شائعات تعيين السفير المصري تفاقم الأزمة بين مصر وايطاليا
مظلوم: جمود في العلاقات بين مصر وإيطاليا والصراع السياسي يوسع الأزمة
أستاذ علاقات دولية: الأزمة قائمة بشكل ظاهري لكن هناك مصالح من خلف الستار
تسبب تدوال الشائعات بشأن رفض السلطات الإيطالية اعتماد الأوراق الخاصة بالسفير المصري الجديد في إيطاليا، في تفاقم الأزمة بين الجانبين "المصري- الإيطالي"، وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية المصرية نفت ما تم تداوله، إلا أن التوتر في العلاقات بين البلدين لايزال قائم وفقًا للمشهد العام، ومن تأكيد الخبراء بأن هناك جمود بين الجانبين.
وتستعرض "الفجر"، في تقريرها التالي، الأزمات التي تسببت في اشتعال الأزمة بين الجانب المصري والإيطالي، بالإضافة إلى رأي الخبراء في هذه القضية الشائكة.
أزمة في اختيار سفير لمصر
وجاءت أخر التوترات بين مصر وايطاليا بعد ما تداولت شائعات بشأن رفض السلطات الإيطالية اعتماد الأوراق الخاصة بالسفير المصري الجديد في إيطاليا.
وسرعان ما نفي المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي بإسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم الخميس، صحة ما تم تداوله جملة وتفصيلًا، قائلاً: إن وزارة الخارجية لم تتقدم من الأساس حتى الآن بأوراق اعتماد السفير المصري الجديد في روما، وإن مسائل تقديم أوراق الاعتماد الخاصة بالسفراء تتم وفقا لقواعد وإجراءات متعارف عليها.
أزمة جوليو ريجيني
وبدأت الأزمة بين الجانبين المصري والإيطالي، في الثالث من فبراير الماضي، جراء مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني"، الذي تم العثور على جثته وبها آثار تعذيب، على جانب طريق مصر إسكندرية الصحراوي.
وكان تشريح جثة الطالب جرى في إيطاليا وكشف عن أن الوفاة ناجمة عن ضربة عنيفة أسفل الجمجمة، فضلاً عن وجود كسور متفرقة في أنحاء الجسم، ما آثار اتهامات واسعة من الجانب الإيطالي تجاه مصر، وعلى إثره استدعت الأولى سفيرها لدى مصر للتشاور، بعد رفض القاهرة تقديم معلومات تعتبرها روما ضرورية لحل لغز مقتل الطالب ريجيني، في أبريل الماضي.
وبسبب التوترات بين البلدين على خلفية قضية مقتل ريجيني، طالب وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني، في 16 يوينو الماضي، إن سفير إيطاليا لدى مصر سيبقى في روما.
مقتل المصري محمد باهر صبحي في إيطاليا
كانت صفحات التواصل الاجتماعي للمغتربين المصريين في إيطاليا، أعلنت مقتل المواطن المصري محمد باهر صبحي في مدينة نابولي الإيطالية في الخامس من مايو الماضي، مشيرة إلى أن الشاب من محافظة المنوفية، متواجد في إيطاليا منذ 10 سنوات، وقد عثرت عليه الشرطة ملقى على شريط محطة القطار وعلى جسده آثار تعذيب.
ما أثار جدلا واسعا تحت قبة البرلمان المصري، مطالبين حينها الجهات الإيطالية بتوضيح الوقعة: "الشاب المصري مش أقل من ريجيني، فلنرى كيف تعاملت إيطاليا مع أزمة مواطنها، وليكون للبرلمان موقف قوي"_ بحسب قول النائب مصطفى بكري.
أول قرار رسمي من إيطاليا ضد مصر
وشهدت العلاقات "المصرية- الايطالية"، أجواء توتر بشكل أوسع في السابع من يوليو الماضي، أددت إلى وقف تزويد مصر بقطع غيار طائرات الـ"إف 16" الحربية، والتلويح بوقف التفويض الذي منحته الحكومة الإيطالية لشركتي "أريا سبا وألكان" للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لمد مصر بتكنولوجيا تسهل عملية اعتراض الاتصالات لأغراض الأمن القومي.
دهس مواطن مصري
وفي السادس عشر من سبتمبر الجاري، لقي مواطن مصري يدعى عبدالسلام ، مصرعه، عقب دهسه من قبل سائق شاحنة إيطالي، وذلك في مدينة بياتشنزا شمال إيطاليا، خلال تجمع لمتظاهرين يعملون لدى إحدى مكاتب البريد السريع.
جمود في العلاقات بين "مصر وايطاليا"
وأكد اللواء جمال مظلوم، مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، أن العلاقات بين مصر وإيطاليا بها جمود واضح بين البلدين، مشيرًا إلى أن الصراع السياسي شارك بشكل أساسي فى توسيع الأزمة بين الجانبين.
وأضاف"مظلوم"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه من الصعب في الوقت الراهن عودة العلاقات بين الجانبين، خاصة بعد قرار البرلمان الايطالي بوقف قطع غيار طائرات الـ"إف 16" الحربية عن مصر، لافتًا إلى أن الجانب المصري دائما في موقف ضعيف بالرغم أن من حقه التعامل بحزم تجاه الجرائم المتعددة للمصريين في الوقت الذي انقلبت الدنيا رأسًا على عقب في قضية " ريجيني"، في مقابل أن هناك يسفك دماء المصريين دون تحرك ساكنًا من قبل الجانب الايطالي.
وأشار"مظلوم"، إلى أن بالفعل مصر بدأت في توطيد العلاقات بين البلدين، ايمانا منها بأهمية ومتانة العلاقات المشتركة بين مصر وايطاليا، إلا أن الجانب الايطالي لازال عند موقفه، مما يكبد خسائر كبيرة، خاصة في هذا الوقت الذي تمر به مصر اقتصاديًا.
الأزمة ظاهرية
في السياق ذاته قال الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الأزمة بين الجانبي المصري والايطالي لازالت قائمة بشكل ظاهري، لكن هناك مصالح لا يمكن التضحية بها، مؤكدًا أن العلاقات متبادلة بين الطرافين على المستوى الاقتصادي من خلف الستار، لأهمية موقعهما الجغرافي، والمصالح المشتركة.
وأضاف"حسين"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه سيظل التوتر السياسي بين البلدين قائمًا، خاصة عقب دهس المواطن المصري بمدينة "بياتشنزا" بايطاليا، من قبل الجانب الايطالي، معللًا أن الحادث يدل على انتقام ايطاليا من مصر على غرار مقتل "ريجيني".
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية أن الوضع لن يتغير إلا بالجهود الأمنية، ووضع خطة توضح الموقف القانوني من مقتل "ريجيني"، متوقعًا زيادة الإحتقان من قبل المواطنين بايطاليا.