تفاصيل مقبرة القائد العسكري

اكتشاف أثري هام في تل روض إسكندر: مقابر جماعية وفردية تعود للعصور القديمة.. ما القصة؟

منوعات

اكتشاف أثري هام في
اكتشاف أثري هام في تل روض إسكندر

كشفت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار عن مجموعة من المقابر الجماعية والفردية التي تعود إلى العصور اليونانية والرومانية والعصر المتأخر، بالإضافة إلى مقبرة قائد عسكري بارز من عصر الملك رمسيس الثالث، ثاني ملوك الأسرة العشرين. وجاء هذا الاكتشاف خلال أعمال التنقيب التي أجرتها البعثة في منطقة تل روض إسكندر، بمنطقة المسخوطة في محافظة الإسماعيلية، وهي منطقة لطالما عُرفت بأهميتها التاريخية والعسكرية.

وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، على أهمية هذا الكشف، مشيرًا إلى أن الموقع يبرز الدور العسكري الحيوي الذي لعبه تل روض إسكندر في حماية الحدود الشرقية لمصر. فقد كانت هذه المنطقة تمثل نقطة استراتيجية حيوية، حيث تم تزويدها بالقلاع والحصون الدفاعية لضمان صدّ أي هجمات خارجية، خاصة خلال عصر الدولة الحديثة. كما أن وجود مقبرة قائد عسكري في هذه المنطقة يعزز من فرضية الدور الدفاعي الذي لعبه هذا الموقع عبر العصور المختلفة.

تفاصيل مقبرة القائد العسكري


وأوضح محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أن مقبرة القائد العسكري المشيدة من الطوب اللبن تتكون من حجرة دفن رئيسية وثلاث حجرات جانبية، وقد غُطيت جدرانها من الداخل بطبقة من الملاط الأبيض. وخلال أعمال التنقيب، عثرت البعثة الأثرية داخل المقبرة على بقايا هيكل عظمي لإنسان، مغطى بطبقة من الكارتوناج، إلا أن التحليل المبدئي أشار إلى أن الهيكل يعود إلى عصر لاحق، ما يعني أن المقبرة أُعيد استخدامها في فترة لاحقة من التاريخ المصري.

كما تضمنت المكتشفات الأثرية مجموعة من الأدوات البرونزية التي تشمل رؤوس سهام وبقايا صولجان، مما يدل على أن القائد المدفون كان يحتل منصبًا عسكريًا رفيعًا. ومن بين المكتشفات المهمة داخل المقبرة، مجموعة من أواني الألباستر المزينة بالنقوش وبقايا الألوان، من بينها خرطوشان للملك حور محب، أحد أهم القادة والملوك المحاربين في الأسرة الثامنة عشرة. كذلك، تم العثور على خاتم ذهبي يحمل خرطوش الملك رمسيس الثالث، ومجموعة من الأحجار الكريمة والخرز مختلفة الأشكال والألوان، وصندوق صغير مصنوع من العاج.

المقابر الجماعية والفردية من العصور المختلفة

إلى جانب مقبرة القائد العسكري، عثرت البعثة الأثرية على مجموعة من المقابر الجماعية التي يعود تاريخها إلى العصور اليونانية والرومانية، حيث وُجدت داخلها بقايا هياكل عظمية بشرية، مما يشير إلى أنها ربما كانت تستخدم كمقابر جماعية للجنود أو السكان المحليين في تلك الحقبة.

أما المقابر الفردية التي تعود إلى العصر المتأخر، فقد تضمنت بعض الاكتشافات الهامة، مثل التمائم التي تحمل رموزًا دينية تعود للآلهة المصرية القديمة، حيث عُثر على تمائم للإلهة "تاورت"، التي كانت تُعبد كحامية للولادة والأمومة، بالإضافة إلى تمائم للإله "بس"، الذي كان يُعتقد أنه يحمي الأطفال والنساء خلال الولادة، كما تم العثور على عين أوجات، التي كانت تُستخدم كرمز للحماية والقوة الروحية في مصر القديمة.

الأهمية التاريخية للاكتشافات

يعكس هذا الاكتشاف مدى ثراء التراث المصري، وأهمية الدور الذي لعبه تل روض إسكندر في التاريخ العسكري والديني لمصر. فوجود مقبرة قائد عسكري كبير في المنطقة، إلى جانب المقابر الجماعية من العصور اللاحقة، يشير إلى أن هذه المنطقة كانت مأهولة ومستخدمة عسكريًا لعدة قرون، مما يجعلها نقطة استراتيجية رئيسية في التاريخ المصري.

كما أن العثور على تمائم دينية داخل المقابر الفردية يعكس استمرار التقاليد الدينية المصرية القديمة حتى الفترات المتأخرة، حيث كان المصريون القدماء يحرصون على وضع التمائم مع الموتى لضمان الحماية في الحياة الآخرة، وهو تقليد استمر عبر مختلف العصور.

استمرار أعمال التنقيب والدراسة

أكد الخبراء في المجلس الأعلى للآثار أن أعمال التنقيب والدراسة لا تزال مستمرة في المنطقة، حيث يتم إجراء مزيد من التحليلات والدراسات على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد هويات أصحابها والفترات الزمنية الدقيقة التي تعود إليها. كما أن دراسة القطع الأثرية المكتشفة، مثل الأواني والأدوات البرونزية، ستساهم في تقديم معلومات أعمق حول الحياة العسكرية والدينية في مصر القديمة.

وتأتي هذه الاكتشافات في إطار الجهود المستمرة للكشف المزيد من الأسرار التاريخية لمصر القديمة، وتعزيز الفهم العلمي حول تطور الحضارة المصرية عبر العصور المختلفة.