قصر علي جزيرة كاملة لأجل عيون الإمبراطورة "أوجيني"

قصة بناء القصر تتلخص في إعجاب الخديوي إسماعيل بالأمبراطورة اوجيني التي اختارها لتكون ضيفة شرف الاحتفال بأفتتاح قناة السويس، وفي سبيل ضمان راحة الامبراطورة ، الجميلة واثارة اعجابها ، امر الخديوي اسماعيل بتشييد ذلك القصر.

 

يبلغ طول القصر 174 م، واستغرقت عملية تشييده خمس سنوات.

أمر الخديوي إسماعيل بتكليف المهندس المعماري الالماني "يوليوس فرانز" عام 1863م، و بالتعاون مع المهندس الشهير "دي كوريل ديل روسو" الذي كان قد صمم قصر عابدين، قام يوليوس فرانز بتصميم وتشييد قصر الجزيرة، كما أمر الخديوي بأن يتم تزيينه بعناية على غرار طراز زينة مقر اقامة "اوجيني" في قصر تويوري، مع إضفاء طابع إسلامي على النمط المعماري من خلال استخدام تصاميم مصنوعة من الرخام، بالاضافة إلى نوافذ وشرفات مصنوعة بأسلوب المشربية. 

قام مهندس المناظر الطبيعية الفرنسي "بارييه ديشامب" بتحويل الجزيرة برمتها إلى متنزه مترامي الاطراف يشتمل في داخله على قصر الجزيرة، و يذكر أن جميع الاقواس المعمارية المستخدمة في بناء قصر الجزيرة  مصنوعة من الحديد الزهر، وتم تصنيعها آنذاك في المانيا ثم قام مهندسون المان بتجميعها وتركيبها في موقع البناء امر الخديوي أيضاً باستيراد الديكورات والحلي الداخلية للقصر من باريس. 

الاثاثات والستائر والسجاد وحتى النقوش على الجدران تم تصميمها و صنعها ببرلين، ويعد القصر البناء الوحيد المشيد في جزيرة الزمالك في ذلك الوقت، وكانت حديقة القصر تضم أندر النباتات والأشجار، إضافة إلى ذلك، فقد احتوت على حديقة حيوانات متميزة لتسلية الضيوف والمدعوين ، التي بدورها أصبحت النواة الأولى لحديقة الحيوان بالجيزة , ويضم القصر ، لوحات وتماثيل باهظة الثمن ، أنجزها أشهر النحاتين والرسامين الأوروبيين ، واستوحى القصر رسومه من الطراز الشرقي ومن الفن الإسلامي .

وصلت تكلفة القصر الي 750 ألف جنيه، ذلك وفقا لما قاله علي مبارك الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الاشغال العامة، حيث كان ذلك المبلغ ضخما جدا بمعايير ذلك الزمان فاليوم يساوي هذا المبلغ ما يقارب من 750 مليون جنيه، لكن تلك التكلفة لم تشمل تكاليف مهمة هندسة المناظر الطبيعية المحيطة بالقصر، وهي المهمة التي كانت ضخمة جدا بحد ذاتها اذ انها استدعت تدعيم وتقوية ضفة نهر النيل المقابلة للقصر، بالاضافة إلى حماية المناطق المحيطة بالقصر من مخاطر حدوث الفيضانات، كما قام بتمهيد الطريق المؤدي إلى الأهرامات، وشيد عدة جسور، من ضمنها جسر قصر النيل، وجسر أبو العلا، لتمكين الوفود المشاركة في الاحتفال من التحرك إلى الأهرامات من قصر الجزيرة. 

بعد الانتهاء من تشييد القصر قال"فرانز بك" ان قصر الجزيرة هو بحق اجمل بناية من نوعها ذات طراز عربي حديث، ذلك عندما عهد إلى الموسيقار العالمي "فيردي" بتأليف موسيقى، بمناسبة الاحتفال بافتتاح قناة السويس الذي قام بتأليف  موسيقى « أوبرا عايدة » خصيصا لهذه المناسبة ، وقد عزفت الموسيقى لأول مرة في حديقة قصر الجزيرة .

