في مركز المرج.. رجال من ذوي الإعاقة يبدعون في صناعة السجاد والكراسي الخوص

في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمسنين، قمتُ بجولة ميدانية داخل مركز رعاية كبار السن من ذوي الإعاقة الذهنية بالمرج، التابع للمؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع إحدى كيانات وزارة التضامن الاجتماعي.
الجولة كشفت عن عالم مختلف خلف الأسوار؛ عالم من الرعاية المتكاملة، والعمل اليدوي، والدعم الإنساني، حيث يعيش عشرات الرجال من ذوي الإعاقة الذهنية في بيئة منظمة توفر لهم الأمان، والرعاية، وفرصًا حقيقية للاندماج والإنتاج.
داخل مركز رعاية كبار السن من ذوي الإعاقة الذهنية بالمرج، لا تُقاس القيمة بالعمر أو القدرة الجسدية، بل بما تصنعه الأيدي.
هنا، في الورش المضيئة بأصوات النول ورائحة الخوص، يجد رجال تتراوح أعمارهم بين 25 و60 عامًا متنفسًا حقيقيًا، يمارسون فيه أعمالًا يدوية تُعيد لهم الشعور بالجدوى والكرامة، وتفتح أمامهم أبوابًا لحياة أكثر إشراقًا.
التمكين عبر العمل اليدوي
المركز، التابع للمؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع – إحدى كيانات وزارة التضامن الاجتماعي – لا يكتفي بتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية، بل يفتح أمام النزلاء أبواب العمل اليدوي كوسيلة للتمكين النفسي والمجتمعي.
تقول ريهام أحمد، مديرة مؤسسة رعاية الأحداث للمسنين: "هدفنا مش بس نوفر لهم مكان آمن، لكن نخلق لهم حياة فيها نشاط، مشاركة، وإحساس بقيمتهم. الورش مش مجرد تدريب.. دي وسيلة لإثبات الذات."
الكليم والسجاد.. خيوط تصنع الثقة
في ورش الكليم والسجاد، يعمل النزلاء في أجواء من التركيز والحماس. تتناغم حركة أيديهم مع خيوط النول لتخرج قطعًا فنية متقنة، تعبّر عن مهارة حقيقية رغم الإعاقة الذهنية.
كل قطعة سجاد تمثل انتصارًا صغيرًا، يُعيد لكل نزيل إحساسه بقيمته ودوره.
الخوص.. حكايات تُنسج من جديد
وفي ركنٍ آخر، ينهمك فريق من الرجال في صناعة الكراسي الخوص، مستخدمين أدوات بسيطة وخبرة اكتسبوها داخل المركز، ليُنتجوا قطعًا متينة تُستخدم في مرافق المؤسسة وبعض المعارض المحلية.
يضيف أحد المشرفين: "في البداية بيكون في صعوبة، لكن مع الوقت بيتعلموا، ويبدأوا يشتغلوا بثقة. كل كرسي بيتعمل هنا وراه قصة نجاح صغيرة."
دمج مجتمعي حي.. بعيدًا عن الشعارات
لا تقتصر الأنشطة على العمل اليدوي، بل تمتد إلى فتح المركز أمام طلاب الجامعات والمتطوعين من الجمعيات الأهلية، للتفاعل مع النزلاء ومشاركتهم الورش.
في هذه اللحظات اليومية البسيطة، يتجسد الدمج المجتمعي بشكل عملي، حيث تتلاشى الفوارق وتعلو روح التعاون.
ورش حياة لا تنسي
من خلال هذه الورش، لا يقدّم المركز مجرد نشاط ترفيهي، بل يبني داخل كل رجلٍ شعورًا جديدًا بالاعتماد على الذات والقدرة على الإنتاج.
إنها ورش حياة تُعيد رسم ملامح أيامهم، وتُثبت أن الدمج يبدأ من إعطاء الفرصة الحقيقية.




