اعتقالات موسعة.. ماذا يحدث في جنوب السودان؟

تشهد العاصمة جوبا حالة من الاضطراب السياسي والأمني، عقب اعتقالات طالت شخصيات بارزة من حلفاء نائب الرئيس رياك مشار، في خطوة أثارت قلقًا واسعًا حول مستقبل اتفاق السلام الهش الموقع عام 2018.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الاعتقالات شملت وزير النفط بوت كانج شول، ووزير بناء السلام ستيفن بار كول، إلى جانب نائب قائد الجيش وعدد من القادة العسكريين، دون صدور أي توضيح رسمي من الحكومة بشأن أسباب هذه الإجراءات.
وتأتي هذه الخطوة وسط تصاعد الخلافات بين الرئيس سلفا كير ونائبه مشار، حيث يخشى مراقبون أن تؤدي هذه التطورات إلى انهيار اتفاق تقاسم السلطة، ما قد يعيد البلاد إلى دوامة الحرب الأهلية التي أسفرت عن مقتل نحو 400 ألف شخص ونزوح أكثر من 2.5 مليون منذ 2013.
وفي هذا السياق، دعا حزب "الحركة الشعبية لتحرير السودان" الذي يقوده مشار إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين، محذرًا من أن استمرار هذه الاعتقالات يقوض الاستقرار السياسي في البلاد. كما حذرت منظمات حقوقية ودبلوماسيون غربيون من أن التصعيد الحالي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مطالبين بالتهدئة والحوار لحل الخلافات السياسية.
هجوم مسلح على مروحية أممية يوقع قتلى وجرحى
في تطور أمني خطير، تعرضت مروحية تابعة للأمم المتحدة لإطلاق نار خلال تنفيذها عملية إخلاء بمدينة الناصر في ولاية أعالي النيل، ما أسفر عن مقتل أحد أفراد طاقمها وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة، وفق ما أعلنت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.
وأفاد بيان رسمي صادر عن البعثة أن الهجوم أسفر أيضًا عن مقتل جنرال وعدد من أفراد قوات الدفاع في جنوب السودان، كانوا على متن المروحية في إطار عملية إجلاء تمت بطلب من "جميع الأطراف" المتنازعة.
ووصف نيكولاس هايسوم، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان، الهجوم بأنه "مروع للغاية"، مشيرًا إلى أنه قد يشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي. كما دعا إلى فتح تحقيق عاجل لمحاسبة المسؤولين عن استهداف المروحية الأممية.
مخاوف من عودة الحرب الأهلية وانهيار الاقتصاد
يأتي هذا التصعيد في ظل تزايد التوترات بين الأطراف السياسية والعسكرية في جنوب السودان، حيث تتصاعد المخاوف من أن تؤدي الاعتقالات وأعمال العنف الأخيرة إلى انهيار اتفاق السلام والعودة إلى المواجهات المسلحة.
وعلى الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على توقيع اتفاق السلام، إلا أن التحديات الأمنية والسياسية لا تزال تعرقل جهود تحقيق الاستقرار في البلاد. كما يعاني الاقتصاد من أزمات خانقة بسبب تراجع إنتاج النفط، الذي يعد المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية، فضلًا عن استمرار الصراعات القبلية والنزاعات المسلحة.
دعوات دولية لاحتواء الأزمة
في ظل هذا المشهد المضطرب، جدد المبعوثون الغربيون والأمم المتحدة دعوتهم للأطراف المتنازعة في جنوب السودان إلى ضبط النفس، والعمل على حل الخلافات عبر الحوار بدلًا من اللجوء إلى العنف والتصعيد السياسي.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الجهود الدولية والإقليمية من احتواء الأزمة، أم أن جنوب السودان يتجه نحو موجة جديدة من الصراع المسلح تهدد الاستقرار الهش في البلاد؟