بوابة الفجر

الدكتور رضا حجازي لـ«الفجر»: وعي الجهل أول طريق الحكمة

الدكتور رضا حجازي:
الدكتور رضا حجازي: العلم يرفعك والتجربة تزكيك والتواضع يحميك

أكد الدكتور رضا حجازي، أستاذ المناهج وطرق التدريس ورئيس جامعة الريادة ووزير التربية والتعليم والتعليم الفني السابق، أن أعظم ما يمكن أن يمتلكه الإنسان هو وعيه بجهله وسعيه الصادق نحو الحقيقة بتواضع وثبات، موضحًا أن العلم يرفع الإنسان، والتجربة تزكيه، بينما يحفظه التواضع من الغرور الذي يسقط العظماء قبل غيرهم.

وأضاف الدكتور رضا حجازي في تصريح خاص لـ«الفجر» أن رحلة الإنسان في التعلم تمر بمراحل متدرجة من الفهم والثقة، تشبه ما وصفه علماء النفس بـ«تأثير دانينج–كروجر» (Dunning–Kruger Effect)، وهو منحنى يشرح العلاقة بين مستوى المعرفة وثقة الإنسان بنفسه، وكيف يمكن للثقة أن ترتفع في بدايات التعلم ثم تنهار حين تتسع المعارف وتزداد الخبرة.

وأوضح رئيس جامعة الريادة أن هذه الظاهرة تبدأ عندما يمتلك الفرد قدرًا محدودًا من المعرفة، فيصعد سريعًا إلى ما أسماه الباحثان ديفيد دانينج وجاستن كروجر «قمة الغباء» (Peak of Mount Stupid)، حيث يشعر بارتفاع زائف في الثقة ويظن أنه يحيط بكل الحقائق، بينما تحجبه سحب الجهل الكثيفة عن رؤية اتساع الأفق. فكلما قلّ علمه، تضخمت ثقته، حتى إذا انكشفت له مساحة المجهول، بدأ يشعر بوقع الحقيقة الثقيلة.

وأشار الدكتور رضا حجازي إلى أنه ما إن يدرك الإنسان اتساع العلم وتعقيداته حتى تتراجع ثقته بنفسه بشكل حاد، ليجد نفسه في مرحلة تُعرف بـ«وادي اليأس» (Valley of Despair)، حيث يبدأ بمراجعة ذاته ويتساءل بصدق: كيف لم أكن أرى هذا من قبل؟ وكيف كنت أظن أنني أعلم كل شيء؟ وهنا تبدأ أولى خطوات النضج الفكري والبحث الحقيقي عن المعرفة.

وفي ذات السياق، أكد الدكتور رضا حجازي أن هذه المرحلة لا تمثل نهاية الطريق، بل بداية رحلة التنوير، إذ يبدأ الإنسان بالصعود مجددًا على «منحدر التنوير» (Slope of Enlightenment)، فيتعلم من أخطائه، ويكتسب خبرة أعمق، ويكتشف لذة الفهم الحقيقي بعد معاناة طويلة بين الجهل والثقة الزائفة. ومع مرور الوقت، يصل إلى ما يسمى بـ«هضبة الحكمة والاستقرار» (Plateau of Sustainability)، حيث يوازن بين العلم والتواضع، وبين الفهم والهدوء، فلا تغريه الثقة الزائدة، ولا تحبطه العثرات.

واختتم رئيس جامعة الريادة حديثه لـ«الفجر» قائلًا إن الوعي بحدود المعرفة هو أعظم درجات الإدراك الإنساني، وإن السعي نحو الحقيقة يحتاج إلى تواضع وثقة متزنة في النفس، لأن العلم يرفع الإنسان، والتجربة تزكيه، والتواضع يحفظه من الغرور الذي يسبق السقوط، مؤكدًا أن طريق الحكمة يبدأ من إدراك الجهل، وينتهي بالتوازن بين المعرفة والإنسانية.