وداعًا جورج سيدهم.. أيقونة "كوميديا" أضحكت الجميع وأبكتها الخيانة
جورج سيدهم.. رحل عن عالمنا اليوم الجمعة الموافق الـ27 من مارس 2020، أيقونة مسرحية وفنية قلما تصادفها في حياتك، ويعي هذا الكلام من يحبون الفن، ويتغزلون بعقولهم في فنونه، نائين بأنفسهم، عن المقارنة بما يقدمه من يطلقون على أنفسهم "فنانون".
غاب جورج سيدهم عن الأضواء لسنوات، برغم أنه من أحد أبرز صناعها، من ساهموا في رفع مكانة المسرح المصري والعربي، ووضعه في مصاف الكبار، صانعًا فرقة سبقت عصرها أطلق عليها "ثلاثي أضواء المسرح"، لتنطفئ، برحيل الضيف أحمد نحيف الجسد خفيف الظل، في الـ16 من أبريل عام 1970، وهو في ريعان شبابه وبعمر الـ34.
وظل الثنائي جورج سيدهم وسمير غانم يسيرون على العهد ويمضون سويًا في العمل تلو الآخر، يجمعهما حب "المسرح"، إلى أن جاءت "القشة التي قسمت ظهير البعير"، حيث اشتعلت مصر في عام 1986 وانتشرت حالات الشغب في الشوارع، وتلقى جورج سيدهم على إصرها صدمة كبيرة، حينما احترق مسرح "هوسابير" الذي كان يمتلكه بوسط القاهرة، وينقل على إثرها إلى المستشفى وتجرى عملية قلب مفتوح له إثر إصابته بـ "جلطة".
حاول جورج سيدهم أن يعيد البسمة على وجوه محبيه برغم حرقة قلبه وصدمته التي تلقاها، ولم يقف بجواره أحد، فقرر أن يفتح مشروعًا للأكلات بالقرب من مسرحه، وأسماه بأحد أشهر أعماله، وما أن استفاق من صدمته، قرر أن يعيد بناء وإصلاح مسرحه "الهوسابير".
أعاد جورج سيدهم بناء مسرحه "الهوسابير" في تحد كبير لما مر به، مقررًا مواصلة تاريخه وما يحب، ونسيان الماضي، ليتلقى صدمة أخيرة، بل التي أعلنت عن موت "جورج سيدهم" من العالم وإن ظل جسده لسنوات.
أصر جورج سيدهم على استككمال حياته، وممارستها بالشكل الذي أحبه متحديًا الصعاب ومتخطيًا حاجز المرض والحلة الصحية التي لم تعد كما كان، ومع إعادة بناء المسرح، الذي تعرض للحريق، وكان سببًا في مرضه، قرر "الكوميديان" الكبير، أن يقدم عملًا مسرحيًا راقيًا على خشبة مسرحه "الهوسابير"، وبالفعل قدم مسرحية "نشنت يا نصاح" من إخراج النجم عبدالمنعم مدبولي، وكانت في عام 1995 وكانت آخر ما قدمه على مسرحه، وشاهدة على نهاية، أيقونة خفيفة الظل بدينة الجسد.
أصيب جورج صدهم بصدمة كبيرة، حينما وصل إليه خبر بأن أحد المصارف الكبرى ستحجز على مسرحه، وبعد ساعات قليلة تم علمه بسرقة أخيه له، وهربه إلى أمريكا، وقام المصرف بالحجز على "الهوسابير"، ونقل ملكيته إليه، ليسقط جورج سيدهم على الأرض، ولم يقم بعدها أبدًا، وكان ذلك في عام 1997.
غاب جورج سيدهم عن الأنظار وبقى حبيسًا في بيته جالسًا على كرسي متحرك، لا يستطيع على الحركة والكلام، جسد مبتسم أنهكته الخيانة، حتى ظن الكثيرون أنه مات بالفعل، ليذكرنا به النجم سمير غانم الذي استعان به في أحد إعلانات رمضان 2014، ويعيدوا إلى الجميع ذكرى المسرحية الخالدة "المتزوجون"، وعاد لغيابه المعتاد.
وعلا نجم جورج سيدهم مرة أخرى ليتصدر ويعتلي من جديد، لا خشبة المسرح التي كانت شاهدًا على أعماله الخالدة وروحه النقية، بل على "ترندات" مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، بعدما غيبه الموت، اليوم الجمعة، لتسقط ورقة جديدة، من "زمن الفن الجميل"، وكعادة الكبار ترحل أجسادهم، وتبقى كلماتهم وأعمالهم الخالدة، ولا عزاء على شقيقه "الخائن" الذي سيذكره الجميع بالخسة والندالة، فهو قاتل ولو لم يطلق على أخيه الرصاص.. وداعًا جورج