بوابة الفجر

تصاعد المعارك في السودان وتكثيف التحركات الدولية لوقف الحرب

السودان - الفجر
السودان - الفجر

 

تشهد الساحة السودانية تصعيدًا ميدانيًا غير مسبوق خلال الساعات الأخيرة، في وقت تتكثف فيه التحركات الدبلوماسية الدولية التي تقودها الأمم المتحدة والولايات المتحدة لاحتواء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامٍ ونصف، وسط تحذيرات من انهيار إنساني شامل في إقليمي دارفور وكردفان، وتحول البلاد إلى ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية.

 


جلسة طارئة بالأمم المتحدة حول الفاشر

كشفت مذكرة دبلوماسية صادرة عن الأمم المتحدة – وفقًا لتقارير إعلامية دولية – أن مجلس حقوق الإنسان سيعقد جلسة طارئة في 14 نوفمبر الجاري لمناقشة الوضع الإنساني المتدهور في مدينة الفاشر، بعد ورود تقارير موثوقة عن عمليات قتل جماعي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع عقب سيطرتها على المدينة في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي.

وذكرت المذكرة أن أكثر من خمسين دولة دعمت الطلب الذي تقدمت به بريطانيا وأيرلندا وألمانيا وهولندا والنرويج لعقد الجلسة، في وقتٍ أكد فيه مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان أن “مئات المدنيين والمقاتلين العُزّل ربما قُتلوا خلال الأحداث الأخيرة”، معتبرًا أن ما يجري في دارفور “يمثل خطرًا على الأمن الإقليمي برمّته”.

 


النيابة العامة توجه اتهامات لحميدتي

وفي تطور قانوني هو الأبرز منذ اندلاع الحرب، أعلنت النيابة العامة السودانية توجيه اتهامات جنائية إلى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وأكثر من 200 متهم، تشمل مواد تتعلق بـ“تقويض النظام الدستوري، وإثارة الحرب ضد الدولة، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية”.

وأوضحت النيابة أن اللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات أنهت أعمالها وأحالت الملفات إلى المحكمة المختصة، بعد تحليل الأدلة والبينات التي تثبت مسؤولية المتهمين عن جرائم موثقة في عددٍ من الولايات، على رأسها الخرطوم ودارفور وكردفان.

 


تصعيد ميداني وهجمات بطائرات مسيّرة

ميدانيًا، شهدت مدينتا عطبرة وأم درمان فجر الجمعة هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت مواقع متفرقة وصفت بأنها الأعنف منذ أسابيع. وأكدت مصادر ميدانية أن الدفاعات الجوية السودانية تصدت للطائرات بكثافة، فيما شوهدت سيارات الإسعاف تتجه نحو مناطق القصف وسط تعتيم رسمي على حجم الخسائر.

وتشير هذه التطورات إلى استمرار المواجهات بين الجيش والمليشيا رغم إعلان الأخيرة موافقتها على هدنة الرباعية، حيث تواصل القوات المسلحة تنفيذ غارات جوية مركزة على مواقع المتمردين في ولايات دارفور وكردفان، بينما تتهم الخرطوم جهات خارجية بتقديم دعم عسكري ولوجستي مباشر للمليشيا.

 


تحركات دبلوماسية أميركية مكثفة

وفي السياق ذاته، كشفت وزارة الخارجية الأميركية عن اتصالات مباشرة مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مؤكدة أنها تسعى إلى التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة.
وقال المتحدث باسم الخارجية إن واشنطن تعمل بالتنسيق مع شركائها في المجموعة الرباعية (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، والإمارات) لدفع العملية السياسية قدمًا، مشددًا على أن “الأزمة في السودان بلغت مستويات كارثية، ويجب وقف الحرب فورًا لتجنب الانهيار الكامل”.


تطورات داخلية وسياسية

في الأثناء، تشهد البلاد حراكًا داخليًا متسارعًا على المستويين الإنساني والسياسي.
فقد أعلن بنك السودان المركزي عن إصدار ورقتين نقديتين جديدتين من فئتي 2000 و500 جنيه، بتصاميم حديثة وعلامات تأمينية مستوحاة من التراث السوداني، في محاولة لتعزيز الثقة بالعملة الوطنية واستقرارها.

من جانب آخر، اطّلع الدكتور التهامي الزين ممثل السودان في منظمة اليونسكو، المنظمة الدولية على حجم الدمار الذي خلّفته مليشيا الدعم السريع في الجامعات والمباني التاريخية والمتاحف، متهمًا المليشيا بسرقة مقتنيات ثقافية وآثار لا تُقدّر بثمن.

كما دعت وزارة الشؤون الدينية إلى إقامة صلاة الغائب في جميع المساجد ترحّمًا على أرواح الشهداء ودعاءً “لنصرة الوطن واستعادة الأمن”.

 

أوضاع إنسانية مأساوية

وفقًا لتقارير ميدانية، فرّ أكثر من 81 ألف شخص من مدينة الفاشر بعد اجتياحها من قبل مليشيا الدعم السريع، فيما تتزايد معاناة النازحين في ظل انقطاع الإمدادات الإنسانية وصعوبة الوصول للمناطق المتضررة.
كما أكدت مصادر طبية وقوع مجزرة جديدة في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، راح ضحيتها ستة مدنيين وأُصيب 12 آخرون في قصف مشترك نفذته مليشيا الجنجويد والحركة الشعبية.


تصاعد الضربات الجوية وتعاون عسكري إقليمي

في تطور لافت، نفذ سلاح الجو السوداني سلسلة من الضربات الدقيقة على مواقع المليشيا في جبل عوينات وعلى أطراف زالنجي ونيالا، ما أدى إلى خسائر كبيرة في صفوفها.


مبادرات داخلية وتحركات خدمية

أكد وزير النقل والبنى التحتية سيف النصر التجاني، أن حكومة الأمل تعمل على تشييد طريقين قوميين بمواصفات عالمية، الأول يمتد من بورتسودان إلى ولايات دارفور، والثاني من وادي حلفا إلى النيل الأبيض، بهدف تعزيز العملية الإنتاجية وربط مناطق البلاد اقتصاديًا.
كما أطلق والي الخرطوم مبادرة لترحيل الطلاب والمواطنين بتعرفة رمزية لتخفيف أزمة المواصلات.

في المقابل، نفى وزير الداخلية الفريق بابكر سمرة مصطفى وجود فوضى في استرداد المنازل بالعاصمة، مؤكدًا أن كل مواطن له الحق في التقدم بشكوى إذا وُجد من يقطن منزله بالقوة، مشيرًا إلى أن مكتبه مفتوح لتلقي أي تظلمات.