رغم مرور الزمن.. سيدات جزيرة شندويل يتمسكن بمهنة "التلي" خوفًا من اندثارها

محافظات

محرر الفجر مع أحد
محرر الفجر مع أحد سيدات صناع التلي

رغم مرور الزمن، لا تزال سيدات الأرياف بجزيرة شندويل بمحافظة سوهاج يمارسن حرفة "التلي" للحفاظ عليها من الاندثار. تعود هذه المهنة إلى عصر محمد علي باشا، ولم تكن مجرد حرفة تقليدية، بل فن يدوي يعكس حياة المرأة الصعيدية ويجسدها على الطرح التي ترتديها النساء.

لكل قطعة من "التلي" رموزها الخاصة، تحمل كل منها قصة تعبّر عن جوانب من حياة المرأة الريفية؛ من الحجاب رمز الحماية، إلى الشجرة التي تشير إلى الخير، فالشمعدان الذي يرمز للفرح، والعروس التي تروي الحكاية، والجمل الذي ينقلها إلى بيت الزوجية، وأخيرًا الشمعة والشمس، رمزا البهجة والسطوع.

عودة الحرفة من النسيان

قالت "عفاف عارف"، صاحبة مشغل "التلي" وإحدى سيدات جزيرة شندويل، لـ "الفجر"، إن الجزيرة تشتهر بهذه الحرفة التي أعيد إحياؤها عام 1990، من خلال مشروع لجمعية تنمية المجتمع، حيث تم العثور على سيدة مسنّة من القرية كانت ما تزال تمارسها، وكانت تبلغ حينها 85 عامًا.

وأضافت أن هيئة اليونسكو نظّمت تدريبًا استمر 40 يومًا، شاركت فيه 10 سيدات من القرى، للحفاظ على هذه المهنة من الاندثار.

"التلي".. جهاز العروس ورمز الفخر

توضح "عفاف" أن الطرحة والعباية كانتا ضمن جهاز العروس في الماضي، حيث كانت الأم تتولى تجهيزها بنفسها، وتزيّنها برسومات تحكي قصصًا عن الحماية والخير والفرح والأنوثة.

ومع تطور الزمن، بدأ إدخال فن "التلي" في تصميم الشنط والإكسسوارات، وتم تنظيم ورش تدريبية لتطوير مهارات النساء في الخياطة وتحسين جودة المنتج، ودمج خامات مثل الكتان والتلي، مع مواكبة القصّات الحديثة، بهدف تصدير المنتجات للأسواق العالمية.

مصدر دخل واستقلال مادي

أشارت "عفاف" إلى أن الحرفة أصبحت مصدر دخل للعديد من السيدات، وساهمت في تحسين ظروفهن المعيشية، كما ساعدت الجمعيات الأهلية في توفير المعدات وتنظيم معارض محلية ودولية، مما أتاح لمنتجاتهن فرصة الوصول إلى أسواق جديدة.

حب من الطفولة.. ونقل الخبرة للأجيال الجديدة

تقول "نورهان ماهر"، من سكان جزيرة شندويل: “بدأت العمل في هذه الحرفة منذ أن كان عمري 10 سنوات، تعلمت من والدتي وخالتي، وحبي للرسم ساعدني على فهم فنون التلي، كنت أبحث عن من يطور المهنة، ووجدت ذلك مع مدام عفاف. واليوم، أنا أعلّم أطفالًا دون سن الـ15”.

التلي.. إبداع لا يتقنه الجميع

وأضافت: “هذه المهنة ليست مجرد حرفة، بل فن وإبداع ومهارة. من لا يمتلك هذه العناصر لن يستطيع إتقانها. نحن لا ننسج فقط، بل نرسم حياة المرأة الريفية على الطرح، وهي تعبير فني حي”.

أزمة المكان.. والحلم بمقر دائم

وعن التحديات، أوضحت "عفاف" أن أكبر ما يواجههن هو عدم وجود مكان ثابت للعمل، حيث تضطر كل سيدة للعمل من منزلها. وطالبت بتوفير مقر دائم يليق بتاريخ هذه الحرفة، ويساهم في تقديمها بشكل حضاري يليق بالحضارة المصرية.

وأكدت: “لسنا مجرد صانعات نبحث عن المال، بل نمثل تراثًا نشاركه في المعارض الكبرى داخل القاهرة وخارجها، لنُظهر للعالم عراقة الصناعات اليدوية المصرية”.