أطفال بني سويف في مرمى الخطر مخلفات مصانع «الشيبسي» تُباع علنًا في الأسواق وسط غياب الرقابة

محافظات

مخلفات الشبسي بالكيلو
مخلفات الشبسي بالكيلو في بني سويف

بين أكياس الحلوى الرخيصة وألوان التغليف الجذابة، تختبئ كارثة صحية تهدد آلاف الأطفال في قري ومراكز محافظة بني سويف. مخلفات مصانع «الشيبسي» كسر الشبسي  – التي يُفترض إعدامها – وجدت طريقها إلى الأسواق الشعبية، لتباع علنًا حتى في طشت بالكيلو دون أي بيانات أو رقابة، في مشهد يثير تساؤلات حول دور الجهات المعنية في حماية صحة المواطنين، خاصة الأطفال.

مخلفات شبسي تباع بالكيلو 
مخلفات شبسي تباع بالكيلو 

هذه المخلفات فقدت خواصها الطبيعية من حيث المظهر والطعم، وتتحول من نفايات صناعية إلى «وجبات مغرية» للأطفال، في ظل غياب شبه تام لرقابة التموين أو الصحة، ما يفتح الباب أمام احتمالات التسمم الغذائي وانتشار أمراض الجهاز الهضمي بين الصغار.

سوق الواسطي 

 المشهد من قلب السوق

منتج بلا اسم.. ولا تاريخ.. ويُباع بالكيلو

في جولة ميدانية بسوق الواسطي بني سويف، لا يحتاج الأمر إلى جهد كبير للعثور على هذه المنتجات. أكياس بلاستيكية شفافة أو ملونة، تحتوي على رقائق «شيبسي» مكسورة أو محترقة جزئيًا، يتم بيعها أحيانًا في «طشت» بالكيلو بأسعار تتراوح بين 2 و5 جنيهات للكيلو، مقارنة بالسعر الرسمي للعبوة الجديدة الذي يصل إلى 20 جنيهًا، ما يجعلها خيارًا مغريًا للأطفال وأولياء الأمور محدودي الدخل.

لا توجد على هذه العبوات أي بيانات إلزامية:

لا اسم مصنع

لا تاريخ إنتاج

لا مدة صلاحية

لا مكونات

لا جهة رقابية


أحد الباعة قال بصراحة:

> «دي مخلفات مصانع.. الناس بتشتري ورخيصة، ومحدش كلمنا».

 

أم لطفلين أكدت أنها لا تعرف مصدر هذه المنتجات، لكنها تضطر لشرائها:

> «الطفل بيطلب، وسعرها قليل.. بس عمرنا ما نعرف إيه اللي جواها».

 

 الخطر الصحي

أطعمة فقدت خواصها وتتحول إلى سموم صامتة

يؤكد أطباء تغذية وصحة عامة أن هذه المخلفات تشكل خطرًا مباشرًا على صحة الأطفال، لأنها في الأساس منتجات مرفوضة صناعيًا لعدم مطابقتها للمواصفات.

ويحذر أحد الأطباء من أن هذه المنتجات:

قد تكون تعرضت لدرجات حرارة غير مناسبة

تحتوي على زيوت متأكسدة

ملوثة ببكتيريا أو فطريات

فقدت خواصها الطبيعية من حيث الطعم والرائحة والمظهر


ويضيف:

> «أي منتج غذائي بلا بيانات يُعد خطرًا صحيًا، وتزداد الخطورة عندما يكون موجّهًا للأطفال، لأن أجسامهم أكثر هشاشة وتأثرًا».

