خاص| السودان بين عودة الدولة ورفض الهدنة.. رسائل الخرطوم ومعادلة الحسم العسكري

تقارير وحوارات

السودان - الفجر
السودان - الفجر

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد السوداني، تتباين القراءات السياسية بين دلالات عودة الحكومة إلى الخرطوم، وجدلية الهدنة والحسم العسكري. 

وفي هذا السياق، يقدّم محللان سياسيان سودانيان رؤيتين تعكسان نبض الشارع ومآلات الصراع، بين استعادة الدولة لمركزها، ورفض المقاربات الدولية التقليدية للأزمة.


مصعب محمود: عودة الحكومة إلى الخرطوم رسالة انتصار وتكامل بين الدولة والمجتمع

قال المحلل السياسي السوداني مصعب محمود إن عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة الخرطوم تمثل مؤشرًا واضحًا على ما تحقق من انتصارات ميدانية خلال الفترة الأخيرة، وتعكس في الوقت ذاته بداية مرحلة جديدة من استعادة الاستقرار وعودة الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها.

وأوضح محمود لـ«الفجر»، أن عودة النشاط إلى الخرطوم تحمل العديد من الرسائل السياسية والمجتمعية المهمة، في مقدمتها وجود حالة من التكامل والتكافل بين الحكومة والشعب، مؤكدًا أن العاصمة تظل الخيار الوحيد ولا بديل عنها، باعتبارها رمز الدولة ومركز إدارتها وسيادتها.

مصعب محمود - الفجر 
مصعب محمود - الفجر 

وأشار إلى أن المواطنين سبقوا مؤسسات الدولة في العودة إلى الخرطوم، وهو ما يعكس تمسك المجتمع السوداني بعاصمته وإصراره على استعادة الحياة رغم الظروف الصعبة، لافتًا إلى أن عودة الحكومة جاءت لاحقًا استجابة لهذا الحراك المجتمعي الطبيعي.

وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد رسائل متعددة للداخل والخارج، أبرزها تأكيد قدرة الدولة على استعادة حضورها في العاصمة، إلى جانب إطلاق عدد من المشروعات الحيوية التي تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية وتلبية احتياجات المواطن السوداني، تمهيدًا لمرحلة التعافي وإعادة البناء.


فضل الله رابح: لا مؤشرات على قبول هدنة والحسم العسكري خيار تفرضه معادلة الميدان

من جانبه، قال المحلل السياسي السوداني فضل الله رابح إن الأوضاع الأمنية والعسكرية الراهنة في السودان لا تُهيئ الأجواء للقبول بأي هدنة، موضحًا أن غالبية التقديرات ترى في الهدنة المحتملة فرصة للمليشيا لإعادة التموضع وتأمين أوضاعها وتعزيز قدراتها العسكرية، بدلًا من أن تكون مدخلًا حقيقيًا لإنهاء الصراع.

وأوضح رابح لـ«الفجر»، أن خروج السودانيين في مسيرات داعمة للجيش الوطني يعكس حالة واسعة من الانسجام بين المجتمع والمؤسسة العسكرية، ويؤكد رغبة الشارع في الحسم العسكري وتثبيت الثقة في قدرة الجيش والسلطة التنفيذية الحالية على إدارة ملفات الدولة، مشددًا على أن هذه الرسائل الشعبية يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند طرح أي مبادرات لحل الأزمة.

وأضاف أن ملف الهدنة ينبغي قراءته في إطار الدبلوماسية الأمنية والسيادية، لما يحمله من دلالات مهمة للمجتمع الدولي، أبرزها أن قرار تجاوز الأزمة السودانية بات خيارًا داخليًا يستند إلى الدعم الشعبي الواسع للجيش وإسناد خياراته الميدانية.

وأكد رابح أن اختزال الصراع في كونه نزاعًا على السلطة يمثل خللًا مفاهيميًا، موضحًا أن ما يجري في السودان هو مواجهة وجودية حول مركز الدولة القومية، داعيًا إلى الاعتراف بالسلطة الشرعية الحالية، وعلى رأسها الجيش والقوى المتحالفة معه.

فضل الله رابح - الفجر 
فضل الله رابح - الفجر 

وختم بالقول إن أي أطر تفاوضية تساوي بين الجيش والمليشيا لن تحظى بقبول شعبي، ولن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الأزمة، معتبرًا أن أي حديث جاد عن هدنة أو مسار للحل يجب أن يبدأ بإعادة تعريف طبيعة الأزمة والشرعية في السودان ومن يمثلها.