احكي يا تاريخ
قصص شهر رمضان.. بين بطولات المعاصرين وأمجاد الأولين
قصص شهر رمضان كثيرة وعديدة، ونتعلم في هذا الشهر أنَّ الأيام الفضيلة تختبر إرادة الرجال من قبل قدرة بطونهم الفارغة على تجمُّلِ الجوع.
بطولات وأمجاد
قصص شهر رمضان المبارك فخر لكل مسلم وعربي ومصري، شهدت أحداثًا عاصرها غالب الحاضرون، وأحداثًا أخرى نقراها في السِيَر؛ لتكشف أنَّ بطولات قادها الأولون، وتعامل معها المعاصرون ألقت في قلوب العالم فهمًا مختلفًا لهذه الأيام، فقد أصبح يراها الجميع من المسلمين وغير المسلمين أنَّها لا تقتصر كونها شعائر فقط، بل أنَّها نهج وطريق للذين يبنون الأمجاد.
غزوة بدر الكبرى
من أهم وأكثر قصص شهر رمضان فخرًا وافتخارًا غزوة بدر الكبرى، والتي وقعت في الشهر الفضيل؛ ليكون النصر حليف فيها فيها للمسلمين بقيادة رسول الله صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وصحبه، أمام جحافل من جيوش الفار والمشركين في مكة.
وقعت غزوة بدر في صبيحة يوم الاثنين 17 رمضان الموافق العام الثاني من الهجرة، وكان موقعها في أرض بدر، وهي محطة لمرور القوافل المتجهة إلى الشام والعائدة إلى مكة المكرمة، بعد أن أذِنَ الرسول صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله بالجهاد، بعدما استقروا في المدينة المنورة
خرج المسلمون وهم قِلَّة لا يتجاوزون ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، وقد كان فُرِضَ عليهم الصيام في العام الثاني من الهجرة من شهر شعبان، وكان لديهم عدد اقل من الفرسان، وسبعون بعيًرا يتعاقبون على ركوبها، أمام جيش بلغ نحو ألف مقاتل من مشركي مكة ومعهم مائتا فرس يقودونها.
لقد شكَّل انتصار المسلمين في غزوة بدر الكبرى فاتحة الانتصارات في شهر رمضان، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله؛ ليصبح عظيم القيم إضافة لقوة المسلم الذي لا تهزمه لوعة جوع.
ذكريات نصر أكتوبر 1973
وعندما تعاودنا الذكريات نسترجع تاريخًا معاصرًا أثبت أنَّ الإرادة محور الإنسان، ففي العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر لعام 1973، تمكنت قواتنا المصرية من عبور خط بارليف المنيع، وتحقيق ضربة ساحقة على أعدائنا من اليهود الذين لعب الشيطان بعقولهم لاحتلال أراضينا المصرية، فانتزعنا سيناء منهم؛ لينقلبوا خاسرين.
استطاع الجيش المصري في معركة خلال الشهر المبارك أن يلقنوا دولة إسرائيل، ليلقوا بأوهامها أنهم أقوى الجيوش وأقوى أجهزة الاستخبارات في المنطقة، ليتحوَّلوا إلى أُضحوكة على مرِّ الزمان، فكم من مراد ناله الطالبُ بالعزيمة والإصرار. ففي أوقات الحروب تتجلى الشجاعة ويتجلَّى الإيمان الحقيقي الذي نراه على صفحات تاريخنا العظيم فيكتبها الكاتب بحروف من نور وتصير الأحدوثة روعةً في قصص الشهر الفضيل.
وبذلك شكَّلت ما ظنَّه العالم أنها ظروف عصيبة إرادة وتحديًا عظيما تحكي تاريخ الأمجاد في قصص شهر رمضان المبارك، والذي لا يعدو كونه مُجرَّد حالة موسمية، بل يفوق ذلك بكثير؛ لتصبح الشعيرة الدينية مصدرًا من مصادر الإلهام الذي يحقق النصر الجليل.