عرف بـ"محامي المنتقبات" ويتحدث 4 لغات.. من هو رشيد نكاز مهدد عرش الرئيس الجزائري؟
من أصول جزائرية، وولد في فرنسا، ودرس التاريخ والفلسفة بجامعة السوربون بالعاصمة باريس ونال منها درجة الماجستير، ليصبح بعدها أحد أبرز المُتصدّين للتضييقات التي فرضت على المنتقبات ليعرف بـ"محامي المنتقبات"، الملياردير رشاد نكاز، الذي بعد تلاشي حلم حكمه لفرنسا، غير قبلته نحو موطنه الأصلي الجزائر، في يونيو 2013؛ حيث أعلن عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية لسنة 2014، لتمر السنوات وتأتي انتخابات 2019 ليعلن ترشحه لها وليربك حكم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
نشأته وبداياته
جزائري الأصل، فرنسي المولد، ولد في 9 يناير 1972 بمدينة شوازي لو روا، ابنًا تاسعًا لأم قبائلية من نواحي ولاية بجاية وأب من عين مران الواقعة على مسافة 40 كم من مدينة الشلف، رحلا إلى فرنسا منذ سنة 1950 ليستقرا بأحد أحيائها الشعبية.
ورغم أمية الأبوين، وامتداد العائلة التي تضم 12 ابنًا، درس نكاز التاريخ والفلسفة بجامعة السوربون بالعاصمة باريس ونال منها درجة الماجستير حول موضوع اهتم ببدايات جامعة الدّول العربية وسنوات ميلادها الأولى، ويتحدّث رشيد أربعة لغات وهي العربية والإسبانية والإنجليزية والفرنسية، ومتزوّج من أمريكية مسلمة تعمل في مجال التّرجمة، وله منها ابن وحيد.
مسيرته في فرنسا
وانطلقت مسيرته المهنية بإصدار كتاب أول رفقة صديقه الفرنسي من أصل هندي «ليونارد أنتوني» سلّط الضوء عن شباب الضواحي الباريسية وصعوبة اندماجهم في المجتمع الفرنسي، تبعه كتاب آخر حول البورصة والصعوبات التي يلاقيها صغار المُساهمين، وتم تشريك عشرة شباب من قاطني الأحياء الشعبية الذين يمرّون بصعوبات في كتابته، وهو ما أهل هؤلاء الشباب لأن يُصبحوا «خبراء في قراءة أسهم البورصة وتوقع تقلباتها قبل الخبراء أصلًا»، كما أوردت صحيفة الإكسبريس الفرنسية في تقديمها لهذا المُؤلّف.
وتواصلت تجربة نكاز في إصدار الكتب باللغة الفرنسية وكان كتابه الثالث، عبارة عن محادثات مع رؤساء دول مجموعة السبع، حول آمال الشباب للألفية الثالثة وموضوع السلم في العالم، ويُعتبر هذا الكتاب خلاصة مشروع «Millenarium».
محامي المُنتقّبات والأقليات
يسمى في أوروبا بـ«محامي المنقبات»، هو أحد الشخصيات التي طالما أثارت من حولها الجدل سواء في فرنسا أو في بلده الأصلي الجزائري، وبين صفة رجل الأعمال الثّري من جهة، وصاحب المواقف المُدافعة عن المسلمين في فرنسا من جهة أخرى، بالإضافة إلى مطامحه السياسية العابرة للقارات، نجح نكاز في أن يجعل من شخصيته محور عديد المقالات والحصص التلفزية والإذاعية.
باستثناء الجاليات المسلمة في فرنسا وربما الدّول المُجاورة؛ لم يكن الرأي العام العربي يعرف رشيد نكاز إلى حدود تصدّره المشهد باعتباره أحد أبرز المُتصدّين للتضييقات التي فرضت على المنتقبات؛ مشروع حظر غطاء الوجه في الأماكن العامة تم عرضه على مجلس الشيوخ الفرنسي في 14 سبتمبر (أيلول) 2010، بخصوص حظر أغطية الوجه الكاملة مثل النقاب، والبرقع وأي أغطية كاملة تخفي معالم الوجه بالكامل، في الأماكن العامة، وكانت أبرز المبررات التي جاءت بهذا القرار هي عدم قدرة الآخرين من تحديد هوية الشخص الذي يغطي وجه مما يسبب الكثير من المشكلات والمخاوف في الأماكن العامة، وأصبح هذا القانون ساري المفعول منذ 11 أبريل (نيسان) 2011.