من أبرز محتويات القصر رسم للإمبراطورة "أوجيني" ضيفة الشرف، ونافورة من المعدن المشغول، وسلم من الرخام، وست ساعات جدارية قديمة، ولوحات ثمينة متنوعة، وطاولة من الرخام تعود لعهد الملك لويس الرابع عشر، وحجرتين للنوم للإمبراطورة "أوجينى" الأولى ذات طابع فرنسي مثيلة تماماً لحجرتها في قصر التولير بفرنسا وأخرى إسلامية الطابع ( أرابيسك )، وكتب عليها أبيات من الشعر ترحيباً بقدومها، كذلك بهو القصر الفخم و الذي يحتوى علي لوحتين معاصرتين إحداهما هى لوحة العشاء الإسطوري الذي حضره الصفوه وكانت من بينهم الامبراطورة أوجينى أميرة الموضه فى ذلك العصر ، كما به لوحة أخرى للاحتفاليه المقامة في الإسماعيلية لافتتاح قناة السويس .

كما يوجد صالون ملكي كانت جميع نقوشاته تصور محاصيل مصر الزراعية في ذلك الوقت ، بالإضافة إلى التماثيل الرخامية النادرة التي تتزين بها حديقة القصر والتي صنعت خصيصا ًللقصر.

عندما تراكمت الديون على الخديوي اسماعيل، حجز دائنون على كل ممتلكاته بما في ذلك قصر الجزيرة في العام 1879م، تم بيع القصر إلى سلسلة فنادق اطلقت عليه اسم (فندق قصر الجزيرة) وحرص الفندق علي الاحتفاظ بفخامة البناء المعماري الرائع. 

 

و في رواية أخرى أنه تم بيع الفندق إلى الأمير السوري حبيب لطف الله الذي اتخذه مسكنا خاصا لعائلته لاحقا، وفي اعقاب ثورة 1952، استحوذت الدولة على القصر، وحولته إلى فندق تحت اسم فندق عمر الخيام، وبعد سنوات من الاهمال وسوء الادارة، انتقلت ملكية القصر إلى ادارة سلسلة فنادق ماريوت العالمية، وكان ذلك في سبعينات القرن الماضي.

و قد تم تقسيم حدائقه إلى اقسام عدة منفصلة من بينها الحديقة الخديوية التي اصبحت نادي الجزيرة الرياضي وهي تشمل مضمار سباق الخيول وملعب البولو.

 اما حديقة الاسماك الخديوية الواقعة على الجانب الغربي من القصر فقد تم تحويلها إلى حديقة اسماك ضخمة منفصلة ، ومازالت قائمة حتى يومنا هذا تحت مسمى حديقة الاسماك .

شهد قصر الجزيرة استضافة العديد من المناسبات التاريخية المهمة كما شهد استضافة مئات من الشخصيات السياسية وغير السياسية البارزة، وقد ذكر أن الخديوي اسماعيل اقام حفل زواج ثلاثة من ابنائه (دفعة واحدة) فيه، وهو الحفل الباذخ الذي استمر على مدى 40 يوما متواصلة، 

أقام بالقصر العاهل البلجيكي الملك ألبرت وزوجته الملكة اليزابيث، والعاهل الاردني الملك عبدالله وشقيقه فيصل ملك العراق، وملك ايطاليا فيكتور ايمانويل، وغيرهم من مهراجات الهند وملوك ورؤساء عدد كبير من دول العالم، 

أيضاُ اقيم في القصر حفل زفاف ابنة مصطفى النحاس, ذلك حين كان القصر ملكا للامير السوري حبيب لطف الله، وقد دعي إلى ذلك الحفل شخصيات مهمة كان من بينها افراد من الاسرة الملكية الحاكمة في مصر وملوك ورؤساء دول عربية  , وكان ذلك الحفل واحدا من اروع وافخم حفلات الزفاف التي شهدها قصر الجزيرة ,أيضاً شهد احتفالا بزواج الملك فاروق من الملكة ناريمان، ففي اعقاب اتمام مراسم حفل الزواج في قصر عابدين، اصطحب الملك فاروق عروسه ناريمان في زيارة إلى قصر الجزيرة، حيث قاما بجولة في ارجاء القصر وراح الملك يشرح لها ان الذي شيد ذلك القصر هو جده الخديوي اسماعيل باشا وان والده  الملك فؤاد ولد في القصر ذاته .