الانتخابات الرئاسية في الكاميرون: إعلان مبكر بالفوز يشعل الجدل والمعسكر الحاكم يصفه بـ "المهزلة"

تشهد الكاميرون حالة من الاحتقان السياسي والتوتر المتصاعد عقب يومين فقط من انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية، في ظل غياب النتائج الرسمية واندفاع عدد من المرشحين إلى إعلان فوزهم بشكل منفرد، في مشهد يعكس هشاشة الثقة في المؤسسات الانتخابية وعمق الانقسام داخل المشهد السياسي الكاميروني.
وفي مقدمة هؤلاء، أعلن المرشح عيسى شرومة بكاري – زعيم الجبهة الوطنية للتغيير في الكاميرون – في تسجيل مصوّر من مقر إقامته بمدينة غاروا شمال البلاد، أنه "حقق الفوز في الانتخابات بفضل إرادة الشعب الكاميروني"، مؤكدًا أن أنصاره "حموا صناديق الاقتراع من التلاعب والتزوير"، على حد تعبيره.
إعلان شرومة هذا، الذي انتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أثار ردود فعل رسمية غاضبة، إذ سارع وزير إدارة الأراضي بول أتانغا نجي إلى وصف الخطوة بأنها "خدعة سياسية وسلوك غير مسؤول"، مضيفًا أن "الجهة الوحيدة المخوّلة بإعلان النتائج الرسمية هي المجلس الدستوري"، ومشيرًا إلى أن مثل هذه التصريحات "تهدف إلى زرع البلبلة في مرحلة دقيقة من العملية الانتخابية".
وأكد الوزير في بيان رسمي أن الحكومة ستتعامل بحزم مع أي محاولة لتقويض الثقة في المؤسسات أو تجاوز القانون، مشددًا على أن الانتخابات جرت في أجواء آمنة ومنظمة بإشراف المفوضية الوطنية للانتخابات وبمراقبة ممثلين عن الاتحاد الإفريقي وعدة منظمات إقليمية.
في المقابل، تباينت ردود الفعل بين المرشحين المنافسين:
المرشحان أكيري مونا وأتيكي كاكسون قدّما تهانيهما لشرومة على ما وصفاه بـ "أداء انتخابي مميز"، معتبرين أن "نتائج الصناديق أظهرت إرادة تغيير حقيقية لدى الشعب".
بينما وصفت المرشحة هيرمين باتريسيا العملية الانتخابية بأنها "شُوبت بخروقات خطيرة"، محذّرة من "انزلاق ديمقراطي" في حال تجاهل المخالفات الموثقة وشكاوى المرشحين.
ويُنتظر أن يُعلن المجلس الدستوري النتائج الرسمية خلال الأيام المقبلة، وسط دعوات محلية ودولية متزايدة إلى ضمان الشفافية واحترام إرادة الناخبين. وقد حثّ الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي جميع الأطراف على ضبط النفس وانتظار المسار القانوني، محذرين من أي خطوات أحادية قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في البلاد.
ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا التصعيد إلى تكرار سيناريوهات توتر انتخابي شهدتها دول إفريقية مجاورة، لا سيما في ظل مؤشرات على استقطاب جهوي وعرقي في الخطاب السياسي الكاميروني. ويرى محللون أن إعلان شرومة المبكر بالفوز ربما يشير إلى تحرك استباقي لتعبئة الشارع في حال عدم إعلان نتائج مطابقة لتوقعاته، بينما تراهن الحكومة على الاحتكام للمؤسسات الدستورية لضمان انتقال سياسي منضبط.
ومع استمرار حالة الترقب، تبقى الكاميرون على مفترق طرق حاسم:
فإما أن تُثبت مؤسساتها قدرتها على إدارة الاستحقاق بشفافية ومسؤولية، أو أن تنزلق البلاد إلى مرحلة جديدة من الانقسام والاضطراب السياسي.