أهمية اللمس والاحتضان في الأيام الأولى من حياة المولود.. لغة الحنان التي تُغني عن الكلام
أهمية اللمس والاحتضان في الأيام الأولى من حياة المولود.. لغة الحنان التي تُغني عن الكلام

في الأيام الأولى بعد الولادة يعيش المولود حالة انتقال كبيرة من عالم دافئ وآمن داخل رحم أمه إلى بيئة جديدة مليئة بالأصوات والأنوار والروائح المختلفة.
وفي هذا العالم الجديد لا يعرف الطفل لغة سوى اللمس والاحتضان تلك اللغة التي تمنحه الشعور بالأمان وتساعده على التكيف والنمو.
اللمس أول حوار بين الأم وطفلها
أثبتت الدراسات الحديثة أن اللمس من أهم أشكال التواصل بين الأم والمولود في الأيام الأولى إذ يساعد على تهدئة الطفل، وتنظيم نبضات قلبه، وتحسين جودة نومه.
فعندما تحتضن الأم طفلها أو تلمسه برفق، يفرز جسدهما هرمون “الأوكسيتوسين” المعروف بـ “هرمون الحب”، الذي يعزز الترابط العاطفي بينهما ويقلل من التوتر والقلق.
كما أن اللمس يساهم في تنشيط الدورة الدموية للمولود، ويحفّز نمو الخلايا العصبية، مما يساعد على تطور جهازه العصبي بشكل صحي.

فوائد الاحتضان للأم والمولود
الاحتضان ليس وسيلة لتهدئة بكاء الطفل فحسب بل هو احتياج نفسي وجسدي متبادل بين الأم ورضيعها.
فعندما تضع الأم طفلها على صدرها يشعر بحرارة جسدها ونبض قلبها وهي الأصوات التي اعتاد سماعها داخل الرحم، مما يخفف من توتره ويجعله أكثر هدوءًا.
أما بالنسبة للأم، فإن ملامسة طفلها تساعدها على تقليل مشاعر الاكتئاب بعد الولادة، وتعزز ثقتها بنفسها كأم قادرة على فهم احتياجات صغيرها.
التواصل الجسدي والرضاعة الطبيعية
الرضاعة الطبيعية تعد من أهم لحظات التواصل الجسدي بين الأم والمولود فهي تجمع بين اللمس، والنظر والصوت والدفء في آنٍ واحد.
هذه اللحظات لا تزود الطفل بالغذاء فقط، بل تزرع بداخله إحساسًا بالحب والطمأنينة يصاحبه مدى الحياة.
التدليك اللطيف للمولود
ينصح كثير من أطباء الأطفال بتدليك جسم المولود يوميًا لبضع دقائق باستخدام زيت أطفال طبيعي ودافئ.
فالتدليك يحسّن الدورة الدموية، ويساعد على الهضم ويخفف المغص والغازات، ويعزز الترابط بين الأم وطفلها.
لكن يجب أن يكون التدليك بحركات ناعمة دون ضغط، مع مراقبة رد فعل الطفل للتأكد من شعوره بالراحة.
تأثير اللمس على النمو النفسي
أشارت أبحاث علمية إلى أن الأطفال الذين يحصلون على قدر كافٍ من اللمس والاحتضان في أشهرهم الأولى، يكونون أكثر استقرارًا نفسيًا في المراحل العمرية اللاحقة، وأقل عرضة للقلق أو اضطرابات النوم.
فالدفء الجسدي في مرحلة الطفولة المبكرة يزرع في الطفل إحساسًا بالأمان الداخلي، ويمنحه ثقة في العالم من حوله.
اللمس والاحتضان ليسا مجرد تصرفات غريزية، بل هما أولى لغات الحب بين الأم وطفلها.
هما الوسيلة التي تجعل المولود يشعر أن العالم الخارجي ليس مخيفًا، وأن هناك قلبًا يحتضنه ويدًا تمتد له بالحنان كلما بكى أو ارتبك.
وفي النهاية قد لا يتذكر الطفل تفاصيل هذه اللحظات، لكنه سيحمل آثارها في أعماقه إلى الأبد.