اتهامات لمصطفى سليمان بالتورط في دعم الجيش الإسرائيلي تثير أزمة داخل مايكروسوفت

تقارير وحوارات

اتهامات لمصطفى سليمان
اتهامات لمصطفى سليمان بالتورط في دعم الجيش الإسرائيلي

شهدت شركة مايكروسوفت العالمية موجة من الجدل الحاد بعد اتهامات طالت مصطفى سليمان، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في الشركة، بالتورط في دعم عمليات الجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل الحرب الأخيرة على قطاع غزة. 

جاءت الاتهامات على خلفية احتجاج علني داخل أحد المؤتمرات التابعة للشركة، قادته المهندسة المغربية ابتهال أبوالسعد، والتي صرحت بأن الشركة تساهم في الإبادة الجماعية للفلسطينيين باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

المهندسة أبوالسعد تتحدى الإدارة

أثناء احتفال شركة مايكروسوفت بمرور 50 عامًا على تأسيسها، فاجأت المهندسة أبوالسعد الجميع بمقاطعتها لمصطفى سليمان على المنصة، حيث صرخت في وجهه قائلة: "عار عليك".

جاء ذلك في ظل تورط الشركة، حسب تعبيرها، في تقديم خدمات تقنية للجيش الإسرائيلي، تحديدًا عبر أنظمة Azure وAzure AI.

لاحقًا، أرسلت أبوالسعد بريدًا إلكترونيًا إلى موظفي مايكروسوفت تشرح فيه موقفها، مؤكدة أن عملها ضمن الشركة ساهم في دعم العمليات العسكرية التي تُمارس ضد الفلسطينيين، وهو ما يتناقض كليًا مع قناعاتها ومبادئها الأخلاقية.

اتهامات لمصطفى سليمان بالتورط في دعم الجيش الإسرائيلي تثير أزمة داخل مايكروسوفت
اتهامات لمصطفى سليمان بالتورط في دعم الجيش الإسرائيلي تثير أزمة داخل مايكروسوفت

خلفية مصطفى سليمان ومشواره المهني

مصطفى سليمان، سوري بريطاني، يعتبر أحد أبرز الشخصيات في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا.

تولى منذ مارس 2024 منصب الرئيس التنفيذي لوحدة الذكاء الاصطناعي للمستهلكين في مايكروسوفت، بعد أن شغل منصب المدير التنفيذي لشركة Inflection AI، التي استحوذت عليها مايكروسوفت في صفقة ضخمة بلغت 650 مليون دولار.

شركته السابقة، Inflection AI، متخصصة في تطوير مساعدات شخصية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، أبرزها المساعد الرقمي "Pi". 

وقد تأسست الشركة عام 2022 على يد سليمان بالشراكة مع ريد هوفمان، الشريك المؤسس لمنصة LinkedIn، والذي يعد أيضًا عضوًا في مجلس إدارة مايكروسوفت.

علاقة هوفمان بوحدة 8200 الإسرائيلية

الاتهامات الموجهة لسليمان لم تأتِ من فراغ، فقد سلطت تقارير صحفية الضوء على العلاقة الوثيقة بين هوفمان والجيش الإسرائيلي، تحديدًا وحدة 8200 الشهيرة في مجال الاستخبارات.

حسب موقع "Responsible Statecraft"، فإن هوفمان دعم ماليًا برامج تدريبية خاصة بخريجي وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى إشادته العلنية بهذه الوحدات خلال منتدى أمني عام 2022.

الأمر لم يتوقف عند الدعم المالي، بل تعداه إلى التورط السياسي، حيث أشارت تقارير إلى محاولات هوفمان إسقاط النائبة الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية رشيدة طليب، بسبب مواقفها المعارضة للحرب على غزة.

وثائق مسربة تكشف التعاون العسكري

صحيفة "الجارديان" البريطانية نشرت تحقيقًا موسعًا يستند إلى وثائق مسربة، تكشف عن تعاون عميق بين مايكروسوفت والجيش الإسرائيلي خلال ذروة العمليات العسكرية في غزة عام 2023. 

