خاص| معرض كيميت بهولندا يثير جدلًا في مصر.. هل يدعو للأفروسنتريك؟ (صور)
أثار المعرض المؤقت الذي تم افتتاحه منذ أيام قليلة في المتحف الوطني للآثار بمدينة ليدن الهولندية Rijksmuseum van Oudheden جدلًا واسعًا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعترضوا على محتوى المعرض واعتبروه استمرارًا لدعم أفكار الأفروسينتريك والتي تحاول سلب الحضارة المصرية القديمة من أهلها ونسبتها لمواطني غرب إفريقيا دون أدنى منطق.
ما هو المعرض؟
والمعرض يحمل عنوان KEMET: Egypt in hip-hop، jazz، soul & funk، ويستمر حتى يوم 3 سبتمبر 2023، طبقا للموقع الإلكتروني للمتحف، والمعرض المؤقت يستعرض تأثير الحضارة المصرية على أنواع من الموسيقى العالمية مثل الـ hip-hop، jazz، soul & funk، وكيف أن الحضارة المصرية لازالت تمثل مصدرًا للوحي والإلهام لفناني العالم، ولكن ما استفز الشعب المصري هو تطرق المعرض لادعاءات مناصري أفكار ما يطلق عليها المركزية الإفريقية أو الأفروسينتريك، وكيف انعكست أفكارهم على بعض الأعمال الفنية، وما يبدو للوهلة الأولى تأييدًا من المتحف نفسه لتلك الأفكار.
إشارات تثير الريبة
وفور أن تقوم بفتح الموقع الإلكتروني للمتحف، يقابلك البوستر الدعائي للمعرض والذي يحمل صورة لفتاة افريقية ترتدي أزياء مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة وتحمل بعض الكتابات الهيروغليفية، كما ترى على يسارها رأس الملكة نفرتيتي وعلى يمينها قناع للملك توت عنخ آمون يحمل ملامح أفريقية تماما مغايرة للقناع الأصلي.
باحثة أثرية تعلق
ومن ناحيتها قالت وسام محمد باحثة بقسم الآثار بجامعة آورهوس بالدنمارك، في تصريحات خاصة إلى الفجر، إن فكرة المعرض لا تبدو سيئة لهذا الحد إن كنا سنناقش تأثير الحضارة المصرية على الفنون المختلفة مثلما تم إعلانه، ولكن يجب على المتحف بلا شك ضمان تنفيذ الفكرة بشكل جيد دون التواطؤ مع جهات أو أفكار من شأنها تزوير الحقائق التاريخية والاستهانة بالمصريين واستباحة ماضيهم، فالقناع المذكور يعود لمغني الراب الأمريكي ذو الأصول الافريقية Nas أو ناصر ابن أولو الدراء، والذي يروج لأفكار المركزية الإفريقية من خلال أغانيه، وقد صنع قناعًا يحمل صورته على شكل قناع الملك المصري توت عنخ آمون كصورة دعائية لأحد البوماته الموسيقية في عام 1999، ويبدو أن القناع يتم عرضه بالفعل في المعرض.
استضافات تثير الشك
كذلك فقد قام المتحف باستضافة مغني الراب الهولندي ذو الأصول الافريقية Nnelg والذي قام بكتابة أغنية خصيصًا للمعرض، مما يثير التساؤل عن محتوى كلمات تلك الأغنية، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من الصور التي تُظهر جوانب من المعرض يتضح فيها بعض الربط بين شخصيات من التاريخ المصري القديم وشخصيات من الفنانين الأفارقة، فضلا عن اختيار كل ما هو أسود ليتم عرضه بالمعرض دون سواه من الآثار المصرية المختلفة.
أما إن ذهبت إلى موقع Youtube، فستجد أن المتحف قد وضع وصفًا لأحد الفيديوهات الدعائية للمعرض، وقد تحدث عن الموسيقى كتعبير عن الهوية، وهو ما يتجاوز بكثير حدود الالهام والوحي للفنون المختلفة، وإنما يربط الحضارة المصرية بهوية هؤلاء الفنانين.
كذلك فإن كنا نتحدث عن العمل المتحفي بشكل علمي واحترافي، فكيف نجد أن جميع الصور المتداولة من المعرض تشتمل على أشخاص من أصول أفريقية غير مصرية، ولا يوجد على الإطلاق شخص مصري واحد ضمن هؤلاء، ولا حتى على سبيل النقاش وإبداء الرأي.
يحق لنا الحديث
ألا يرى المتحف أنه يحق لنا الحديث عن ماضينا وحاضرنا؟ هل من حق الجميع أن يتحدث عن آثارنا، ويضع النظريات ويُصدر الأحكام دون أي اعتبار لوجودنا؟ وكيف يمكن أن يغفل المتحف دور الشعب الذي تنتمي إليه المعروضات التي بحوزته؟ هل يُعتبر هذا الفعل أخلاقيًا؟ وإن كانوا يتحدثون عن الموسيقيين الأفارقة فقط، ألا يعلم أحدهم أن المصريين أفارقة أيضا؟ أم كان يجب عليهم توضيح أن المعرض يتحدث عن الموسيقيين الأفارقة غير المصريين؟ وهو ما يتفق مع التاريخ والواقع والمنطق، فهم لم يكونوا ولن يكونوا مصريين.
رد فعل المصريين
ردًا على كل ذلك، فقد قام عدد كبير من الأشخاص بكتابة بعض التعليقات السلبية على صفحة المتحف على موقع فيسبوك وإضافة تقييمات سلبية لها، مما دعا المتحف لإيقاف الصفحة وعدم ظهورها للمستخدمين حتى تنتهي الأزمة الحالية، كما نشر العديد من المستخدمين دعوة لتقييم المتحف على خرائط جوجل، وبالفعل هبط تقييم المتحف من 4.6 إلى 4.1 خلال ساعات.
يُذكر أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي قد قاموا بفعل مشابه ضد شبكة نتفلكس، حيث هبط تقييمها علىGoogle Play إلى نجمة واحدة بعد الهجوم الشديد الذي تعرضت له بعد إعلانها عن مهزلتها الوثائقية المُسماه "كليوباترا" والتي أثارت ردود أفعال عالمية ضد تحريف الحقائق وتزوير التاريخ المصري القديم.
في النهاية، أنا لم أقم بزيارة المعرض وبالتأكيد لا يمكن الحكم على المعرض ككل من بعض الصور، ولكن لا يمكن إنكار أن الصور والمعلومات المتداولة مستفزة بشكل كبير وتتطلب تفسيرًا من القائمين على المعرض، لقد التزم المتحف الصمت تماما حتى الآن، ولكننا نطالب بتوضيح الموقف، خاصة وأن المتحف له صلات عديدة بمصر، وربما كان من المفيد أن يقوم المتحف بتسجيل جولة إرشادية بالمعرض لتوضيح كافة جوانب العرض، إن كان لا يوجد ما يدينه.