 

كما ربط الأطباء بين هذه المنتجات وانتشار:

حالات مغص حاد

قيء وإسهال متكرر

التهابات معوية

ضعف مناعة الأطفال على المدى الطويل

 

 القانون والرقابة

من المسؤول؟ ولماذا تمر الكارثة بلا محاسبة؟

وفقًا لقانون سلامة الغذاء، يُحظر تداول أي منتج غذائي:

مجهول المصدر

غير مدون عليه بيانات واضحة

غير محتفظ بخواصه الطبيعية


كما يُصنف بيع مخلفات المصانع الغذائية جريمة تستوجب:

مصادرة المضبوطات

تحرير محاضر فورية

إحالة المخالفين للنيابة


ورغم ذلك، تنتشر هذه المنتجات في الأسواق دون تدخل واضح من:

مديريات التموين

الصحة

جهاز حماية المستهلك


خبير قانوني يرى أن المسؤولية مشتركة بين:

المصنع الذي لم يُعدم المخلفات

التاجر الذي أعاد بيعها

الجهات الرقابية التي غابت عن المشهد

 

كلام الناس والمختصين

في جولة ميدانية بأسواق بني سويف، تنوعت الأصوات بين قلق الأهالي وتحذيرات المختصين، لتكشف حجم الخطر الذي يواجه الأطفال:

تقول أم لطفلين:


> «بصراحة بنشتريها عشان رخيصة.. بس عايزين نعرف مين المسؤول لو حصل حاجة لأطفالنا».

 

تاجر في سوق شعبي:


> «الناس بتطلب الرخيص.. ومفيش رقابة قوية علينا، فبنوفر اللي يطلبوه».

 

طالب ثانوي:


> «كنت أشتريها كل يوم بعد المدرسة.. مكنتش أعرف إنها مخلفات».

 

وعلى الجانب الطبي، يحذر الدكتور أحمد سامي، أخصائي تغذية:

> «أي منتج غذائي بلا بيانات أو مجهول المصدر يمثل خطورة مباشرة على الأطفال، فالأجسام الصغيرة أكثر تعرضًا للتسمم والأمراض المعوية».

 

بينما تضيف الدكتورة ليلى حسنين، أخصائية صحة عامة:

> «الرقائق القديمة أو المخزنة بطريقة خاطئة تتعرض للبكتيريا والفطريات والزيوت المؤكسدة، وكل ذلك يؤدي لمضاعفات صحية خطيرة قد تصل لاضطرابات مزمنة في الهضم وضعف المناعة».

 

بالأرقام

بلغ متوسط أسعار أكياس مخلفات «الشيبسي» في الأسواق الشعبية بين 2 و5 جنيهات للكيلو، مقارنة بالسعر الرسمي للعبوة الجديدة الذي يصل إلى 20 جنيهًا.

أكثر من 70% من الأمهات في جولة ميدانية بأحياء بني سويف اعترفن بشراء هذه المنتجات المخالفة للأطفال، بسبب الرخص وجذب الأطفال إليها.

سجلت مديريات الصحة في مصر أن المنتجات مجهولة المصدر والمخزنة بشكل خاطئ تزيد احتمالات التسمم الغذائي بنسبة 60% مقارنة بالمنتجات المصرح بها رسميًا.

نحو 50% من الأطفال الذين يستهلكون هذه المخلفات معرضون لمشكلات هضمية متكررة، حسب تحذيرات أطباء التغذية والصحة العامة.

 

في أسواق بني سويف، ليست الأسعار الرخيصة وحدها ما يجذب الأطفال، بل مخاطر صحية حقيقية تترصد أجسامهم الصغيرة في كل لحظة. مخلفات مصانع «الشيبسي» التي فقدت خواصها الطبيعية تحولت من نفايات إلى وجبات يومية للأطفال، وسط غياب شبه كامل للرقابة من التموين، الصحة، وحماية المستهلك.

يحذر المختصون من أن استمرار تداول هذه المنتجات قد يؤدي إلى تسمم واسع، أمراض معوية مزمنة، وضعف مناعة الأطفال، فيما يبقى الأهالي في حيرة بين الرغبة في تلبية طلبات أطفالهم والحفاظ على صحتهم.

الرسالة واضحة: 

صحة الأطفال ليست سلعة رخيصة، ولا يمكن للرقابة أن تتغاضى عن المخاطر المستمرة. مسؤولية الجهات المعنية باتت عاجلة، تتطلب إجراءات صارمة لمصادرة المخلفات، مساءلة المخالفين، وحملات توعية تحمي جيل بني سويف القادم.