التصعيد بين واشنطن وطهران.. هل تنجح أوروبا في تفادي المواجهة العسكرية؟

مع اقتراب انتهاء صلاحية الاتفاق النووي الإيراني، تتزايد المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية، خصوصًا إذا قررت طهران تسريع وتيرة برنامجها النووي.
فالاتفاق النووي المبرم عام 2015، والمعروف بـخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، يواجه حالة احتضار منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب.
تصاعد التوترات واحتمالات المواجهة
فشلت جميع المحاولات لإحياء الاتفاق أو التوصل إلى بديل أكثر صلابة بسبب انعدام الثقة المتبادل، وسياسة "الضغط الأقصى" الأمريكية، وتعقيدات الأوضاع الإقليمية، لا سيما الحرب في غزة.
ومع انتهاء الاتفاق، ستفقد الأطراف الدولية أبرز أدوات الضغط على طهران، مثل آلية العقوبات السريعة (Snapback)، التي تتيح إعادة فرض العقوبات تلقائيًا في حال انتهاك إيران للاتفاق.
وفي غياب أي اتفاق جديد، قد تجد إيران نفسها مدفوعة نحو تسريع برنامجها النووي، خاصة بعد تراجع نفوذ حلفائها في "محور المقاومة"، مثل حماس وحزب الله، والتدهور الكبير الذي يشهده النظام السوري الموالي لطهران.
إضافة إلى ذلك، فقد أظهرت الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة، التي استهدفت الدفاعات الجوية الإيرانية، هشاشة الموقف الإيراني.
عودة الضغط الأقصى وزيادة المخاطر
مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، سارعت إدارته إلى إعادة سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران، فيما تكثف إسرائيل ضغوطها على واشنطن لدعم ضربات عسكرية مباشرة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.
وفي المقابل، تشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تجاوز 50%، أي أكثر بـ40 ضعفًا من الحد المسموح به في الاتفاق النووي، ما يزيد من احتمالات اندلاع أزمة نووية.
هل يكون الحل بيد أوروبا؟
تحاول الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة)، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، منع الوصول إلى نقطة اللاعودة عبر إعادة فتح قنوات التفاوض مع إيران.
ورغم تصاعد التوتر بين الجانبين بسبب دعم طهران لروسيا في حرب أوكرانيا ونقلها مساعدات عسكرية لموسكو، يبقى الحل الدبلوماسي الخيار الأكثر منطقية للطرفين.
خلال الأشهر الماضية، عقد ممثلو أوروبا وإيران ثلاث جولات تفاوضية بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025 لمناقشة إمكانية إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى صيغة جديدة أكثر صلابة.
وبفضل علاقاتها مع واشنطن وإسرائيل ودول الخليج، يمكن لأوروبا أن تلعب دور الوسيط الأساسي في إيجاد مخرج دبلوماسي يجنب المنطقة أزمة كارثية.
ويتعين على أوروبا التحرك بسرعة عبر تحديد جدول زمني واضح لمفاوضات جديدة قبل انتهاء آلية العقوبات السريعة، إضافة إلى تقديم حوافز اقتصادية قوية لإقناع طهران بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
فالبديل الآخر هو تصعيد غير محسوب العواقب قد يشعل المنطقة بأكملها.