عالم بلا أمريكا.. دماء بيت الشيطان
يا ليتك يا كولومبوس لم تقم برحلتك في 1492 - 1498، واكتشفت تلك الدولة التي ما اشتعل فتيل حرب أو دمار في العالم إلا وكانت خلفها، يا ليتك لم تزح الغبار عن الهنود الحمر وقتها، وياليتهم ظلوا على بدائيتهم يعملون في صيد السمك ويسكنون الكهوف، وياليتك لم تسمح لكل هذه الدماء أن تراق منذ اكتشاف بلاد العم سام حتى يومنا هذا.
«أمريكا.. بلاد العم سام.. بلاد الحرية.. الماما أمريكا»، تلك القلعة التي يقودها البيت الأبيض «بيت الشيطان»، وأبهرت العالم بتقدمها العلمي والتكنولوجي، وروجت احترامها لحقوق الإنسان طيلة العقود السابقة، حتى سقط القناع، كانت في بادئ الأمر، أرضا يسكنها السكان الأصليين الهنود الحمر، منذ مئات الآلاف من السنين، واكتشفها كريستوفر كولومبوس، صدفة على أنها جزرا تتبع الهند، في رحلتيه عامي 1492 - 1498.
البلد الذي يعود تسميته إلى البحارة الإيطالي أمريكو فسبوتشي، تكريما له لاكتشافه أن الأراضي التي وصل إليها كولومبوس هي قارتين وليستا جزرا تتبع الهند، أصبحت فيما بعد فتيلا ووقودا لأي حرب أو نزاعات أو اضطرابات تحدث في أي دولة حول العالم، لا فرق في ذلك إن كانت تلك الدولة متقدمة أو نامية.
فما من بؤرة ملتهبة حول العالم إلا وكانت للولايات المتحدة الـ50، علاقة بها سواء بشكل مباشر بتدخلها الواضح العسكري أو السياسي، أو بشكل غير مباشر بتنمية نزعة الطائفية أو تأليب الأحزاب المكونة لأي بلد على الحكومة الشرعية فيها.
ومنذ استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، والانفصال عن بريطانيا العظمى، بدأت رحلة القاتل المتسلسل رافعا شعار «شرطي العالم» راعي الحقوق والحريات وانتظام المنظومة الكونية، وبالطبع هي قدسية فرضتها، وهالة رسمتها بقوة السلاح والهيمنة الاقتصادية، لتحقيق المآرب الكبرى.
جرائم أمريكا لم تكن صدفة، ولا دفاعا عن النفس كما تروج، ولكنها خطط تضعها لجان، بعد دراسات مستفيضة تحدد احتياجات البلاد من البترول والذهب من دول العالم، فضلا عن الخطط التوسعية لضمان تحجيم المد السوفيتي وتقويض النفوذ الروسي الصيني، في المعسكر الشرقي، أضف لذلك رغبتها في بيع الأسلحة التي تصنعها باستمرار.
فمنذ نحو تأسيس الولايات المتحدة، على يد جورج واشنطن، والتاريخ يشهد اضطرابات وحروب غير مسبوقة، ودماء كثيرة تسال هنا وهناك، فجميع الحروب والنزاعات التي تلت تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، كانت لتلك الدولة يد فيها بل وأساسها، فالسطور التالية ستحاول شارحة تلك الرؤية.
ضحايا شهوة الدم الأمريكية
الهنود الحمر.. 100 مليون شخص قتيل بعد 370 مذبحة، وفق تقديرات مؤسسات أمريكية.
مذبحة مدينة «دريسدن» في الحرب العالمية الثانية.. 34 ألف قتيل ألماني.
هيروشيما وناجازاكي.. وأكثر من 220 ألف قتيل ياباني ومئات الآلاف من المصابين.
فيتنام.. 20 عاما من الدماء و3 ملايين قتيل بـ500 ألف طن قنابل في العام الواحد.
حرب الكوريتين.. تأليب الجارتين وشيطنة الشمالية والمحصلة 5 ملايين قتيل.
أفغانستان تدفع ثمن هجمات 11 سبتمبر بنحو 200 ألف في 13 عاما.
العراق وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل والمحصلة نحو نصف مليون عراقي قتيل.
الحرب العالمية الأولى.. قُتل فيها نحو 8.5 مليون و21 مليون مصاب.
الحرب العالمية الثانية.. سقط فيها نحو 75 مليون شخص.
وما خفي كان أعظم، فنفوذ الأمريكي، قوي جدا يستطيع السيطرة على أي وسيلة إعلامية أو شخصية مؤثرة تحاول فضح جرائمه.
فلسطين تنزف بسبب صنعة أمريكا.. فالاحتلال قتل أكثر من 134 ألف فلسطيني منذ نكبة 1948، حتى 7 أكتوبر، فضلا عن أكثر من 45 ألف شهيد فلسطيني ونحو 100 ألف مصاب حتى الآن منذ 7 أكتوبر أي في 10 أشهر فقط.
وهنا لا بد أن نشير إلى صنعة أمريكا الخبيثة، تلك الصنعة التي ندفع ثمنها نحن دول الشرق الأوسط الأثمان الباهظة، فوفق تصريح سابق للرئيس الأمريكي جو بايدن قال «لو لم تكن هناك إسرائيل، لكنا قد أوجدناها»، ولا يخفى على أحد الدعم الأمريكي الفج للكيان من حيث توفير أحدث الأسلحة والمعدات لا لقتل جيش نظامي ولكن لقتل الأطفال والأبرياء في قطاع الغزة.
فتلك إسرائيل، الكيان الصهيوني الغاصب المجرم الذي كان يكتم أنفاس الفلسطينيين منذ عام 1948، وخلَّف عشرات الآلاف من الشهداء نتيجة مقاومته المشروعة، تربت على حجر الماما أمريكا ونهلت منها كيف تروي عطشها من الدماء، ولم لا فمشروعية وجودها في المنطقة هو الدم وليس غيره، فلا سلام ولا اقتصاد ولا نوايا حسنة، تريد، بل فقط التوسع والتمدد وحلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، على أنقاض الدول والأبرياء.
على مدار التاريخ منذ خلق آدم، كانت هناك قبائل وجماعات مارقة نكلت بالبشرية، أمثال المجوس والتتار والمغول، وما قبلهم وما بعدهم، وفي العصر الحديث، تستحق أمريكا بجدارة، أن تكون الدولة الدموية المارقة ولقب «بيت الشيطان» الأعظم.