الدكتور خالد صلاح يكتب: ساعد نفسك
كلمة ساعد في اللغة تتمثل في الفعل، حيث ساعَدَ: (فعل)، وساعدَ يُساعد، مُساعَدةً، فهو مُساعِد، والمفعول مُساعَد، سَاعَدَهُ: عَاوَنَهُ، أيْ قَدَّمَ لَهُ مَعُونَةً.
والمساعدة في علم النفس: هو تقديم المساعدة أو المنفعة لشخص آخر، حيث لا يهم ما هو دافع المُساعد، فقط أن يتم مساعدة المتلقي، ويختلف هذا عن المصطلح الأكثر عمومية عن السلوك الاجتماعي الإيجابي، والذي يمكن أن يشمل أي سلوك تعاوني أو ودي كما أنها تتميز عن المصطلح الأكثر تحديدًا بالسلوك الإيثاري، والذي يتطلب أن يكون الدافع لمساعدة الآخرين في المقام الأول من أجل رفاهية الشخص الآخر أو حتى على حساب الذات.
ونطلب المساعدة من الأقربين، عندما تحتاج للمساعدة المادية أو المعنوية؛ حينئذ يلجأ الفرد إلى من الأقرب فالأقرب سواء كان أبا أو ابن أو أخ أو أخت أو زوجة وما يكون الفرد من الترتيب الطبيعي لترتيب أنصبة الميراث، وهذا كله ربما يكون جائز.
وأن نطلب المساعدة من الاصدقاء، خاصة الأقرب فالأقرب؛ طبقا لترتيبهم ومكانتهم. ربما يكون جائز.
وأن نطلب المساعدة من حتى الأعداء، وخاصة عندما تكون احتياجاتنا المادية والمعنوية لا توجد إلا عندهم، ربما يكون جائز.
وطلب المساعدة يكون على مستوى الفرد والجماعة، وحتى الدول بم يتناسب مع ظروفها وامكاناتها.
وكل أشكال المساعدات السابقة متعارف عليها على مستوى الفرد بجميع مراحل تعليمه وإدراكه؛ ولكن المساعدة الحقيقية هنا هي مساعدة الفرد لنفسه وتقديم كل الوسائل التي تلبي احتياجات النفس والذات، ويجمع معظم المختصين بالدراسات النفسية على أن سبب تعدد النشاط الانساني وتنوعه يعود بالدرجة الأولى إلى كثرة الدوافع والاهتمامات لدى الانسان، فتعدد هذه الحاجات والدوافع والرغبات وتنوعها لدى الافراد يعمل على تنويع الأنماط والخيارات السلوكية التي يقومون بها بغية تحقيق أهداف أو اشباع دوافع معينة(دكتور عماد عبدالرحيم، 2014، كتاب علم النفس) واحتياجات النفس تنشأ نتيجة الشعور بنقص أو اختلال في التوازن البيولوجي أو السيكولوجي مثل الجوع والعطش والأمن والتخلص من التوتر الناجم عن وجود حاجة أو حال تحقيق الهدف الذي يسعى اليه الفرد، أو وجود هدف يسعى إليه الفرد لتحقيقه، والحاجات الفطرية والبيولوجية التي يجتاجها الفرد لا تحتاج إلى مساعدة من أحد؛ لأنه يسعى اليها بنفسه لتحقيقها للمحافظة على حياته البيولوجية، وهذه الحاجات مثل الجوع والعطش والجنس والنوم وتجنب الألم والتنفس والأمن، ويختلف الأفراد فيما بينهم في اشباع هذه الحاجات طبقا لاختلاف التنشئة الاجتماعية التي تختلف باختلاف الجغرافيا والدين والعقيدة.
أما الحاجات الأخرى التي يطلبها الفرد من الآخرين طبقا لترتيبهم الطبيعي له من حيث العلاقة سواء كانت قرابة بدرجاتها أو صداقة بدرجاتها، أو حتى عداواة بدرجاتها؛ فتتمثل في الانتماء والصداقة والسيطرة والتفوق والتقبل الاجتماعي، وعدم اشباع الفرد لهذه الحاجات يكون هناك الأمراض والإضطرابات النفسية المختلفة.
واستيفاء هذه الحاجات بأنواعها سواء البيولوجية أو المكتسبة تكون على مستوى الأفراد والجماعات والدول، والفرد والمجتمع أو حتى الدولة إذا نجحت في توفير هذه الحاجات لافرادها؛ كان معيارا لمدى تقدم أو تأخر الدولة.
والآن أصبحنا في أوقات عصيبة لا ينتظر حد احدًا؛ ليقدم له يد المساعدة؛ وإنما يجب أن يقوم كل فرد بما عليه من واجبات سواء كان رب اسرة أو في مختلف المجالات يكون مسؤولا عن نفسه أو عن الاخرين، والقيام بالواجبات يبدأ من النفس بأن يساعد كل فرد نفسه ولا ينتظر المساعدة من الآخرين وذلك عن طريق ترتيب أولوياته كما ذكرها عالم النفس ماسلو بهرم متدرج يبدأ من القاعدة بالحاجات الفسيولوجية كالحاجة للماء والطعام والسكن، ثم الحاجات الأمنية كالحاجة للأمن النفسي والجسمي وتجنب الخطر، ثم حاجات الانتماء كالحب والقبول والاحترام من الآخرين، ثم حاجات التقدير والتميز والتفوق، ثم حاجات المعرفة والفهم، ثم الحاجات الجمالية والبحث عن القيم، ثم قمة الحاجات والتي تتمثل في تحقيق الذات، وبذلك يكون كل فرد استطاع أو يستطيع بكل ازمنة الفعل أن يحقق هذه الحاجات؛ فلن يكون محتاجا لاحد.
لأن لن يساعدك أحد ما لم تساعد نفسك سواء كنت فردا أو جماعة أو دولة.