أين الحقيقة؟.. "فؤاد" يتحدى "الشريف" ويكشف وعده في معركة مناقشة قانون الأحوال الشخصية
في 30 مارس الماضي للعام الجاري، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال احتفالية المجلس القومي للمرأة لتكريم المرأة المصرية والأم المثالية، والذي عقد بمركز المنارة للمؤتمرات نداءه الثالث للحكومة، حول إعداد قانون جديد للأحوال الشخصية، إلا أن الحكومة لم تتقدم بمشروع قانون للأحوال الشخصية للبرلمان حتى الآن.
وعلى الرغم من إعداد كل من النواب محمد فؤاد وعبلة الهواري وهالة السعيد، مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، وعُقد العديد من جلسات الحوار المجتمعي للاستماع لآراء الآباء والأمهات حول القانون، فلم يتم مناقشته داخل أروقة اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس.
أزمة بين نائبي في البرلمان حول موعد مناقشة القانون
من جهته قال الدكتور محمد فؤاد، عضو لجنة البيئة والطاقة بمجلس النواب، أحد مُقدمي قانون الأحوال الشخصية، إن كل من المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، والنائب أحمد حلمي الشريف وكيل اللجنة، وعدوه الأحد قبل الماضي، بتشكيل لجنة لمناقشة تعديلات قانون الأحوال الشخصية الجديدة.
وأضاف فؤاد لـ"الفجر"، أن قانون الأحوال الشخصية الحالي استخدم الأطفال والإجراءات التنفيذية كأداة للاقتتال، كما أنه أغفل تنظيم الرعاية المشتركة، وأنه لا يوجد في دولة بالعالم تطبق نظام الرؤية ولا توجد أي دراسة تظهر أي أهمية لها، مؤكدًا أن تحول قانون الأحوال الشخصية الذي يرتبط بجميع أطراف الأسرة إلى أداه لتحقيق حقوق ومكتسبات للمرأة يعد أمرًا غريبًا، خاصة فيما يخص الحضانة؛ فالحضانة ليست حق للمرأة ولا حق للرجل فالحضانة حق للطفل وحده.
كما أشار إلى أن القانون نظم خطوات الزواج والطلاق والرعاية المشتركة ويعيد ترتيب الحضانة وإطلاق السلطة التقديرية للقاضي وتفعيل دور مكاتب التسوية لكي تحقق الهدف المنشود منها بالإضافة إلي تسهيل إجراءات التقاضي وتفعيل الملف الواحد، وكذلك انتقال الحضانة من الأم إلي الأب وإذا سقطت الحضانة عن الأم لأي سبب تنتقل إلي الأب مباشرة.
نفي الوعد
وبعد ساعات من تصريحات "فؤاد"، نفى النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر، عبر وسائل الإعلام، نية اللجنة في تشكيل لجنة فرعية لمناقشة مشروعات قوانين الأحوال الشخصية.
الوعد حقيقي!
وبعد نفي النائب أحمد حلمي الشريف، أصدر النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، أحد مقدمي مشروع قانون للأحوال الشخصية، بيانًا رسميًا أكد فيه أنه على رئيس اللجنة التشريعية ووكيلها مصارحة المواطنين بمصير قوانين الأحوال الشخصية المعروضة على البرلمان، خاصة أنه لا يوجد مبررات لتأخير المناقشة.
وأوضح أنه عندما أعلنت اللجنة التشريعية مناقشة مشروع القانون في 13 يناير الماضي شعر المواطنون بأهمية مطالباتهم، وعندما أعلن وكيل اللجنة التشريعية، تأجيل المناقشة لعدم ورود تعليقات جهات إبداء الرأي، وإعطاء هذه الجهات مهلة أخيرة للرد وإذا لم ترسل تعليقاتها سيشرع في مناقشة القانون في أول اجتماع للجنة في فبراير؛ وعلى الرغم من انقضاء المُهلة الممنوحة لهم لم تفِ اللجنة بوعودها، وهو ما اعتبره عدد كبير من المواطنين تقليلًا من أهميتهم.
وأكد فؤاد، أنه تلقى خلال الأيام القليلة الماضية الكثير من الشكاوى بسبب تأخر اللجنة التشريعية ومجلس النواب في نظر طلبات المواطنين، خاصة عندما أعلنت اللجنة التشريعية مناقشة تعديلات الحكومة علي قانون العقوبات والخاصة بالنفقات في أقل من شهر من إعلان الحكومة عنها وإهمال مطالباتهم بتغيير القانون الحالي.
ولفت إلى أنه تلقى وعدًا من المستشار بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية، و"الشريف" خلال مناقشة مشروع الحكومة بأن اللجنة ستصدر قرارًا خلال الأسبوع قبل الماضي بتشكيل لجنة لمناقشة مشروعات قوانين الأحوال الشخصية مما أثلج صدر المواطنين، ليفاجأوا بعد ذلك بتصريحات لوكيل اللجنة بنفي تشكيل لجنة لمناقشة مشروعات القوانين، مما تسبب في شعور بوجود رغبة في عدم تغيير القانون.
