مصر والجزائر.. تاريخ من النضال المشترك ووحدة المصير

في خطوة تعكس عمق العلاقات المصرية الجزائرية وحرص قيادتي البلدين على تنسيق الجهود تجاه القضايا الإقليمية، أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، تناول تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، إلى جانب مناقشة مستجدات الأوضاع في قطاع غزة والجهود الجارية لإنهاء الحرب.
وصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيسين أكدا خلال الاتصال أهمية التحضير الجيد لانعقاد اللجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة، المقررة الشهر المقبل في القاهرة، برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين، باعتبارها محطة مهمة لدفع العلاقات الاقتصادية والسياسية والتنموية إلى آفاق أرحب.
وأوضح المتحدث الرسمي أن المباحثات تطرقت كذلك إلى التطورات الإقليمية في الشرق الأوسط، خاصة ما يتعلق بالأوضاع في غزة، حيث أطلع الرئيس السيسي نظيره الجزائري على الجهود المصرية المتواصلة لوقف الحرب، وبدء تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب مسار المفاوضات الجارية في شرم الشيخ بمشاركة حركة حماس والجانب الإسرائيلي، ووساطة قطرية – أمريكية.
وأكد الرئيس السيسي خلال الاتصال على ضرورة البناء على الزخم الدولي الداعم لحل الدولتين، واستثمار الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين، بما يتيح إطلاق مسار سياسي شامل يحقق السلام العادل والدائم، ويضع حدًا لمعاناة الشعب الفلسطيني.
من جانبه، أشاد الرئيس عبد المجيد تبون بالدور المصري المحوري في وقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ورفض محاولات تهجير سكان غزة، مؤكدًا دعم الجزائر الكامل للمساعي المصرية الهادفة إلى استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، وإنهاء المأساة الإنسانية المستمرة منذ شهور.
كما تبادل الرئيسان التهاني بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر المجيدة، حيث قدّم الرئيس تبون تهنئة إلى الرئيس السيسي والشعب المصري والقوات المسلحة المصرية، مؤكدًا اعتزاز الجزائر بمشاركتها في تلك الحرب التي جسدت وحدة الصف العربي في مواجهة الاحتلال.
وأعرب الرئيس السيسي عن تقديره العميق لهذه اللفتة الكريمة، مشيدًا بالدور البطولي للجزائر خلال حرب أكتوبر، وما يعكسه من روح الإخاء والتضامن العربي بين الشعبين الشقيقين.
تاريخ من العلاقات المتميزة بين القاهرة والجزائر
تُعد العلاقات بين مصر والجزائر من أقدم وأقوى العلاقات العربية التي تأسست على مبادئ النضال المشترك والتضامن القومي. فمنذ اندلاع ثورة التحرير الجزائرية عام 1954، دعمت القاهرة الثورة سياسيًا وعسكريًا وإعلاميًا، وكانت من أوائل الدول التي فتحت أبوابها لقادة الثورة الجزائرية.
وبعد استقلال الجزائر عام 1962، شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا متواصلًا، حيث تشاركا في مواقف موحدة تجاه قضايا التحرر العربي والقضية الفلسطينية. كما شاركت الجزائر بفاعلية في حرب أكتوبر عام 1973 بإرسال طائرات وكتائب عسكرية لدعم الجبهة المصرية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما ظل محل تقدير مصري رسمي وشعبي.
وفي العقود اللاحقة، استمر التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، شملت الطاقة والتعليم والثقافة والاستثمار، إلى جانب التنسيق السياسي في المحافل الإقليمية والدولية، وخاصة داخل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.
وتواصلت اللقاءات بين القيادتين خلال السنوات الأخيرة، لتعكس وحدة الرؤية تجاه العديد من الملفات الإقليمية، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، والأزمة الليبية، ودعم القضية الفلسطينية.
ويأتي الاتصال الأخير بين الرئيسين السيسي وتبون ليؤكد أن العلاقات المصرية الجزائرية تسير بخطى ثابتة نحو مزيد من التعاون الاستراتيجي، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية.