نجيب محفوظ.. الأديب الذي رفع الرواية المصرية إلى العالمية
نجيب محفوظ.. الأديب الذي رفع الرواية المصرية إلى العالمية

يعد نجيب محفوظ علامة مضيئة في سماء الأدب العربي والعالمي، فهو الأديب العربي الوحيد الذي استطاع أن يحصد جائزة نوبل في الآداب، ليخلد اسمه بين كبار المبدعين في العالم.
و رحل محفوظ في 30 أغسطس 2006 بعد مسيرة أدبية استثنائية امتدت لقرابة سبعة عقود، ترك خلالها إرثًا روائيًا ضخمًا يُترجم إلى لغات العالم ويُدرّس في كبرى الجامعات.
ولم يكن محفوظ مجرد كاتب، بل فيلسوفًا متخفيًا في ثوب روائي، ومؤرخًا للحياة المصرية بكل تفاصيلها، حيث منح الرواية العربية بعدًا عالميًا، وفتح لها أبواب الانتشار والتأثير.
النشأة والبدايات
ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في 11 ديسمبر 1911 بحي الجمالية في القاهرة لأسرة متوسطة؛ كان والده موظفًا بسيطًا، وأمه ربة منزل.
والتحق بجامعة القاهرة وتخرّج في كلية الآداب قسم الفلسفة، وكان على وشك نيل الماجستير في الفلسفة الإسلامية، لكنه فضل أن يهب حياته للأدب والكتابة.
ومن هنا بدأ مشروعه الكبير، حيث جعل من الرواية ساحةً لطرح أفكاره الفلسفية والاجتماعية.
الانطلاقة الأدبية
بدأ محفوظ مسيرته من بوابة القصة القصيرة، حيث نشر أولى قصصه في مجلة الرسالة عام 1936، ثم أصدر أولى رواياته "عبث الأقدار" عام 1939، تبعتها "كفاح طيبة" و"رادوبيس".
و شكلت هذه الثلاثية الفرعونية التاريخية انعكاسًا مبكرًا لاهتمامه بالتاريخ ورؤيته لدروس الماضي.
الواقعية الاجتماعية
عام 1945 شكّل نقطة تحول فارقة في مسيرته الأدبية، حيث اتجه إلى الواقعية الاجتماعية برواياته الشهيرة مثل "القاهرة الجديدة"، "خان الخليلي"، و"زقاق المدق". وجعلت هذه المرحلة منه مرآة صادقة للمجتمع المصري، ونقلت الرواية العربية إلى مستوى جديد من النضج الفني والعمق الاجتماعي.
الرمزية والتأمل الفلسفي
لم يتوقف محفوظ عند الواقعية، بل تجاوزها إلى الرمزية والتأمل الفلسفي، حيث كتب روايات مثل "الشحاذ" و"الباقي من الزمن ساعة"، وصولًا إلى "أولاد حارتنا" التي أثارت جدلًا واسعًا، ومُنعت لفترة طويلة، وكانت سببًا في محاولة اغتياله.
و في هذه الأعمال بدا محفوظ وكأنه فيلسوف يطرح أسئلة الوجود والمعنى والعدالة، لكن بلغة الرواية وسحرها.
القاهرة البطل الحاضر
لم تكن القاهرة في أدب محفوظ مجرد مكان تدور فيه الأحداث، بل كانت شخصية رئيسية نابضة بالحياة.
و من أزقة الجمالية إلى شوارع خان الخليلي، تحولت المدينة إلى بطل مركزي يعكس تاريخ مصر الاجتماعي والثقافي والسياسي. لذلك اعتبره النقاد مؤرخًا غير تقليدي، استطاع أن يوثق تاريخ مصر الحديث روائيًا.
التكريم والخلود
نال محفوظ العديد من الجوائز، لكن جائزة نوبل للآداب عام 1988 كانت أرفعها وأكثرها تأثيرًا، حيث وضعته في مصاف كبار الأدباء العالميين.
وترجمت أعماله إلى عشرات اللغات، وأصبحت مادة للبحث والدراسة في مختلف جامعات العالم وحتى اليوم تبقى رواياته كالذهب الخالص، كلما مر عليها الزمن ازدادت بريقًا وقيمة.