وطالب النائب البرلماني، اللجنة التشريعية بالإفصاح عن ما تنوي اتخاذه من إجراءات حول مشروعات قوانين الأحوال الشخصية، حيث أن احترام رغبة الناخبين تحتم علينا الالتزام بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا دون تأخير أو مبررات.
مناقشة القانون مرهونة على ملاحظات الأزهر
بدورها، تواصلت "الفجر" مع النائب أحمد حلمي الشريف، للتوصل للحقيقة حول وعد تشكيل لجنة لمناقشة قانون الأحوال الشخصية، حيث أكد أن النائب محمد فؤاد، طلب بتشكيل لجنة فرعية من "التشريعية والدستورية" بالفعل ونحن نبحث في المسألة المعروضة أمامنا ولم يتم الانتهاء منها، مُؤكدًا أن مناقشة اللجنة لقانون الأحوال الشخصية مرهونة بإرسال ملاحظات مؤسسة الأزهر.
أين الحقيقة؟
وعلمت "الفجر" من مصادر برلمانية، أن الدكتور سمير رشاد أبو طالب، عضو مجلس النواب، كان حاضرًا في لقاء جمع بينه وبين النائب محمد فؤاد والنائب أحمد حلمي الشريف، ووعد الأخير بتشكيل لجنة لمناقشة قانون الأحوال الشخصية داخل اللجنة التشريعية.
وأكدت المصادر، أنه عند مواجهة "أبو طالب" أكد صحة المعلومات التي حصلت عليها "الفجر" بأن النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب وعد بتشكيل لجنة فرعية لمناقشة مشروعات قوانين الأحوال الشخصية، مُشيرًا إلى أن القانون من أهم القوانين التي تخص المجتمع المصري.
قانون الأحوال الشخصية سبب المشاكل الأسرية في مصر
وقال اللواء شكري الجندي، وكيل لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، إن قانون الأحوال الشخصية القديم ببنوده الحالية أحد أهم أسباب عدم تماسك ووحدة المجتمع المصري، ويعتبر سببًا رئيسيًا في جلب مشاكل مصر الأسرية جميعها.
وأضاف لـ"الفجر"، أن القانون الحالي ينصف طرف على حساب طرف آخر وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، مُؤكدًا أن التعديلات التشريعية الجديدة التي تقدم بها العديد من النواب حول قانون الأحوال الشخصية تستهدف الموائمة بتوازن الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة للحفاظ على هيكلة الأسرة المصرية والحفاظ على الأطفال في المقام الأول كي لا يكونوا ضحية لقرارات الرجل والمرأة بالانفصال.
كما أكد وكيل لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بالنواب، أن إنشاء محكمة الأسرة على وجه التحديد وقانون الخلع هما أحد أهم أسباب انتشار الطلاق في مصر، مضيفًا أن النواب الذين تقدموا بتعديلات حول قانون الأحوال الشخصية يتعرضون لهجمات شرسة من بين حين لآخر في محاولة للعدول على إصلاحات هذا التشريع، وتابع: "نحن نستخدم صلاحياتنا التشريعية التي منحها لنا الدستور لحل كافة الأزمات التي يعاني منها المجتمع لإرضاء الله في المقام الأول ولإصلاح المجتمع عامة".
ما هي عقوبة الامتناع عن دفع نفقة الزوجة؟
كما أكد النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، أن قانون الأحوال الشخصية الحالي لا تتناسب بنوده مع التغييرات التي طرأت على المجتمع المصري بشكل عام.
وأضاف أبو حامد لـ"الفجر"، أن هناك العديد من النواب الذين تقدموا بتعديلات جديدة على القانون قاموا بعقد جلسات حوار مجتمعي بمختلف محافظات الجمهورية مع الآباء والأمهات للاستماع لأزماتهم حول بنود قانون الأحوال الشخصية القديم وهذه الخطوة انعكست إيجابيًا على التعديلات المُقدمة، مُؤكدًا أن قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 والذي يتضمن عقوبات جديدة وإضافية بشأن الامتناع عن دفع نفقة الزوجة يطبق على الشخص القادر المُمتنع فقط لا غير، مُشيرًا إلى أن تشديد العقوبة على الآباء الرجال تقبلها الجميع من أجل الحفاظ على هيكلة الأسرة المصرية وكي لا يكون مصير الأطفال الضياع بعد الطلاق.
