تصعيد خطير.. ماذا يحدث بين الجزائر ومالي؟
دخلت العلاقات الجزائرية المالية مرحلة غير مسبوقة من التوتر، وسط مؤشرات استخباراتية دولية تفيد باحتمالية اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين إذا لم تتراجع الجزائر عن مواقفها المتصاعدة في المنطقة.
أجواء مغلقة وتصعيد ميداني
في خطوة مفاجئة، أعلنت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام جميع الرحلات القادمة من وإلى مالي، ردًا على إسقاط طائرة مسيّرة مالية قرب الحدود المشتركة بين البلدين. هذه الخطوة التصعيدية، تأتي لتؤكد دخول البلدين في مرحلة جديدة من المواجهة السياسية والأمنية، بعد شهور من التوتر المكتوم.
وتتهم الجزائر الجيش المالي بانتهاك سيادتها الجوية، بينما ترى باماكو أن الحادثة “عمل عدائي مُدبَّر”، وتتهم الجزائر بشكل مباشر بـ”رعاية وتصدير الإرهاب”، في سابقة لم تعرفها العلاقات الثنائية من قبل.
اتهامات متبادلة.. والجزائر في موقف حرج
بيان الخارجية المالية جاء حادًا، ورفض الرواية الجزائرية بشكل قطعي، معتبرًا أن تحركات الجزائر تجاوزت دور الوسيط في المنطقة، وتحولت إلى طرف منحاز يعمل على زعزعة الاستقرار في الشمال المالي.
في المقابل، لم تصدر الجزائر ردًا تفصيليًا على الاتهامات المالية، واكتفت بوصفها بـ”غير الجدية”، ما اعتبره مراقبون محاولة لاحتواء التصعيد دبلوماسيًا، دون التراجع عن خطواتها الميدانية.
تحولات إقليمية تعزل الجزائر
هذه الأزمة تتزامن مع إعادة تشكيل تحالفات جديدة في منطقة الساحل بعد انسحاب فرنسا وتصاعد نفوذ روسيا وتركيا، حيث تسعى دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو لتعزيز تعاونها الأمني بعيدًا عن الوساطات التقليدية، وهو ما تعتبره الجزائر تهديدًا لدورها الإقليمي.
وفي خطوة جديدة، أعلنت النيجر انسحابها رسميًا من مشروع "خط الغاز العابر للصحراء" الذي كانت الجزائر تعوّل عليه لربط الغاز الإفريقي بأوروبا. خطوة تُعتبر صفعة اقتصادية وجيوسياسية للجزائر، وتكشف حجم التحولات الجذرية في خارطة التحالفات الإقليمية.
اتفاق السلام في مهب الريح
اتفاق الجزائر للسلام، الموقع عام 2015، بات مهددًا بشكل حقيقي. فانسحاب الحركات الأزوادية، وتصاعد العمليات العسكرية في الشمال المالي، جعل الاتفاق مجرد وثيقة من الماضي. وتتهم مالي الجزائر باستغلال الاتفاق سياسيًا، في حين ترى الجزائر أنها تسعى لإحيائه ومنع انهيار الوضع الأمني بالكامل.
طبول الحرب تُقرع
التقارير الاستخباراتية تُحذر من أن استمرار التصعيد بين الجزائر ومالي، وعدم التوصل إلى تسوية عاجلة، قد يؤدي إلى اندلاع صراع إقليمي واسع، خاصة في ظل انخراط أطراف خارجية، ودعم أفريقي متزايد لمالي من دول مثل السنغال والكوت ديفوار والنيجر وبوركينا فاسو.
المشهد الإقليمي يتجه نحو المزيد من التعقيد، والعلاقات الجزائرية المالية تقترب من نقطة اللاعودة، مما يهدد ليس فقط أمن البلدين، بل استقرار منطقة الساحل بأكملها.