انقلاب عسكري يطيح بالرئيس باتريس تالون… تفاصيل المشهد وتاريخ الرجل الذي هزّ غرب إفريقيا

تقارير وحوارات

إنقلاب بنين- الفجر
إنقلاب بنين- الفجر

شهدت دولة بنين صباح اليوم حدثًا سياسيًا غير مسبوق، بعد أن أعلنت مجموعة من الضباط عزل الرئيس باتريس تالون عبر التلفزيون العمومي، في خطوة تحمل تداعيات واسعة على الاستقرار الإقليمي في غرب إفريقيا.

انقلاب مفاجئ يهز العاصمة كوتونو

ظهر المقدم باسكال تيغري على شاشة التلفزيون الرسمي معلنًا نفسه رئيسًا لـ "اللجنة العسكرية من أجل إعادة التأسيس". وأكد أن القوات المسلحة "وضعت حدًا" لحكم الرئيس تالون المستمر منذ عام 2016.

لم يكشف البيان العسكري عن طبيعة المرحلة الانتقالية أو الخطوات المقبلة، فيما التزمت الحكومة والرئيس الصمت الكامل، ما زاد الغموض المحيط بالمشهد السياسي.

إطلاق نار قبل الإعلان العسكري

قبل بث البيان، سُمع إطلاق نار كثيف في معسكر غيزو قرب مقر إقامة الرئيس تالون. وأكدت مصادر محلية، نقلًا عن وكالة فرانس برس، أن وحدات عسكرية انتشرت في محيط القصر الرئاسي، وسط حالة توتر غير مسبوقة.

المشهد أظهر أن ما حدث لم يكن مجرد انقلاب تقليدي، بل تحرك مُحكم داخل المؤسسة العسكرية.

غرب إفريقيا… منطقة لا تهدأ

يأتي انقلاب بنين بعد أقل من أسبوعين على محاولة انقلابية في غينيا بيساو، ليضاف إلى سلسلة انقلابات اجتاحت المنطقة خلال السنوات الأخيرة:
مالي، بوركينا فاسو، النيجر، الغابون، وتشاد بنسخ مختلفة.

هذه السلسلة تُبرز:

ضعف الأنظمة المدنية

تصاعد نفوذ الجيوش

تراجع الثقة الشعبية

ازدياد التدخلات الدولية المتنافسة


ويرى محللون أن دول غرب إفريقيا دخلت مرحلة "عدوى الانقلابات" نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية لم تُعالَج جذريًا.

ردود الفعل الدولية… صمت حذر

حتى لحظة إعداد التقرير، لم يصدر موقف رسمي من الاتحاد الإفريقي أو منظمة “إيكواس”، التي سبق أن واجهت انقلابات مالي والنيجر بإجراءات صارمة، ما يفتح تساؤلات حول قدرتها على التعامل مع موجة جديدة من الانقلابات.

ماذا بعد الانقلاب؟

السيناريوهات المحتملة خلال الساعات والأيام المقبلة تشمل:

إعلان فترة انتقالية برئاسة اللجنة العسكرية

تحرك سياسي أو شعبي مؤيد للرئيس المخلوع

وساطات إقليمية لاحتواء الأزمة

احتمالات تصاعد الصراع بين أجنحة داخل الجيش


وتظل أبرز علامة استفهام: أين الرئيس باتريس تالون الآن؟
حتى اللحظة، لم يظهر في أي تصريح أو مكان عام.


من هو الرئيس تالون؟

يُعد باتريس تالون، المولود في 1 مايو 1958 بمدينة أبومي، واحدًا من أبرز رجال الأعمال الذين تحولوا إلى قيادة دولة في غرب إفريقيا. بدأ مسيرته المهنية عام 1983 بأنشطة بسيطة في مجال التغليف والمواد الزراعية، قبل أن يبني خلال عقود قليلة إمبراطورية اقتصادية ضخمة في الصناعات الزراعية والغذائية والخدمات اللوجستية والمرافئ والفنادق، ليحصل على لقب «ملك القطن» بوصفه أكبر مستثمر في القطاع. دخل تالون عالم السياسة من بوابة الانتخابات الرئاسية عام 2016 مرشحًا مستقلًا، فحلّ ثانيًا في الجولة الأولى ثم فاز في الجولة الثانية بنسبة 65%، ليتولى الرئاسة في أبريل من العام نفسه ويُعاد انتخابه في 2021. ورغم إطلاقه برنامجًا واسعًا لإصلاح الدولة وتطوير البنية التحتية وتحسين قطاعات المياه والطاقة والتعليم، واجه انتقادات متزايدة تتعلق بتراجع الحريات وتضييق المجال السياسي. وفي مارس 2025 أعلن عدم ترشحه لولاية ثالثة، على أن يغادر منصبه في أبريل 2026، إلا أن مسيرته السياسية انتهت بشكل درامي بعدما أطاح به انقلاب عسكري في 7 ديسمبر 2025 قبل خمسة أشهر فقط من نهاية ولايته.

في النهاية ما يحدث في البنين يُعد تطورًا خطيرًا ينسجم مع موجة الانقلابات التي تضرب غرب إفريقيا. وفي قلب الحدث يقف الرئيس باتريس تالون، رجل الأعمال الذي صعد إلى قمة السلطة، لكنه خرج منها على يد المؤسسة العسكرية.

التطورات القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت البنين ستدخل مرحلة انتقالية هادئة… أم دوامة جديدة من الصراع.