متى سيتوقف “التنمر” داخل مدارس مصر؟

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

واقعة طفل شبرا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

جروبات «الماميز» تطالب بأقصى عقوبة.. وقانون يقضى على الظاهرة من جذورها


ترفض ٢٠٢١ الانتهاء دون أن تسجل حالات تنمر جديدة، تضاف إلى الحالات الأخرى لسنة شهدت عددًا كبيرًا من حالات التنمر، آخرها واقعة تنمر مديرة مدرسة ومعلمة للحاسب الآلى بطفل داخل إحدى مدارس التعليم الأساسى بمنطقة شبرا، الطفل مصاب بإعاقة ذهنية، ما أدى إلى تقدم أسرته ببلاغ إلى النائب العام، اتهمت فيه المديرة والمدرسة بإجبار ابنها على غسيل «أكواب الشاى والقهوة» التى تستعملانها.


ضحية الواقعة يدعى عز الدين شريف، مصاب بإعاقة ذهنية نسبتها ٧٠٪، وهو طالب دمج، وحسب البلاغ فقد قالت له المديرة بعدما تنمرت عليه مدرسة الحاسب الألى: «يعنى أنت عبيط وأعمى، إحنا ملاحقين على السليم علشان نلاحق على المتخلفين»!

بعد ذلك قامت المديرة بحبسه فى غرفتها، وأجبرته على غسل «الأكواب»، ورفضت تمامًا أن تتركه لحاله رغم توسلاته ودخوله فى حالة من الانهيار البدنى والذهنى، وهى الحالة التى وجدته عليها والدته التى ذهبت إلى المدرسة للاطمئنان عليه لأنه تأخر عن موعده المعتاد، وبعد ذلك تقدم الأب ببلاغ إلى النائب العام، وحملت القضية رقم ٢٥٦٦- ٢٠٢١ إدارى شبرا.

وشهدت حالة الطفل كثيرًا من الدعم بين أمهات جروب «الماميز»، خاصة أن الواقعة فتحت ملف التنمر بالمدارس، خاصة ضد أطفال مدراس الدمج وذوى الاحتياجات الخاصة، والتى تصل ببعضهم إلى العلاج النفسى والدخول فى نوبات اكتئاب فى سن صغيرة.

الوقائع تطال فى بعض الأحيان أولياء الأمور أنفسهم، عند تقدمهم لإلحاق أبنائهم بمدارس الدمج، وبسبب انتشار وقائع التنمر لقى تصرف الأب الذى تقدم ببلاغ للنائب العام ضد المديرة ومدرسة الحاسب الآلى استحسانًا كبيرًا على جروب «الماميز»، وطالب أغلبية الأعضاء المشاركين بوضع حد لهذه الظاهرة، خاصة مع تغليظ عقوبة التنمر فى مشروع قانون لمكافحة هذه الظاهرة.

من بين وقائع التنمر فى المدارس واقعة لطفل مصاب بإعاقة فى ذراعه، حيث يعانى من وجود ذراع أقصر من الأخرى، ولظروف السكن اضطررت والدته لنقله من مدرسته التجريبى إلى مدرسة حكومية بمنطقة شعبية، لكنها فوجئت- كما تسرد- خلال تقديم ملف نجلها للمدرسة الحكومية، بالمديرة تخبرها أن ابنها سيعانى فى هذه المدرسة من التنمر بسبب مشكلة ذراعه، خاصة أن المدرسة فى منطقة شعبية أطفالها يتعاملون مع مثل حالة ابنها بندية مزعجة، وأن ذراعه ستكون مثارًا للتنمر، وأن هذا المكان لا يصلح لنجلها.

تقول والدة الطفل إنها اندهشت من رد فعل المديرة، لأنها مسئولة عن مدرسة من المفترض أن يتعلم فيها الأطفال مساوئ التنمر، ليكونوا مكافحين له فى المستقبل، فما هو دورها إذا لم تستطع مواجهة التنمر وردع الأطفال وتوعيتهم.

وأضافت الأم أن المديرة نفسها تنمرت على طفلى عندما قالت إنه لا يصلح للمدرسة، ويحتاج لمدارس ذات طبيعة خاصة، على الرغم من كامل أهلية طفلى.

