بوابة الفجر

اتفاق الدوحة يفتح نافذة جديدة لحلّ أحد أعقد صراعات إفريقيا.. من هي حركة «23 مارس» وما خلفيات الاتفاق الإطاري؟

حركة «23 مارس» المتمردة
حركة «23 مارس» المتمردة - الفجر

 

في خطوة اعتبرها مراقبون تطورًا نوعيًا في مسار حلّ الأزمة شرق الكونغو الديمقراطية، وقّعت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة «23 مارس» المتمردة اتفاقًا إطاريًا للسلام في العاصمة القطرية الدوحة، بعد أشهر طويلة من جمود المفاوضات وتصاعد العمليات العسكرية والإنسانية في إقليمي شمال وجنوب كيفو.

اتفاق يحاول كسر دائرة العنف

جاء التوقيع بعد أسبوع من جولات تفاوضية رعتها قطر، وبمشاركة أطراف دولية وإقليمية، بهدف إنشاء آلية للإشراف والتحقق من وقف إطلاق النار، وذلك استنادًا إلى «إعلان مبادئ الدوحة» الموقع في يوليو 2025.

الاتفاق الجديد يُنظر إليه باعتباره أكثر شمولًا من التفاهمات السابقة، ويضع أسسًا لحوار أوسع يمكن أن يقود إلى تسوية سياسية تطال جذور النزاع في شرق البلاد، خاصة قضايا دمج المسلحين وترتيبات الأمن المحلي وعودة النازحين.

من هي حركة «23 مارس»؟

تعود جذور الحركة إلى عام 2012، عندما تمرّد عناصر من «المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب» بعدما اتهموا الحكومة بعدم تنفيذ اتفاق 23 مارس 2009، وهو تاريخ اعتمدته الحركة اسمًا لها.

وتتكون الحركة بصورة أساسية من مقاتلين ينتمون إلى عرقية التوتسي، وتتهم كينشاسا رواندا بدعمها عسكريًا — وهي اتهامات تنفيها كيجالي لكن تحظى باهتمام دولي واسع.

خلال السنوات الأخيرة، عادت الحركة بقوة إلى المشهد، وسيطرت على مناطق استراتيجية، أبرزها أطراف مدينة غوما، في واحدة من أكبر موجات تمددها منذ 2013.

أزمة إنسانية تتفاقم

الاشتباكات بين الحركة والقوات الحكومية تسببت خلال 2024–2025 في نزوح مئات الآلاف، إضافة إلى اتهامات حقوقية بعمليات قتل وإعدامات خارج القانون، كان أبرزها ما أوردته منظمات دولية بشأن وقوع مجازر بحق المدنيين في مناطق شرق البلاد.

هذه الظروف دفعت المجتمع الدولي إلى دعم أي تحرك يضمن الوصول لوقف إطلاق نار فعّال يمكن أن يوقف تدهور الأوضاع الإنسانية.

تفاصيل الاتفاق الإطاري الجديد

الاتفاق الذي وُقّع في الدوحة يركز على:

إنشاء آلية مشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار بمشاركة الكونغو، ممثلي الحركة، وشركاء إقليميين ودوليين

تفعيل إجراءات لخفض التصعيد في محاور التماس

تمهيد الطريق لجولة مفاوضات أوسع تُناقَش فيها الملفات السياسية والأمنية

دعم التنسيق الإقليمي بين الكونغو ورواندا، خاصة بعد اتفاق السلام الموقّع بينهما في يونيو بواشنطن


كما يعيد الاتفاق التأكيد على الالتزام بمسار المصالحة الوطنية ورفض خطاب الكراهية، وهو بند ترى فيه الجهات الدولية خطوة ضرورية لحماية النسيج المجتمعي شرق البلاد.

قطر.. وسيط بارز في ملفات إفريقيا

تجدد الوساطة القطرية في الأزمة شرق الكونغو يعكس – حسب مراقبين – صعود دور الدوحة كوسيط موثوق في النزاعات الأفريقية، خاصة بعد نجاحها في استئناف المفاوضات التي كانت متوقفة لأشهر.

كما يمثل الاتفاق خطوة تُعيد تحريك ملف السلام، بعد أن أكدت الكونغو ورواندا مطلع الشهر الجاري من الدوحة التزامهما بخفض التوترات.

هل ينجح الاتفاق؟

على الرغم من الترحيب الدولي، يواجه الاتفاق تحديات معروفة:

انعدام الثقة بين الطرفين

استمرار العمليات في بعض الجبهات

تعدّد الفصائل المسلحة شرق الكونغو

خطورة الانتهاكات التي قد تعيد التصعيد في أي وقت


لكن المراقبين يرون أن الاتفاق الإطاري، مع آلية المراقبة الجديدة، قد يشكّل أول خطوة جدية لإعادة الاستقرار إلى منطقة تعدّ من أعقد بؤر الصراع في إفريقيا.