تهديد أم غطاء سياسي من أجل التهجير؟

ترامب وإعلان شراء غزة: جدل دولي واستنكار عربي

تقارير وحوارات

ترامب وإعلان شراء
ترامب وإعلان شراء غزة: جدل دولي ومخاوف فلسطينية

أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته شراء قطاع غزة وتحويله إلى منطقة استثمارية موجة من الغضب الدولي والرفض الفلسطيني، معتبرين أن القطاع ليس عقارًا يُباع ويُشترى. جاءت هذه التصريحات المثيرة للجدل خلال لقاء صحفي، حيث أوضح ترامب أنه سيمنح أجزاءً من غزة لدول أخرى في الشرق الأوسط للمساهمة في إعادة بنائها. فهل هذا الإعلان خطوة نحو التنمية الاقتصادية أم مجرد مخطط سياسي جديد يمس بالقضية الفلسطينية؟

خطة ترامب

خطة ترامب: امتلاك غزة وتوطين الفلسطينيين؟

في حديثه للصحافة، كشف ترامب عن التزامه بالسيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى منطقة تنموية واستثمارية، مؤكدًا أنه سيبحث إمكانية السماح لعدد من اللاجئين الفلسطينيين بدخول الولايات المتحدة. كما أشار إلى أن بعض الدول العربية، مثل السعودية ومصر، قد تستقبل الفلسطينيين ضمن خطة إعادة التوطين.

وقال ترامب:

"سأحول غزة إلى موقع جيد للتنمية المستقبلية وسأهتم بالفلسطينيين لضمان سلامتهم، كما سأناقش ملف اللاجئين الفلسطينيين مع عدد من الدول في المنطقة".

حماس ترد: غزة ليست للبيع

على الفور، ردت حركة حماس على تصريحات ترامب، واصفة إياها بأنها "سخيفة وعبثية". وأكدت أن غزة ليست عقارًا يُباع ويُشترى، وأن الفلسطينيين لن يغادروا أراضيهم مهما كانت الظروف.

سامي أبو زهري: حظر الاحتلال الصهيوني للأونروا يهدف لقتل الفلسطينيين جوعا وما يحدث في غزة تطهير عرقي | الإذاعة الجزائرية
سامي أبو زهري

وقال سامي أبو زهري، القيادي في حماس:

"شعبنا في غزة لن يسمح بتمرير مخططات ترامب، والمطلوب هو إنهاء الاحتلال والعدوان على شعبنا، لا طرده من أرضه".

كما أصدرت السلطة الفلسطينية بيانًا رسميًا أكدت فيه رفضها القاطع لأي مشروع يستهدف تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم تحت مسمى "إعادة الإعمار".

ردود فعل عربية غاضبة

لم تكن الدول العربية بمنأى عن هذا الجدل، حيث جاءت ردود الفعل من مختلف العواصم العربية رافضة للمخطط الأمريكي بشأن غزة. واعتبرت هذه الدول أن أي محاولة لإعادة توطين الفلسطينيين خارج أرضهم تعد انتهاكًا لحقوقهم المشروعة وتقويضًا لحل الدولتين. كما أكدت على ضرورة تقديم الدعم اللازم للفلسطينيين داخل أراضيهم، بدلًا من البحث عن حلول تتجاهل حقهم في البقاء بوطنهم.

المملكة العربية السعودية عبرت عن موقفها الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، حيث أكدت وزارة الخارجية دعمها لقيام دولة فلسطينية مستقلة، مشددة على رفض أي مشاريع تهدف إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم. وجددت الرياض التزامها بدعم الحقوق الفلسطينية على كافة الأصعدة السياسية والإنسانية، محذرة من أي خطوات من شأنها تهجير السكان قسرًا من قطاع غزة.

بدر عبد العاطي وزير الخارجية

من جهتها، شددت مصر على أهمية دعم الفلسطينيين داخل أراضيهم، ورفضت أي خطط تستهدف نقل سكان غزة إلى الخارج، حيث أكد  بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، أن القاهرة لن تقبل بأي شكل من الأشكال تهجير الفلسطينيين إلى سيناء. وأوضح أن الحل الحقيقي يكمن في وقف العدوان الإسرائيلي وإعادة إعمار غزة دون المساس بتركيبتها السكانية أو المساس بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.

أما الأردن والإمارات، فقد جاء موقفهما متسقًا مع الموقف العربي العام، حيث أكد الديوان الملكي الأردني في بيان رسمي رفضه التام لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، مشددًا على أن القدس وغزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة. في حين جددت وزارة الخارجية الإماراتية موقفها الداعم لحقوق الفلسطينيين المشروعة، مؤكدة رفضها لأي محاولات لفرض واقع جديد على غزة من خلال خطط تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة وطنهم.

