تفتح أبواب جحيم العنف المنزلى والقهر الجنسى على ملايين النساء فى مصر
المادة ٦٠ الملعونة فى قانون العقوبات
%99.3 من النساء والفتيات تعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسى فى حياتهن
دراسة حكومية أخرى صدرت عام ٢٠١٣ كشفت أن أكثر من ٩٩.٣ ٪ من النساء والفتيات تعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسى فى حياتهن وغالبية مرتكبى العنف الذين يبلغ عنهم هم الزوج الحالى بنسبة ٦٤٪ يليهم الأب – زوج الأم – الأم – زوجة الأب.
العنف السابق لا يمكن أن يحاسب قانونيا ولا يعاقب عليه الجانى، نظرا لأن المادة ٦٠ من قانون العقوبات تنص على أنه «لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة وهذه المادة أعطت تبريرًا واضحًا للعنف المنزلى».
كما أن قانون العقوبات لم يجرم كل أشكال العنف التى تتعرض له المرأة من بينها جريمة الحبس المنزلى أو منع النساء من التعليم، هذه المواد كانت سببًا فى زيادة العنف من النساء والإفلات من العقاب.
من هنا كانت العديد من الحملات التى تم إطلاقها تزامنًا مع حملة الـ ١٦ يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، وهى حملة عالمية أطلقتها الأمم المتحدة، من بين هذه الحملات حملة «سند» لمناقشة القوانين التى تعوق النساء من الحصول على حقوقهن وتستعرض العديد من القضايا التى لم تستطيع فيها المرأة الحصول على حقوقها، وأبرزها قضايا العنف الجنسى، فإثبات الضرر يقع فيها على النساء فقط وتنتهى فى الغالب بحفظ الشكاوى والبلاغات ويكون من الصعب على المدعية إيجاد شاهد لإثبات صحة الواقعة.
من بين القضايا التى لم تستطع المتضررة إثبات تعرضها للأذى بسبب وقوع عبء إثبات الواقعة عليها قضية «س. ف» البالغة من العمر ٣٥ عامًا والتى كانت تعالج لدى طبيب نفسى يدعى «أ.م» فى مدينة طنطا يبلغ من العمر ٣٤ عامًا، والذى كشفت فيما بعد أنه يمارس المهنة دون ترخيص.
تقول الفتاة أنها وقعت ضحية لهذا الطبيب المتحرش، الذى يتحرش بالفتيات ويقنعهن أن هذا جزء من العلاج وفى حالة الرفض يقوم بتهديد الضحية بفضح أسرارها التى قامت بالبوح بها أثناء العلاج.
وتحكى «س.ف» أنها وقعت ضحية لهذا الطبيب عندما أغلق حجرة الكشف بالمفتاح وحاول لمس جسدها فقامت بالصراخ، لكن لم يسمعها أحد حتى حدث لها حالة تشنج وانهيار ودخلت فى موجة بكاء وترجته أن يتركها، وبالفعل تركها تذهب، واكتشفت بعدها أنها لمدة عام ونصف العام تحصل على دواء خطأ وقدمت بلاغات ضده هى وأخريات، وأصدرت النيابة قرارها بحبسه لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات ثم خرج لعدم كفاية الأدلة وتم حفظ المحضر ولا يزال هذا الطبيب يمارس عمله.
قضية أخرى تصنف على أنها «هتك عرض» لطفلة المعادى والتى أمر فيها النائب العام بتاريخ ١٠ مارس ٢٠٢١ بحبس المدعو محمد جودت ٤ أيام على ذمة التحقيقات والتحقيق معه على خلفية اتهامه بخطف طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات وذلك بعد مقطع الفيديو المتداول على فيس بوك.
وقد أقامت النيابة العامة الدليل على المتهم بشهادة أربعة شهود وأقوال الطفلة المجنى عليها والفيديو والمضاهاة الفنية له مع صورة المتهم وقد تمت إحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة فى أقل من شهر وخلال ثلاث جلسات تم الحكم عليه بالسجن المشدد ١٠ سنوات.
من بين القضايا التى لم تستطع فيه الضحية إثبات الضرر، كانت قضية عنف أسرى لفتاة تدعى «ن.م» تبلغ من العمر ٢٢ سنة من أب وأم منفصلين عاشت الفترة الأولى من حياتها مع الأب،تعرضت خلالها لجميع أنواع الضرب والشتائم من الأب مع حبسها المستمر فى البيت حتى وصل بها الحال لإجراء كشف العذرية من وقت لآخر، وعندما أتمت عشرين عامًا ذهبت للإقامة مع أمها المتزوجة فأبقتها محبوسة فى غرفة منفردة وكانت تضع لها الأكل من يوم لآخر حتى لا يعلم زوجها بوجودها وعندما اعترضت على هذه التصرفات غير الإنسانية تعرضت للضرب والتهديد مع تزويجها لأول عريس يتقدم لها حتى لو رفضت، وعندما ذهبت للقسم قالوا لها: إن هذه أمور عائلية، فقامت بالاتصال بالمجلس القومى للأمومة والطفولة ولم يستجب لها أحد، وظلت تتنقل بين خالاتها حتى قاموا بطردها بعد أن قامت بتحرير محضر تحرش لابن خالتها بمساعدة جدتها، ولكن بعد وصول المحضر إلى النيابة تم حفظه كغيره مما أدى لإصابتها بحالة نفسية وصلت «لتبول لا إرادى» وأصبحت فى الشارع.
ليست هذه الحالة الأولى من نوعها التى تتعرض فيها الفتيات لهذا النوع من الجرائم نتيجة عدم وجود أى سياسات لحمايتهن فى قضايا العنف الأسرى ولا يوجد آليات لإنقاذهن مما يتعرضن له خلف الأبواب المغلقة وينتهى المطاف بتحرير محاضر ضرب واحتجاز تعسفى تنتهى بإيداع الفتيات لدور رعاية مما يضعهن أمام أعباء نفسية واقتصادية أكثر.
نوع آخر من العنف تتعرض له الفيات تمثل فى الابتزاز الإلكترونى، وهى ما تعرضت له فتاة تدعى «أ.أ» حيث تلقت رسالة إلكترونية من شخص هددها بنشر صور شخصية لها بعد أن قام الجانى باختراق هاتفها، فقامت بتحرير محضر فى مباحث الإنترنت ولكنها لم تتلق أى رد من مباحث الإنترنت لمدة شهر ظلت خلاله تتعرض للتهديد والابتزاز وعند سؤالها فى مباحث الإنترنت أخبروها أنهم توصلوا للـ «IP» الخاص بالجهاز ولكنهم قاموا بتحويل المحضر إلى النيابة العامة ومن ثم تم حفظ المحضر، وآخر ما تعرضت له الفتاة أن الشخص الذى يبتزها قام بنشر صورها فى إحدى الجروبات الخاصة.
شيماء عبدالغني