رحلة عبر الزمن.. من الفراعنة إلى اليوم كيف تطورت طقوس شم النسيم
![رحلة عبر الزمن..](/themes/fagr/assets/images/no.jpg)
يعد شم النسيم من أقدم الأعياد التي عرفها التاريخ، إذ بدأ الاحتفال به منذ أكثر من 5 آلاف عام، حيث كان المصريون القدماء يعتبرونه عيد الخلق وبعث الحياة، وقد اشتُق اسمه من الكلمة الفرعونية "شمو"، والتي تعني البعث والتجدد، فقد آمن الفراعنة بأن هذا اليوم يمثل بداية الحياة واستمرارها، ومع مرور الزمن، تحوّل الاسم إلى "شم النسيم"، وأصبح جزءًا أصيلًا من التراث المصري، حيث يحتفل به المصريون من جميع الفئات والأديان حتى يومنا هذا.
احتفالات الفراعنة بشم النسيم
ارتبط هذا العيد عند المصريين القدماء بطقوس احتفالية مميزة، كان من أبرزها تجمعهم عند الواجهة الشمالية للهرم الأكبر قبل غروب الشمس، لمشاهدة ظاهرة فلكية فريدة، حيث يظهر قرص الشمس وهو يجلس فوق قمة الهرم، بينما تخترق أشعتها القمة، فيبدو الهرم وكأنه مشطور إلى نصفين، وكان الفراعنة يرون في هذه الظاهرة تجسيدًا لدورة الحياة والبعث، مما عزز ارتباط العيد بمعتقداتهم الدينية والكونية.
عادات متوارثة في الاحتفال بشم النسيم
رغم مرور آلاف السنين، لا يزال المصريون يحتفظون بالعادات التي تعود إلى جذورهم الفرعونية عند الاحتفال بشم النسيم، ومن أبرز تلك العادات الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والحقول والشواطئ، حيث يجتمع أفراد العائلة في أجواء مبهجة مليئة بالفرح والترويح عن النفس، ومن العادات الأساسية أيضًا تناول الأطعمة التقليدية التي ارتبطت بهذا العيد منذ العصور الفرعونية، مثل البيض الملون، والفسيخ، والرنجة، والبصل، والخس، والحمص الأخضر.
أسرار الأطعمة التقليدية في شم النسيم
- البيض الملون: كان المصريون القدماء يعتبرونه رمزًا لخلق الحياة من العدم، وكانوا ينقشون عليه أمنياتهم بألوان مستخلصة من الطبيعة، ثم يضعونه في سلال مصنوعة من سعف النخيل الأخضر، معتقدين أن نور الشمس سيباركه ويحقق دعواتهم.
- البصل: كان يُعتقد أنه قادر على طرد الأرواح الشريرة وعلاج الأمراض، وقد ارتبط بأسطورة فرعونية تحكي عن طفل أُصيب بمرض غامض، فعجز الأطباء عن علاجه، حتى وضع الكهنة ثمرة بصل تحت رأسه وعلقوا عيدانه الخضراء حول سريره، فشُفي تمامًا.
- الفسيخ (السمك المملح): برع المصريون القدماء في تجفيف الأسماك وحفظها، وكانوا يعتبرونه رمزًا للرزق والخصوبة، وكان تناوله جزءًا لا يتجزأ من احتفالات شم النسيم.
شم النسيم بين الماضي والحاضر
لم تقتصر الاحتفالات بشم النسيم على التنزه وتناول الطعام، بل تطورت عبر الزمن لتشمل أنشطة أخرى مثل الحفلات الغنائية والعروض المسرحية وطرح الأفلام الجديدة.
ويحرص العديد من العائلات اليوم على استغلال هذه المناسبة للسفر إلى الشواطئ والمدن الساحلية، فيما يفضل البعض الآخر قضاء اليوم في الحدائق والمنتزهات للاستمتاع بجمال الطبيعة.
ويتميز شم النسيم بكونه عيدًا يجمع المصريين على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم، حيث يحتفل به المسلمون والمسيحيون على حد سواء، تمامًا كما كان يفعل الفراعنة منذ آلاف السنين، ليبقى شاهدًا على تاريخ مصر العريق وثقافتها الفريدة.