حلم حكم فرنسا
في سنة 2006، أعلن رجل الأعمال الفرانكو جزائري ذو الـ 34 سنة، وقتها، عن نيته الترشّح للانتخابات الرئاسية الفرنسية في نسختها التي دارت سنة 2007 مُقدّمًا نفسه على أنه المُرشّح الوحيد الذي ترعرع في الأحياء والمناطق الشعبية.
وأنشأ ائتلاف جمعيات «banlieus respect» "احترام الضواحي" لينشط في الأحياء الشعبية المليئة بالمهاجرين والتي عجزت الدولة الفرنسية عن التعاطي الأمثل معها، ثم انطلق في جمع تواقيع رؤساء البلديات الضرورية لإتمام ملف ترشيحه الرئاسي.
ورغم نجاحه الأوّلي في تحصيل 521 وعدًا بالدعم من رؤساء البلديات، تراجع عدد منهم ليفشل نكاز في إكمال الـ 13 توقيعًا الأخيرة التي تفصله عن الـ 500 التي يفرضها القانون ليتلاشى حلمه بخوض سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
نكاز وحلم الرئاسة الجزائرية
انتخابات 2014
وبعد تلاشي حلم حكم فرنسا، غير نكاز قبلته نحو موطنه الأصلي الجزائر في يونيو 2013؛ حيث أعلن عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية لسنة 2014 وكان من بين الخطوط العريضة لبرنامجه تغيير العاصمة نحو ولاية الجلفة الداخلية وإلغاء الخدمة العسكرية وتكوين جيش احترافي وتخصيص منحة عشرة آلاف دينار للعائلات الفقيرة والتخلي عن الراتب إذا فاز.
انتخابات 2019
واستطاع بعد إعلانه ترشحه للرئاسة، حشد عشرات الآلاف من الجزائريين حوله خلال جولته الانتخابية المبكرة، وإرباك قوات الشرطة التي تدخلت أكثر من مرة لاعتقاله، وذلك في الوقت الذي تجتاح فيه الشارع مظاهرات معارضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى عهدة خامسة.
وصنع هاتف نكاز وصفحته على موقع فيسبوك الحدث في الجزائر، كونهما الوسيلتين الوحيدتين اللتين اعتمد عليهما في إدارة حملته الانتخابية، إذ يقوم يوميا بالإعلان المسبق لمختلف زياراته ونشر مختلف تحركاته على المباشر، حتى تحوّلت نشاطاته إلى "مسلسل يومي" يحظى بمتابعة الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونجح "الملياردير" نكاز عبر هذه الطريقة البسيطة وغير المكلفة، في جمع الآلاف من حوله أغلبهم من الشباب، في مشهد ميداني عجزت أحزاب السلطة عن تحقيقه داخل القاعات المغلقة التي احتضنت نشاطاتها، وأمام وسائل الإعلام التي تكفلت بتغطيتها، وتحت حماية أجهزة الأمن.
ولكن رغم تحوله إلى "ظاهرة شعبية" لا مثيل لها في المشهد السياسي بالجزائر، فإنه ليس من المؤكد أن يقبل المجلس الدستوري مطلب ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية، لأنه يحمل الجنسية الفرنسية، وذلك رغم إعلانه التخلي عنها، حيث لا يقبل في ترشيحات الرئاسة الجزائرية إلا من لديهم "الجنسية الجزائرية وحدها" وفقا للدستور، كما أن الأحكام الدستورية التي أدخلت عام 2016، قد تعيق فرص وصوله للسلطة، إذ من الضروري "إثبات إقامة دائمة حصرية في الجزائر لمدة لا تقل عن عشر سنوات"، كما أن أي شخص حصل في وقت ما على جنسية أجنبية معرض للإقصاء.