معركة الشيخ زويد.. يوم سقطت أحلام داعش تحت أقدام أبطال الجيش المصري

في فجر يوم مشحون بالدماء والتحدي، خاض الجيش المصري واحدة من أشرس معارك الفداء، حين تصدى أبطال القوات المسلحة لمحاولة تنظيم داعش الإرهابي إعلان ما سُمِّي بـ "ولاية سيناء".
كان المخطط الإجرامي واضحًا: هجوم متزامن على 15 كمينًا عسكريًا في مدينة الشيخ زويد، ورفع أعلام التنظيم الإرهابي عليها، لإيهام العالم بأن المدينة سقطت في قبضتهم. لكن حسابات الإرهاب اصطدمت بصلابة المقاتلين المصريين، الذين واجهوا الهجوم بشراسة، محبطين المخطط خلال معركة استمرت أكثر من سبع ساعات، تحولت فيها أرض سيناء إلى جحيم تحت أقدام الإرهابيين.
مع طلوع الشمس، وفي تمام الساعة السابعة صباحًا، انطلقت مجموعات إرهابية تتجاوز 100 عنصر مسلح نحو الكمائن العسكرية.
كانت خطتهم تعتمد على عنصر المفاجأة، لكن الجنود والضباط المصريين كانوا على أهبة الاستعداد. لم يتجاوز عدد المدافعين في كل كمين 23 جنديًا، لكنهم قاتلوا وكأنهم مئات، فصمدت الكمائن وتحولت إلى حصون منيعة أفشلت الهجوم وأجبرت الإرهابيين على التراجع، تاركين وراءهم جثث قتلاهم متناثرة في الميدان.
وسط المعركة، صدرت الأوامر بتحرك قوات الدعم السريع لتعزيز الكمائن وتأمين السيطرة على الموقف، بقيادة الرائد كريم بدر، الذي خاطب جنوده قبل التحرك قائلًا: "إما النصر أو الشهادة، ولن نترك شبرًا واحدًا للإرهاب!".
وبينما كانت القوات تستعد، كان الملازم أول محمد عبده على وشك المغادرة في إجازة، لكنه ألقى حقيبته، واعتلى دبابته دون تردد، منطلقًا نحو المواجهة.
قاد الملازم محمد عبده دبابته طراز M60 في مقدمة قوات الدعم، وتمكن من تدمير عدة سيارات دفع رباعي تابعة للإرهابيين، محملة بأسلحة ثقيلة ورشاشات. كانت ضرباته دقيقة وقاتلة، مما أربك العناصر الإرهابية، لكنه أصيب بشظية في صدره.
ورغم الجراح، لم يتوقف عن القتال حتى بدأ الإرهابيون في استهداف دبابته بقذائف "آر بي جي". أصيب إصابة قاتلة، لكنه لم يستسلم، وخرج من برج الدبابة ليقاتل بسلاحه الشخصي من مسافة قريبة حتى سقط شهيدًا، بعد أن حسم المعركة لصالح قواته.
وفي موقع آخر، كان الرائد كريم بدر يقود الهجوم نحو كمين الرفاعي، حيث اشتبك مع الإرهابيين على بعد أمتار قليلة. تلقى طلقة مباشرة في ذراعه اليسرى، لكنها لم تثنه عن القتال، بل حمل ذراعه المبتورة، ووضعها فوق المدرعة، ثم أمسك بسلاحه باليد اليمنى، وأطلق النيران حتى الرمق الأخير، مسقطًا العشرات من الإرهابيين، ليخلد اسمه في سجل البطولات العسكرية المصرية.
بعد إصابة الرائد بدر، تولى الجندي كيرولس تشغيل مدفع المركبة، ليواصل دك معاقل الإرهابيين، مُجهزًا على ما تبقى منهم، حتى اكتملت السيطرة تمامًا، واندحر الإرهابيون دون تحقيق أي من أهدافهم.
لم يتمكنوا من رفع علم واحد فوق أي من الكمائن، ولم يسيطروا على شبر واحد من أرض سيناء، بل سقطت أحلامهم وسط ركام الهزيمة، بعدما تلقوا ضربة قاصمة أفقدتهم أي أمل في التواجد على أرض مصر.
لم تكن مجرد معركة، بل كانت رسالة خالدة: سيناء لن تسقط، وأبطالها سيظلون بالمرصاد لكل من يحاول الاقتراب منها.