال درجة الدكتوراه في التخصص ذاته.
منذ شبابه المبكر، التحق أبو نعيم بصفوف الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمين) عام 1983، وكان من تلامذة الشيخ أحمد ياسين، المؤسس الروحي لحركة حماس، وهو ما جعله جزءًا من الجيل الأول الذي تشرّب فكر الحركة وبُنيتها التنظيمية.


 

ثانيًا: المسار التنظيمي والنشاط الأمني

برز اسمه في صفوف "حماس" ضمن ما عُرف بـ "جهاز المجد"، وهو جهاز أمني داخلي كان يتولى مراقبة المتعاونين مع الاحتلال وضمان أمن الحركة الداخلي.
شارك إلى جانب قيادات بارزة مثل يحيى السنوار وروحي مشتهى في بناء هذا الجهاز وتطويره، قبل أن يُعتقل عام 1989 ويُحكم عليه بالسجن المؤبد في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
أمضى أبو نعيم أكثر من 20 عامًا خلف القضبان، أتقن خلالها اللغة العبرية واطّلع على آليات الأمن الإسرائيلي، وهو ما ساعده لاحقًا في تطوير أدوات الأمن داخل القطاع بعد الإفراج عنه في صفقة جلعاد شاليط عام 2011.


 

ثالثًا: الأدوار بعد الإفراج

عاد أبو نعيم إلى غزة ليُكلّف بعدة مهام داخل الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، فعمل في ملفات الأسرى وعائلات الشهداء، ثم توسع نشاطه ليشمل التنسيق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى.
وفي منتصف العقد الماضي، تولّى قيادة الأمن الداخلي في القطاع، ليصبح واحدًا من أهم الشخصيات الأمنية في غزة.
عمل على إعادة هيكلة الجهاز الأمني، وملاحقة الاختراقات الاستخباراتية، وفرض الانضباط داخل المؤسسات الشرطية، كما نُسب إليه دوره البارز في مواجهة الجماعات المتطرفة التي حاولت التمرد على سلطة حماس.

تعرّض لمحاولة اغتيال في أكتوبر 2017، عندما انفجرت سيارته في مخيم النصيرات، وأصيب بجروح متوسطة، في عملية وُصفت بأنها “رسالة تحذير” من خصوم داخل أو خارج القطاع.

 

رابعًا: موقعه في المشهد الراهن

مع تصاعد التوترات السياسية والعسكرية في غزة، وتصاعد التساؤلات حول مستقبل القيادة داخل "حماس"، برز اسم أبو نعيم كأحد أبرز المرشحين لوراثة موقع السنوار.
وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها صحيفة إسرائيل هيوم، وصفته بأنه “في موقع مثالي لقيادة حماس في غزة”، نظرًا لخبرته الطويلة في العمل الأمني، وصلاته القوية بالمؤسسات الميدانية، وقدرته على إدارة الملفات الحساسة دون ضجيج إعلامي.

عوامل قوّته تتمثل في:

خلفيته التنظيمية المتينة وارتباطه المبكر بجيل المؤسسين.

سيطرته على الأجهزة الأمنية داخل القطاع.

شبكة علاقاته الممتدة مع القوى الميدانية والوجهاء المحليين.

تمتّعه ببراغماتية نسبية في التعامل مع ملفات معقدة مثل العلاقات مع مصر أو الفصائل الفلسطينية الأخرى.

 

 

خامسًا: التحديات والفرص

الفرص:

خبرة أمنية تراكمية تؤهله لضبط الأمن في مرحلة ما بعد الحرب.

موقعه داخل غزة يمنحه قدرة مباشرة على إدارة الواقع الميداني.

تاريخه في السجون وارتباطه بالمؤسسين يعزّزان من شرعيته داخل القواعد التنظيمية.


التحديات:

تعقيدات الوضع الإنساني والاقتصادي في غزة تجعل أي قيادة جديدة أمام اختبار صعب.

إمكانية وجود تحفظات داخل بعض دوائر القيادة أو الجناح العسكري على تصعيده.

ضغط الأطراف الإقليمية (مصر، قطر، وإسرائيل) في تحديد شكل إدارة القطاع مستقبلًا.

حساسية الموازنة بين الأدوار الأمنية والإدارة المدنية في مرحلة إعادة الإعمار.

 

 

سادسًا: السيناريوهات المستقبلية

1. سيناريو التصعيد الأمني:
في حال تسلّمه القيادة، قد يميل أبو نعيم إلى تشديد القبضة الأمنية، وإعادة ترتيب الأجهزة لحماية الحكم، ما قد يُفضي إلى توترات داخلية أو مواجهة مع بعض القوى الاجتماعية.


2. سيناريو إعادة البناء والمصالحة:
يُحتمل أن يُقدَّم كواجهة مدنية – أمنية لإدارة مرحلة ما بعد الحرب، مع دور فاعل في التنسيق مع مصر والمؤسسات الإغاثية، وربما الانفتاح المحدود على قوى فلسطينية أخرى لضمان الاستقرار.


3. سيناريو الانقسام الداخلي:
في حال تعارض المصالح داخل الأجنحة القيادية أو تدخلات إقليمية، قد يشهد المشهد صراعًا على الزعامة، خاصة بين الجناحين السياسي والعسكري.

 

خلاصة وتقدير موقف

توفيق أبو نعيم يمثل نموذج “رجل الظل” الذي صعد من العمل التنظيمي السري إلى الإدارة الأمنية العليا، محتفظًا بقدر من الغموض والفاعلية.
احتمال صعوده إلى قيادة الحركة في غزة وارد، لكن نجاحه يعتمد على قدرته في تحقيق توازن دقيق بين القبضة الأمنية والمسؤولية السياسية والاستجابة للأزمات الإنسانية في القطاع.

في جميع الأحوال، يظلّ أبو نعيم أحد أبرز الوجوه التي سترسم ملامح المرحلة القادمة في غزة — سواء بصفته خليفة محتملًا للسنوار أو رجل المرحلة الانتقالية في إعادة بناء مؤسسات "حماس" بعد الحرب.