وأشارت الوثائق إلى استخدام الجيش لتقنيات Azure وAzure AI لتلبية احتياجاته المتزايدة من تخزين البيانات وتحليلها باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك نماذج GPT-4 المدعومة من OpenAI والتي توفرها مايكروسوفت.

الوثائق أكدت أيضًا أن مايكروسوفت قدمت دعمًا مباشرًا لوحدات استخباراتية داخل الجيش الإسرائيلي، من بينها وحدة 8200، وأن قيمة العقود التقنية بين الجانبين تجاوزت 10 ملايين دولار.

سليمان يظهر مع بايدن وسط تصاعد الأزمة

رغم محاولات مايكروسوفت الفصل بين نشاطاتها ومواقف موظفيها، إلا أن ظهور مصطفى سليمان في لقاء رسمي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ورؤساء 6 شركات كبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، أثار المزيد من التساؤلات. 

ناقش اللقاء ضرورة تقنين مخاطر الذكاء الاصطناعي ووضع علامات على المحتوى الناتج عنه، وكان من بين الدول المشاركة في هذه المشاورات دولة إسرائيل.

وفي بودكاست مشترك مع ريد هوفمان، تحدث سليمان بفخر عن أنظمة Azure وAzure AI، دون الإشارة إلى استخدامهما من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي اعتبره بعض النشطاء نوعًا من التواطؤ أو التغاضي عن توظيف هذه التكنولوجيا في انتهاكات حقوق الإنسان.

اتهامات لمصطفى سليمان بالتورط في دعم الجيش الإسرائيلي تثير أزمة داخل مايكروسوفت
اتهامات لمصطفى سليمان بالتورط في دعم الجيش الإسرائيلي تثير أزمة داخل مايكروسوفت

موقف مايكروسوفت من الاحتجاج

شركة مايكروسوفت لم تصدر بيانًا رسميًا مباشرًا حول احتجاج أبوالسعد، لكنها اكتفت بالإشارة إلى احترامها لحق الموظفين في التعبير عن آرائهم. 

إلا أن امتناع الشركة عن اتخاذ موقف واضح تجاه التعاون التقني مع الجيش الإسرائيلي، أو الدفاع عن سليمان، أثار انتقادات حادة، خاصة في الأوساط الأكاديمية والحقوقية.

هل هناك تورط مباشر؟

حتى الآن، لا توجد أدلة دامغة تثبت تورط شخصي مباشر من مصطفى سليمان في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، لكن عمله داخل منظومة تدير مشاريع كبرى مع الجيش الإسرائيلي، وارتباطه الوثيق بشخصيات ذات مواقف داعمة لإسرائيل مثل هوفمان، يثير الشكوك حول حيادية دوره.

كما أن ظهوره خلال فترة التصعيد في غزة، دون أي تصريح توضيحي أو نفي للشبهات، زاد من حدة الجدل، خاصة بعد دعم شركته السابقة Inflection AI من قِبل مايكروسوفت واستخدام تقنياتها في مشاريع Azure المثيرة للجدل.

ردود فعل متباينة

في الوقت الذي أشاد فيه البعض بشجاعة المهندسة أبوالسعد واعتبروها رمزًا أخلاقيًا داخل شركات التكنولوجيا العملاقة، رأى آخرون أن توجيه الاتهامات لسليمان يجب أن يكون مبنيًا على أدلة قاطعة لا مجرد ارتباطات أو تلميحات.

لكن المؤكد أن الواقعة سلطت الضوء على مدى تعقيد العلاقات بين شركات التكنولوجيا الكبرى والجهات العسكرية، خاصة في ظل تصاعد النزاعات العالمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي باتت تمثل اختبارًا حقيقيًا لمبادئ الأخلاق في عصر الذكاء الاصطناعي.