كما أكد أن الحكومة تحفظت في التعديلات على بنود قانون الأحوال الشخصية على العديد من الجوانب أهمها ما يخص حق الرؤية، مُذكرًا أنه كان على الحكومة أن تناقش كافة البنود التي تقدمنا حولها بتعديلات على القانون بدلًا من الاكتفاء بتعديلات بعينها، مُضيفا أن مؤسسة الأزهر الشريف لم ترسل أي ملاحظات على قانون الأحوال الشخصية حتى الآن وهذا يثير تحفظ العديد من النواب، مُشيرًا إلى أن المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب أكد أن القانون سيناقش باللجنة وذلك بعد إرسال ملاحظات الأزهر على القانون ذاته.
قانون الأحوال الشخصية "حزام فرامل" للحفاظ على الأسرة
وقالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية، عضو مجلس النواب، إن كافة المناوشات والمشدات التي تحدث في الآونة الأخيرة حول قانون الأحوال الشخصية نتيجة مُتوقعة لأن القانون دخل في حيز التنفيذ والتطبيق.
وأضافت نصير لـ"الفجر"، أن الهدف الأسمى من تشريع قانون الأحوال الشخصية هو الحفاظ على سلامة واستقرار المجتمع المصري ككل، متابعة: "كوني امرأة تقول الحق فجميع الفتيات أبنائي وجميع الشباب أبنائي أيضًا ولا استطيع في يومًا ما أن أؤيد تشريع قانون يستهدف تقوية طرف على الآخر".
وتابعت أن إشكالية الوقيعة التي تحدث في المجتمع والتي تتسبب في ارتفاع نسب الطلاق بشأنها هو أن "الفتيات" اليوم لم تكن ست أمينة امرأة الأمس وابني اليوم ما زال يصر على أنه "سي السيد" فما بين الابنة المُتمردة والابن الجامد الذي يريد فعل ما يريده فقط دون نقاش يهدم المجتمع، مُذكرة أن قانون الأحوال الشخصية بمثابة أداة فرامل للحفاظ على المجتمع.
وذكرت أن القانون يستهدف حل كافة العواقب والأزمات التي يعاني منها المجتمع حاليًا، مُشيرة إلى أنه على المرأة أن لا تنسى مورثنا المجتمعي القديم الأصيل في بناء مجتمع سليم وقوي، مُتمنية أن يتم إصدار قانون الأحوال الشخصية خلال دور الانعقاد الجاري، مشيرة إلى أن هجوم بعض الجمعيات النسائية على مؤسسة الأزهر الشريف مُؤخرًا وذلك بعد إقراره الاستضافة بمشروع قانون الأحوال الشخصية يرجع لكلمته الحق التي أقرها حول الاستضافة بالقانون، كما أنه غير مُبرر إطلاقًا.
ولفتت نصير لـ"الفجر"، إلى أن ما أقره الأزهر بحق استضافة الأسرة الغير راعية للأطفال بقانون الأحوال الشخصية ما هو إلا حق طبيعي وشرعي ويخدم مصلحة المجتمع في المقام الأول، مُؤكدة أنه لا يعقل بأي شكل من الأشكال أن يحرم طرف من الأسرة على طرف آخر حول استضافة الأطفال، وتابعت:"على الذين يهاجمون الأزهر الشريف بما قام به أن يزرعوا الخير والسكينة في قلوب أطفال الأسرة لصنع مستقبل مُشرق لهم"، مُستشهدة بقول الحق سبحانه وتعالى "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
وأكدت أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أنه على الزوج والزوجة أن لا يحملوا مسؤولية فشل ارتباطهم لأطفالهم نبتة المجتمع كي لا يكونوا مرضى بالشر في مرحلة نشأتهم الاجتماعية الأولى.
قانون الأحوال الشخصية يحتاج لتعديلات جوهرية
وفي نفس السياق، قالت النائبة إيفلين متى، عضو مجلس النواب عن حزب المحافظين، إن قانون الأحوال الشخصية الحالي يحتاج إلى تعديلات جوهرية لمواكبة التطورات التي شهدها المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة السابقة.
وأضافت متى لـ"الفجر"، أن هناك العديد من النواب تقدموا فعليًا للمجلس بتعديلات على قانون الأحوال الشخصية وقاموا بتنظيم جلسات حوار مجتمعي بمشاركة فئات المجتمع لإيضاح وجهات نظرهم عن أهم العقبات والمشاكل المُترتبة على القانون ببنوده القديمة بغرض حصرها وتعديلها وتشريعها بأفضل صورة من المجلس، مُؤكدة أن كافة أعضاء البرلمان يبذلون قصارى جهدهم من أجل استخدام صلاحياتهم التشريعية لحل أزمات المواطنين، مُشيرة إلى مناقشة تعديلات قانون الأحوال الشخصية الجديدة ستكون بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية الجديدة.
كما أوضحت أن الرئيس السيسي من بين حين لآخر يعطي رسائل في المؤتمرات التي يعقدها بضرورة حل الأزمات التي تعرقل نهضة المجتمع المصري ومنها بحث تعديلات جديدة على قانون الأحوال الشخصية وهذا يعكس مدى أهمية القانون في التأثير بالمجتمع.