واقعة أخرى لطفلة رفضتها مديرة المدرسة خلال تقديمها للالتحاق بإحدى المدارس الخاصة فى شبرا، وخلال «إنترفيو» التقديم أخبرتها مديرة المدرسة أن طفلتها «لدغة» وتحتاج لدكتور تخاطب، ولا تصلح للالتحاق بالمدرسة، وتهكمت على الطفلة رغم إجابتها بشكل مذهل على جميع أسئلة «الإنترفيو».

تقول والدة الطفلة، إن الغريب والمفارقة أن مديرة المدرسة نفسها «لدغة»، وتنمرت على طفلتى وجعلت من هذا سببًا لرفضها فى الإنترفيو.

وقائع التنمر لم تتوقف عند الأطفال فقط، بل طالت الآباء، وهو ما عانت منه أحد الأمهات بعد ذهابها للتقديم لابنتها فى إحدى المدارس الخاصة، فهى حاصلة على مؤهل متوسط وذكرت ذلك خلال التقديم «أونلاين»، وبالفعل قامت إدارة المدرسة بتحديد موعد للمقابلة بناء على البيانات التى تم إرسالها لتفاجأ والدة الطفلة بإيقافها على بوابة المدرسة ومنعها من الدخول، كونها لا تصلح لأنها حاصلة على مؤهل متوسط لا يرقى للمستوى الاجتماعى لطلاب المدرسة.

تقول والدة الطفلة: لماذا تم استدعائى لإجراء المقابلة بالأساس ما دام أنه سيتم التعامل معى بهذا الشكل المهين، وعلى الرغم من علم المدرسة وإدارتها بمؤهلى الدراسى، وتكرر: لماذا تم استدعائى من الأساس.

يكون التنمر أزمة كبيرة خاصة عندما يصدر من طالبات بالمرحلة الإعدادية ضد زميلة لهن، أو من العاملين بالمدرسة أو من المدرسين والمدرسات وأحيانًا المديرة أو المدير، والأزمة تتضخم إذا اقترت التنمر بالقناعات الدينية، خاصة ارتداء الحجاب من عدمه فى المرحلة الإعدادية، وهو ما حدث مع إحدى طالبة عانت من تزمت المدرسات معها لعدم ارتداء الحجاب، وتعمد إهانتها وإساءة معاملتها حتى طلبت منها مديرة المدرسة الالتزام بالحجاب أو النقل لمدرسة أخرى، وهنا تدخلت والدتها التى تعمل فى مجال حقوق المرأة، وهى غير محجبة، ما جعل الطالبات يتنمرن على الطالبة ووالدتها، ما دفع والدة الطفل للتصعيد ضد المدرسة وإدارتها، وبالفعل تم ردع المدرسة عن إساءة التعامل للطالبة.

التنمر بسبب اختلاف اللون مشكلة أخرى، يعانى منها الطلاب قادت طالبة للعلاج النفسى بعد دخولها فى مرحلة اكتئاب بسبب اختلاف لون بشرتها شديدة السمار، حتى إن والدتها كانت تضطر لدفع مبالغ مالية «للدادات» بالمدرسة لرعاية طفلتها إذا ما تعرضت لتنمر من الطلبة، ومنعهم من إلقائها من الدور الرابع على حد قول والدة الطفلة، وهو الفعل الذى أقدم عليه الأطفال لولا تدخل المشرفات، فأطفال المدرسة يرون أن الطفل الأسود يلقى به من الطابق الرابع كونه مختلفا.

تكرار وقائع التنمر التى تصل فى بعض الأحيان إلى التعرض للخطر أو الموت، كانت سببًا فى مناقشة مشروع قانون لمواجهة التنمر من خلال تعديل بعض المواد فى قانون العقوبات.

وهى التعديلات التى يعاقب فيها المتنمر بمدة لا تقل عن ٦ أشهر حبس وبغرامة لا تقل عن ١٠ آلاف جنيه، ولا تزيد على ٣٠ ألفًا.

وتزداد العقوبة على الشخص المتنمر لمدة لا تقل عن سنة حبس وبغرامة لا تقل عن ٢٠ ألف جنيه، إذا كانت واقعة التنمر تضم شخصين أو أكثر، وإذا كان التنمر من أحد الأقارب أو أحد القائمين على تربيته ورعايته.

كما أن هناك مشروع قانون بتغليظ عقوبة التنمر فى القانون الخاص بذوى الإعاقة، وذلك بإضافة مادة جديدة برقم «٥٠» مكرر لقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة.

وشددت المادة العقوبة لتصبح الحبس لمدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد على ٢٠٠ ألف جنيه.