إيمان كمال تكتب: بابا عبده.. حكايات وصور حصرية من بيت الحاج عبد المنعم
بساطة وتلقائية وخفة دم ميزت بابا عبده «عبد المنعم مدبولى» فلم يكتف بنجوميته فى المسرح ولا السينما.. كانت حكاياته وأعماله المختلفة من مسلسلات وفوازير رمضان على التلفزيون المصرى جسراً جديداً ممتداً بينه وبين جمهوره.. ومساحة لشريحة جديدة هى الأطفال الذين خصهم بابا عبده بالفوازير والأغنيات فى أعماله الدرامية.
ولأن بابا عبده كما كان يحب للمقربين أن ينادونه شديد الحب للأطفال فتحمس كثيرًا لتجربة فوازير «جدو عبده زارع أرضه» والعمدة الآلى بمشاركة نسرين ومجموعة من الأطفال، ففى الوقت الذى كانت تتنافس فيه نيللى وشيريهان على تقديم فوازير رمضان، كانت منافسة من نوع آخر بين عبد المنعم مدبولى وصديق عمره فؤاد المهندس على نوعية أخرى ومختلفة تقدم لمن هم أصغر عمرا فى فترة الثمانينيات، وبالرغم من أن عبد المنعم مدبولى ينتمى لمدرسة الفن متعة إلا أن أعماله فى تلك المرحلة لم تخل من الهدف الذى وضعه نصب عينيه وهو تربية جيل يتسم بالأخلاق والالتزام.
عبد المنعم مدبولى شخصيته حملت الكثير من الصفات المتناقضة فهو شديد الحساسية ولديه فيض من الحنان إلا أنه سرعان ما يعانى من العصبية حتى أن من حوله كانوا يطلقون عليه «نيرون»، كما كان أبًا حازمًا جدًا حتى وإن اتسم بالحب والحنان، فكان أقرب دور إلى حقيقته هى الشخصية التى قدمها فى مسلسل «أبنائى الأعزاء شكرا» فكان يدرك جيدا أن إطلالته على شاشة التلفزيون لابد وأن تكون قريبة من جمهوره كما اعتاد دائما، فهو ابن حى باب الشعرية الذى بدأ يعمل وهو لا يزال فى سنوات عمره الأولى لكى يكمل دراسته بعد وفاة والده وهو صغير.
اسم عبد المنعم مدبولى كان كفيلا لنجاح المسلسل بالرغم من وجود العديد من النجوم الواعدين فى هذا الوقت مثل يحيى الفخرانى وصلاح السعدنى وفاروق الفيشاوى وآثار الحكيم.
لم يكتف بخفة الظل والكوميديا والأفيهات التى اعتدنا عليها فى اعماله السينمائية والمسرحية ولكنه فى هذا العمل ابتعد عن كل هذا ليقدم شخصية الأب الحنون الذى يعانى الوحدة وتجاهل أبنائه.. وفى جانب آخر فهو الموظف الذى لا يقبل أى أخطاء أو حسابات ملتوية وقرر أن يقف أمام الريح ليواجه صدامات كانت أكبر من قدرته الاحتمالية وهو فى هذه السن، وكان قبلها قدم مسلسل «لا يا ابنتى العزيزة» مع هدى سلطان والذى قدم خلاله الأب الذى يدخل السجن بالظلم ويخرج بعد أن تكبر بناته اللاتى حرم منهن.
الدور الذى قدمه لم يبتعد كثيرا عن حياته الحقيقية فعبد المنعم مدبولى كان أبًا لولدين وابنته الوحيدة أمل التى كانت الأقرب له حتى إنها كانت دائما ما تحكى له أسرارها وكان يتفهم كثيرا لما يمر به أبناؤه.
عبد المنعم مدبولى بالرغم من صداقاته ببعض أهل الفن ممن شاركهم أعماله إلا أن الأكثر قربا كان الفنان فؤاد المهندس إلا أن بابا عبده كان لا يحب حضور الحفلات العامة والفنية وكان يفضل قضاء أغلب وقته فى المنزل مع أبنائه الذى رفض أن يحترفوا التمثيل ولكنه فى نفس الوقت ترك لهم حرية الاختيار فيما يرغبونه من تعليم وعمل أيضا، ولكنه كان يخشى عليهم من الحرية الزائدة التى يعيش فيها بعض من نجوم الفن والتى كانت تبتعد كثيرا عن حياته الأسرية المستقرة.
وبالرغم من شخصيته المحافظة إلا أن عبد المنعم مدبولى كان خليطًا من الفن فلم يكن التمثيل هو الهواية الوحيدة التى يجيدها، فمن يدخل منزله فى حى مصر الجديدة يجد عشرات اللوحات التى تحمل بصمته، بالإضافة لعشقه للنحت أيضا، بالإضافة لقيامه بتمصير العديد من الاعمال المسرحية التى قدمها عن مسرحيات عالمية.
ولأن بابا عبده كان قريبا من قلب جمهوره فكان تواجده فى مكة المكرمة أثناء قيامه بفريضة الحج كفيلا بأن يثير ضجة بين الحجاج الذين التفوا حوله وهو ما جعل الموجودين حول الكعبة يعتقدون بأنه ولى من أولياء الله الصالحين واستطاع مدبولى الخروج منهم بالقوة الجبرية، وهو ما يؤكد الشعبية والمحبة الكبيرة التى تمتع بها «بابا عبده» والذى يعد واحدا من عواميد رمضان فى الثمانينيات.