بين التأييد والمعارضة.. قانون المساواة في الميراث بين الجنسين يثير الجدل في تونس
مقترح تونسي جديد أثار الجدل وخلق حالة من الانقسام بسبب مساسه بالعقيدة الإسلامية، وذلك بعدما اقترح الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، مشروع قانون جديد يتضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة ليتم سن بنوده ووضعها ضمن الدستور التونسي.
ويأتي هذا المقترح في نظر "السبسي" في إطار الحفاظ على مدنية الدولة واحترام حرية المعتقد، وذلك إلى جانب احترام إرادة من يعارضون فكرة المساواة في الإرث وفقًا لحرية الضمير والمعتقد.
وفيما يلي، تستعرض "الفجر" كافة التفاصيل المتعلقة بمشروع القانون الجديد الذي اقترحه الرئيس التونسي، وذلك خلال السطور التالية.
البداية
منذ وضع دستور2014، كانت مسألة الميراث تلقى اهتمامًا كبيرًا من الشارع التونسي، كونها تندرج ضمن بند الأحوال الشخصية، ومع وجود حق لرئيس الدولة بالمبادرة التشريعية سواء باقتراح مشاريع قوانين جديدة أو بتنقيح قوانين موجودة، اقترح "السبسي" فكرة مشروع القانون الجديد الذي ينص على المساواة بين المرأة والرجل في تقسيم الميراث، ويأتي ذلك بعد ظهور مطالب من الشعب بالنظر في هذه القضية.
وفي عام 2017 شكل الرئيس الباجي السبسي، لجنة الحريات الفردية والمساواة، وكلفها بإعداد تقرير يتضمن إصلاحات تشريعية متعلقة بالحريات الفردية والمساواة بما يتلاءم مع نص الدستور الصادر عام 2014.
مقترحات مشروع القانون
ينص المقترح المقدم لمشروع القانون الجديد، على المساواة في الميراث بين الرجال والنساء، بشرط أن تربطهم صلة قرابة من الدرجة الأولى، أي ممن يمثلون الأشقاء والشقيقات والأبناء والفتيات، بالإضافة إلى الأب والأم والزوج، وهو ما يختلف مع التشريع التونسي الحالي الذي يطابق ما ورد في آيات القرآن الكريم، والذي يقضي بأن للمرأة نصف نصيب أشقائها الذكور.
وتتضمن بنود المشروع، جزءا يقضي باحترام حرية الأفراد المعترضين على نص القانون الذي يهدف إلى المساواة بين الجنسين في توزيع الميراث، حيث يترك لهم مطلق الحرية في تقسيمه بين النساء والرجال وفقًا لمعتقداتهم.
تقرير لجنة الحريات
وأعاد الجدل المثار مرة أخرى، بعدما نشرت لجنة الحريات الفردية والمساواة التابعة للرئاسة التونسية، يوم الثلاثاء الماضي، تقريرًا يتضمن مقترحات إصلاحية لعدد من التشريعات، ويعد أهمها المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، وينتظر التقرير الذي قُدم يوم الجمعة الماضي إلى "السبسي" أن تتم إحالته إلى البرلمان التونسي.
ردود الفعل
تعددت ردود الفعل التونسية حول قرار الرئيس التونسي، حيث أعربت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، عن سعادتها بالقرار الجرئ والعادل الذي أقدم "السبسي" على اتخاذه، فوصفتها بالتطور الطبيعي لواقع المرأة في الدولة.
ومن جانبه، قال نور الدين العرباوي، رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة التونسية، إن الحركة لم تنزعج من مقترح الرئيس، لافتًا إلى أن القضية تحتاج إلى فتح نقاش موسع وإيجابي، حيث يحتاج القانون إلى التدرج والوقت والحوار المجتمعي الجاد.
رأي الأزهر في القانون
رفض الأزهر الشريف، دعوات الرئيس التونسي في البداية، حيث اعتبر هذا القانون هو بمثابة خروج وتصادم مع الشريعة الإسلامية.
وأشار عباس شومان، وكيل الأزهر، إلى أن نصيب المرأة في الميراث محدد منذ سالف الزمن، ولم يترك للاجتهاد.
موقف الإفتاء التونسي
وأيد ديوان الإفتاء التونسي، في بيان له، مقترح الرئيس التونسي، مؤكدين أن ما دعا إليه يوافق صحيح الدين، استنادًا إلى قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف".
مظاهرات نسائية تطالب بالمساواة
وفي مارس الماضي، احتشدت التونسيات في الشوارع بدعوة من "التحالف التونسي"، حيث أقاموا مظاهرات تطالب بسن قانون للمساواة بين الجنسين في الميراث، من خلال مسيرة احتجاجية تشكل ضغط على رئاسة الجمهورية للتسريع في اتخاذ القرار.
خروج تظاهرات معارضة
في الوقت نفسه، رفض عدد من المواطنين التونسيين تطبيق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وهو الأمر الذي دفع العشرات من المعارضين التونسيين إلى التظاهر خلال أغسطس الجاري، للمطالبة بإلغاء مشروع القانون الذي تقرر أن يناقشه البرلمان خلال أكتوبر المقبل.