نتنياهو يرسم خريطة تقسيم غزة.. سيطرة عسكرية تمتد من موراج إلى فيلادلفيا

تقارير وحوارات

نتنياهو
نتنياهو

 

في وقت تتدهور فيه الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة إلى مستويات كارثية، يعمد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إعادة تشكيل الخريطة الجغرافية للقطاع عبر تقسيمه عسكريًا، فيما يرى مراقبون أن هذه الخطوات قد تمهّد لسيطرة إسرائيلية أكثر ديمومة وأوسع نطاقًا.

ففي خطاب مصور له، أعلن نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي يقوم بـ "تقسيم القطاع وزيادة الضغط تدريجيًا" على حركة حماس، حتى يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية تسيطر حاليًا على "ممر موراج"، واصفًا إياه بـ "فيلادلفيا الثاني"، في إشارة إلى الممر الحدودي المعروف جنوب القطاع.

هذا التوسع العسكري يأتي بعد أسابيع من استئناف العمليات الإسرائيلية منتصف مارس الماضي، والتي أسفرت خلال 24 ساعة فقط عن مقتل أكثر من 100 فلسطيني، ليرتفع العدد الكلي للضحايا إلى أكثر من 1163 قتيلًا منذ تجدد القتال، حسب وزارة الصحة في غزة.

خريطة تقسيم عسكري

حسب تحليل أعدته شبكة "سي إن إن"، فإن ممر موراج وهو طريق تاريخي يصل بين معبر صوفا ومستوطنة إسرائيلية سابقة جنوب غزة قد يتحول إلى خط فصل فعلي بين مدينتي خان يونس ورفح، في حال أكملت إسرائيل السيطرة عليه.

وفي وقت سابق، أعادت القوات الإسرائيلية السيطرة على ممر نتساريم، الذي يفصل شمال القطاع ووسطه عن جنوبه.

ووفقًا لمنظمة "غيشا" الحقوقية الإسرائيلية، فقد وسّعت إسرائيل بالفعل من المنطقة العازلة على أطراف القطاع إلى ما يقرب من 52 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 17% من مساحة غزة.

واعتبر الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إيتان دانجوت أن الاستيلاء على موراج يمثل "بداية لتقسيم غزة إلى ثلاثة أقسام واسعة"، بهدف إحكام السيطرة ومنع أي تنقل غير مرخص بين المناطق.

وقال: "ستكون هناك رقابة مشددة على أي حركة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية التي ستدخل تحت شروط أمنية صارمة".

وفي حين تروّج القيادة الإسرائيلية لهذا التوجه كوسيلة للضغط على حماس، يرى خبراء أن هذه الخريطة الجديدة قد تخدم أيضًا أجندة اليمين الإسرائيلي الراغب في استعادة المستوطنات التي تم تفكيكها خلال خطة "فك الارتباط" عام 2005، وعلى رأسها كتلة "غوش قطيف" التي كانت تضم مستوطنة موراج.

مأساة إنسانية متفاقمة

ترافق هذا التصعيد العسكري مع تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية، إذ حذّرت وكالة "الأونروا" من أن الجوع بات منتشرًا بشكل واسع بين سكان القطاع. وقد أُجبر مئات الفلسطينيين على اقتحام مستودعات توزيع المساعدات بحثًا عن أكياس دقيق لسد رمقهم، فيما وصف المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، استخدام الغذاء كسلاح بأنه "علامة على اليأس والانهيار".

وقد فاقمت الضربات الإسرائيلية الأخيرة المأساة، حيث قُتل 31 شخصًا في قصف استهدف مدرسة دار الأرقم شرقي غزة، كانت تؤوي نازحين، حسب الدفاع المدني في القطاع، بينما ادّعى الجيش الإسرائيلي أن الموقع كان "مركز قيادة لحماس".

فشل الهدنة وعودة الحرب

وفي سياق سياسي مأزوم، تعثرت مفاوضات وقف إطلاق النار مجددًا، إذ رفضت حماس مقترحًا إسرائيليًا تضمن هدنة لـ40 يومًا مقابل إطلاق 11 رهينة.

وترى الحركة أن إسرائيل تراجعت عن تفاهمات سابقة تم التوصل إليها بوساطة مصرية.

ومع انهيار المرحلة الأولى من الهدنة أوائل مارس، أعلنت إسرائيل منع دخول المساعدات إلى غزة، في محاولة للضغط على حماس لقبول الشروط الإسرائيلية، ومع تعثر المساعي عادت العمليات العسكرية إلى الواجهة بشكل أكثر عنفًا.