خبراء يجيبون لـ "الفجر".. ما أهمية زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة؟

تأتي زيارة ماكرون المرتقبة في لحظة حرجة، وتُعبّر عن تقاطع مصالح سياسية واقتصادية واستراتيجية بين القاهرة وباريس.
وبينما تسعى فرنسا للعودة إلى مشهد التأثير الدولي، تستفيد مصر من توسيع قاعدة شركائها في الملفات الإقليمية الحساسة، وفي مقدمتها قضية غزة، والتعاون الاقتصادي الهادف إلى تجاوز التحديات الراهنة.

البُعد السياسي: ماكرون والبحث عن دور دولي مفقود
من جانبه يرى بهاء محمود، الباحث في الشؤون الدولية، أن الرئيس الفرنسي يحاول استعادة نفوذ بلاده على الساحة الدولية عبر تبني ملفات شائكة، رغم فشل فرنسا في السنوات الأخيرة في لعب دور فعّال في الوساطات الدولية، خاصة منذ عام 2022.
أضاف محمود في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن زيارة ماكرون تأتي في إطار سعيه لإعادة تموضع فرنسا في قضايا اللاجئين وتخفيف التوتر بين إسرائيل ومصر، لا سيما فيما يخص الترتيبات الأمنية والعسكرية على الحدود المشتركة.

أشار إلى إن ماكرون يسعى من خلال هذه الزيارة إلى تقييم الأوضاع ميدانيًا، بما يبعث برسائل طمأنة لإسرائيل من جهة، ويؤكد دعم فرنسا لمصر من جهة أخرى.
العلاقات الاقتصادية: فرص استثمارية وتعاون متجدد
في السياق الاقتصادي، يؤكد الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن الزيارة تمثل فرصة محورية لتعزيز التعاون الثنائي بين القاهرة وباريس، خاصة في قطاعات الصحة، النقل، الطاقة المتجددة، والمياه.
وقال الشافعي لـ "الفجر" إن فرنسا تُعد من أبرز الشركاء التجاريين لمصر داخل الاتحاد الأوروبي، وإن الزيارة قد تسهم في جذب استثمارات فرنسية جديدة إلى السوق المصري، لا سيما في وقت تواجه فيه القاهرة تحديات اقتصادية كبيرة.

وأشار إلى أن التعاون في مجال الطاقة المتجددة يمثل ركيزة استراتيجية في مسار مصر نحو الاقتصاد الأخضر، مضيفًا أن فرنسا، باعتبارها من الدول الرائدة عالميًا في هذا القطاع، يمكنها أن تقدم دعمًا فنيًا وتكنولوجيًا يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما لفت الخبير الاقتصادي إلى أن الاتفاقيات المرتقبة في القطاع الصحي تعكس البعد الإنساني في العلاقات المصرية-الفرنسية، وتدعم جهود تطوير القطاع الطبي في مصر.
أبعاد استراتيجية: وساطة غزة والتحولات الدولية
أما على الصعيد الاستراتيجي، فيشير اللواء أركان حرب أسامة محمود، الخبير العسكري، إلى أن زيارة ماكرون تأتي في سياق متغيرات إقليمية ودولية معقدة، في ظل مساعي مصر لإنجاح مبادرتها لوقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة.
وفي تصريحاته لقناة "القاهرة الإخبارية"، أوضح اللواء أسامة أن بعض القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لم تتجاوب بالشكل المطلوب مع المبادرة المصرية، ما دفع القاهرة للبحث عن شركاء بديلين في جهود الوساطة، من بينهم فرنسا، التي قد ترى في هذا الدور فرصة لتعزيز حضورها الدولي، خصوصًا في ظل تباين مواقفها مع الإدارة الأمريكية الحالية.

وأضاف أن مصر ترتبط بعلاقات قوية ومتعددة المستويات مع الاتحاد الأوروبي، الذي يُعد شريكًا اقتصاديًا وسياسيًا رئيسيًا. ورجّح أن تلعب فرنسا دورًا مهمًا في كسب الاتحاد الأوروبي لدعم الرؤية المصرية تجاه غزة، الأمر الذي من شأنه أن يعيد التوازن إلى جهود الوساطة الإقليمية، ويضغط باتجاه وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية من القطاع.
تحذيرات ومآلات محتملة
وحذر اللواء أسامة محمود من خطورة استمرار التصعيد في غزة، مؤكدًا أن الانقسام بين القوى الكبرى، وتصاعد الحرب التجارية بين بعض الأطراف الدولية، قد يؤدي إلى كارثة إقليمية إذا لم يتم احتواء الأزمة.
وختم بالتأكيد على أن انخراط الاتحاد الأوروبي في جهود التهدئة ليس من باب مناكفة الولايات المتحدة، بل استنادًا إلى حسابات المصالح المشتركة مع مصر، والتي تُمثل حجر زاوية في أمن واستقرار المنطقة.