المجتمع الدولي يعارض خطة ترامب

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول شراء غزة موجة واسعة من الاستنكار الدولي، حيث اعتبر العديد من زعماء العالم أن هذه الخطة تتعارض مع القانون الدولي وتهدد مستقبل حل الدولتين. واعتبرت الدول الأوروبية وروسيا والصين أن أي محاولة لإعادة توطين الفلسطينيين خارج أرضهم تعد انتهاكًا واضحًا للمعاهدات الدولية، مما يزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة ويؤجج التوترات السياسية.

وصف المستشار الألماني أولاف شولتس مقترح ترامب بأنه "فضيحة"

ألمانيا عبرت عن رفضها القاطع لهذه التصريحات، حيث وصف المستشار الألماني أولاف شولتس مقترح ترامب بأنه "فضيحة"، مؤكدًا أن نقل سكان غزة قسرًا يتعارض بشكل مباشر مع القوانين الدولية. وشدد على أن أي خطة لا تحترم حقوق الفلسطينيين ستؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلًا من حلها. كما أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن طرد الفلسطينيين من غزة غير مقبول وسيتسبب في كراهية جديدة وصراعات إضافية.

أما فرنسا، فقد أكدت وزارة خارجيتها أن أي تهجير قسري للفلسطينيين يعد "انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي"، مشيرة إلى أن هذه الخطط ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وتؤثر سلبًا على أمن مصر والأردن، باعتبارهما الدول المجاورة لغزة. من جهته، شدد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على ضرورة السماح للفلسطينيين بإعادة بناء وطنهم داخل غزة، محذرًا من أي محاولات لتغيير الوضع الديموغرافي في القطاع.

من جهتها، أكدت روسيا على موقفها الداعم لحل الدولتين، حيث صرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن أي تسوية سياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يجب أن تستند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي، مشيرًا إلى أن محاولة نقل سكان غزة ليست حلًا حقيقيًا للصراع. كما دعت الصين إلى استغلال وقف إطلاق النار في غزة كفرصة لإعادة إحياء المفاوضات السياسية على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

لاقت خطة ترامب ترحيبًا من الحكومة الإسرائيلية

نتنياهو يؤيد ترامب: فرصة لإسرائيل

على الجانب الآخر، لاقت خطة ترامب ترحيبًا من الحكومة الإسرائيلية، حيث وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها "ثورية وإبداعية"، معتبرًا أنها ستضمن أمن إسرائيل لأجيال قادمة.

كما دعا بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى تشجيع سكان غزة على الهجرة، واصفين ذلك بأنه "الحل الوحيد لإنهاء الصراع".

وقال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير:

"تشجيع سكان غزة على الهجرة هو الاستراتيجية الصحيحة الوحيدة بعد نهاية الحرب في غزة".

هل تصبح غزة "ريفييرا الشرق الأوسط"؟

أشار ترامب إلى أن خطته تهدف إلى تحويل غزة إلى وجهة سياحية واستثمارية ضخمة، مؤكدًا أنها ستصبح "ريفييرا الشرق الأوسط"، شبيهة بالمشاريع الضخمة في دبي والبحر الأحمر.

لكن الخبراء السياسيون يرون أن هذه التصريحات مجرد غطاء سياسي لمحاولة إفراغ غزة من سكانها الفلسطينيين، مما يهدد بتغيير التركيبة الديموغرافية في المنطقة.

لكن الشعب الفلسطيني يؤكد أنَّ الحقوق التاريخية غير قابلة للتفاوض

التداعيات المحتملة: تصعيد جديد في المنطقة؟

إذا استمر الضغط لتنفيذ خطة ترامب، فقد يؤدي ذلك إلى موجة تصعيد غير مسبوقة في المنطقة. إذ يرى محللون أن المقاومة الفلسطينية لن تسمح بتمرير هذه المخططات، مما قد يؤدي إلى مواجهات جديدة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.

كما أن الدول العربية والإسلامية قد تزيد من دعمها السياسي والاقتصادي لغزة لمواجهة هذه التحديات، مما قد يعيد ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى واجهة السياسة الدولية.

تصريحات ترامب حول شراء غزة وإعادة توطين الفلسطينيين أثارت موجة من الغضب والاستنكار على المستويين العربي والدولي. وبينما تحاول إسرائيل الاستفادة من هذه المبادرة لصالحها، فإن الشعب الفلسطيني وحلفاءه يؤكدون أن الحقوق التاريخية غير قابلة للتفاوض. فهل ستكون هذه التصريحات مجرد فرقعة إعلامية، أم أنها بداية لتحول جديد في مسار القضية الفلسطينية؟